الجمعة 26 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد الناجي: دراما رمضان... جبان كُلُوبان

سعيد الناجي: دراما رمضان... جبان كُلُوبان سعيد الناجي
(تنبيه: نعلم أن كل ما يكتب عن دراما رمضان لن يغير شيئا، نحن نكتب من أجل متعة الكتابة فقط)
في ليلة أرق رمضاني، فكرت أن جحافل أفلام ومسلسلات دراما رمضان التي  يقدمها التلفزيون المغربي شبيهة بحلوى جبان كلوبان التي كانت تنتشر في الأحياء الشعبية على طفولتنا. 
 كان صانع الحلوى  يلف عجين السكر الدافئ على العود الكبير، قبل أن يبدأ في التجول وبيع أقساطه للأطفال. وطبعا حلوى جبان كلوبان تعجب الأطفال كثيرا، ولكنها لا تعجب الكبار والعقلاء... هي حلوى ... ولكنها في النهاية سكر خالص ولا شيء غير ذلك...
ورمضان أصبح مناسبة تلف عليها القنوات التلفزية نخبة ما أنتجته عبر موسم كامل...
لقد تطورت صناعة الدراما ببروز مخرجين متمرسين وممثلين أكفاء وكتاب سيناريو على الأقل تمرسوا قليلا... والإنتاجات  الدرامية فيها الكثير من الغث وقليل من السمين... وإن كانت الفكاهة هي الضحية الأولى لرمضان في المغرب.
ولكن، هل هذه الدراما كافية؟ هل تقدم أعمالا كبيرة وخالدة؟ هل تقدم عظمة المغرب تاريخيا وثقافيا؟ 
للأسف لا ... كل الإنتاجات سيلفها النسيان يوم العيد أو قبله... لا نملك مسلسلا مثل ليالي الحلمية ... أو مثل الاختيار  المصري ... لا شيء على شاشاتنا يدوم...
كل الدراما الرمضانية ما تزال رهينة معطف سعيد الناصري وسلسلته "أنا وخويا ومراتو"... كل الإنتاجات تبحث عن موضوع اجتماعي يستقطب المشاهدين... الكل يدور حول العائلة أو الدرب أو الصداقة، الزواج أو الثروة أو الإرث... كل ما يستقطب الفقراء  الذين يشربون الحريرة ويحلمون بالثروة ... والكل منذور للنسيان
لهذا طبيعي أن نشكو من مسلسل "فتح الأندلس" ليس لأنه فيه أخطاء، ولكن لأن المغاربة هم الأحق بإنتاجه وتقديمه للآخرين.. ومثل ما ترجم المشارقة أكثر الروايات الإسبانية والأمريكولاتينية شهرة قبل المغاربة، وسبقوا المغاربة إلى تصوير مسلسل "ملوك الطوائف" سيسبقونهم إلى قصة "فتح الأندلس"... وهذا هو الغبن المغربي الخالص..
أعتقد أن الدولة في المغرب لا تملك ثقة في صناع المسرح والدراما لتقديم مسلسل من تاريخ المغاربة مثل فتح الأندلس... لأن تقديم مسلسلات من هذا النوع على الشاشة المغربية لا يغيب عنه القرار السياسي مهما بدا الأمر فنيا محضا
وفي خضم دراما جبان كلوبان... يبدو لي أن بعض الفنانين يليق بهم أن يختاروا التقاعد الإرادي اختيارا ، فقد بلغ بهم التكرار حدا لا يطاق... كما يليق بالفنانين الدفاع عن تجديد النخب الفنية المشاركة في الدراما... وهذا سؤال آخر ... جوابه عند الفنانين أنفسهم
ولكني  كنت أحس بالغبن دائما حين كنت أشاهد ممثلين من عيار عالمي كبير مثل الراحلين محمد بسطاوي أو محمد مجد، أو مثل محمد خويي وسعيد باي ورشيد الوالي وغيرهم ينزلون للمشاركة في مسلسلات بسيطة للغاية وعادية... فعلا ... المغرب هو الوحيد الذي يقدم ممثلا مسرحيا كبيرا في إنتاج درامي هزيل بكل مكوناته
لهذا، رغم سمين هذه الدراما ورغم غثها والأخير أكثر... ستبقى مثل حلوى جبان كلوبان، براقة تستقطب الأطفال أكثر، حلوى من عجين سكر عادي... لكنه يرفع نسبة السكر في الدم.... اما العود... فتلك قصة أخرى...