الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

محمود التكني: الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه أولا وتحديد الموقف من الحل ثانيا

محمود التكني: الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه أولا وتحديد الموقف من الحل ثانيا محمود التكني
حسب المنطق والقانون لا يمكن المنازعة حول الشئ دون وجود علاقة ثبوتية تربطك به، والصراع حول الصحراء المغربية كما نعلم صراع ظل مفتعلا لما يقرب نصف قرن من الزمن، لهذ نطلب من الدول التي تؤمن بقضيتنا الاعتراف أولا بسيادتنا على صحرائنا وبعدها تحدد موقفها من الحل الذي حددته المبادرة الملكية للحكم الذاتي. وقد عبرت عن ذلك الولايات المتحدة الأمريكية مشكورة بقرارها الشجاع أواخر سنة 2020 حيث عملت على تشطيب خط العار من الخريطة المغربية. 

إن تثمين إسبانيا للمبادرة الملكية للحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب سنة 2007 يبقى موقفا شجاعا رغم تأخره، وقد حدد خارطة الطريق لعلاقة جديدة بين البلدين تثير جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك. وحكومة مدريد مطالبة اليوم بتطبيق القانون الدولي في ما يخص ترسيم الحدود البحرية بين البلدين بحيث لا يمكن لأي عاقل أن يجد  تراب إسبانيا على بعد عشرات الأمتار من شاطئ الصفيحة بمدينة الحسيمة  أو من شاطئ رأس الماء قرب مدينة السعيدية. 

إن فتح علاقة جديدة مع إسبانيا يشترط احترام السيادة المغربية، ونحن نعلم أن هذا القرار إنما جاء عن اقتناع تام بعدم معاكسة المصالح المغربية خصوصا وأن مغرب الأمس قد ولى وذلك بفضل الثورة الهادئة التي يقودها سبط الرسول ملكنا محمد السادس دام له النصر والتمكين.

وفي قراءة لتوقيت تغيير إسبانيا موقفها نجد أنه جاء بعد سنتين من اجتياح فيروس كورونا العالم ومنذ ذلك الحين والحدود مغلقة بين المغرب وإسبانيا، مما أثر عليها اقتصاديا و كبدها مجموعة من الخسائر المادية كادت أن تزعزع الاستقرار الاجتماعي بجنوب المملكة الإيبرية. أضف إلى ذلك أن سياق مراجعة المواقف  تزامن مع الترتيب لعملية عبور مرحبا 2022، والجميع يذكر ما حدث في عملية 2021  حين شل اقتصاد موانئ إسبانيا وضربت البطالة أطنابها في هذه المنشآت الحيوية التي تعيش على انتعاش حركة العبور خصوصا مع بداية الصيف ونشاط حركة الملاحة البحرية، و لا يجب أن نقصي من الحسبان الأزمة الاقتصادية العالمية التي يعرفها العالم بسبب الحرب بين روسيا و أوكرانيا و تأثيرها على إمداد القارة الأوربية بالغاز وأنواع الطاقة الحيوية التي لا غنى لأوربا عنها، خصوصا في مواسم البرد وكذا إمداد مجموعة من الدول التي لم تصل إلى مستوى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح وغيره من الحبوب الضرورية لمجموعة من الصناعات الغذائية. هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تعقل إسبانيا وتحكيم منطق العقل والمصلحة المشتركة والجوار الحسن.  فاختارت أن تراجع مواقفها الضبابية المناوئة لمصالح جارها الجنوبي لتصبح شريكا موثوق بالنسبة للمغرب، هكذا بادرت في هذه الظرفية الحساسة إلى تثمين مبادرة الحكم الذاتي بالصحراء المغربية. غير أن هذا الموقف وحسن النية لحكومة مدريد يجب أن يجسد على أرض الواقع لا أن يبقى مجرد ابتسامات يتم توزيعها أثناء الزيارات المتبادلة.

ولقد حان الوقت للجزائر أن تستوعب الدرس وتلتقط ما يكفي من الإشارات وتحدو نفس الطريق بأن تعترف بالسيادة المغربية على صحرائه للطي النهائي لهذا الملف الذي عمر طويلا كي تنطلق المنطقة المغاربية نحو الازدهار المطلوب وتجني ثمار الوحدة و التعايش السلمي بين شعوب مزقت أوصالها الآلة السياسية المقيتة والحقد الدفين للعقلية العسكرية لبلد الجوار.