مع وصول الحزب النازي للحكم في ألمانيا بقيادة أدولف هتلر سنة 1932 وإعادة بناءً الجيش الألماني وإطلاق عجلة التصنيع الحربي، والذي أفضى إلى ترسانة عسكرية ضخمة ومتطورة سرعان ما تحولت إلى قبضة حديدية تفتك بجيوش دول أوروبا وتحيي أمجاد ماضي الإمبراطورية الألمانية والعرق الآري، كان من الواضح للقيادة السوفياتية أنه سوف يأتي ذاك اليوم الذي يلقي فيه هتلر بكل العهود والمواثيق التي وقعها مع الاتحاد السوفياتي عرض الحائط بسبب حاجة الصناعة الألمانية لما يملكه الاتحاد السوفياتي من خامات. بالرغم من الاتفاقات والمعاهدات قضمت ألمانيا دول أوروبا الواحدة تلو الأخرى واقتربت جيوشها من الحدود الغربية للاتحاد السوفياتي. اتجهت الحكومة السوفياتية إلى حكومة فنلندا بطلب عقد معاهدة عدم اعتداء ودفاع مشترك، كان غرض السوفيات من ذلك حماية مدينة لينينغراد، عاصمة القياصرة والمدينة الصناعية ومركز الثقافة والتاريخ الروسي من احتمال عملية التفاف تقوم بها الجيوش الألمانية عن طريق فنلندا، في ما إذا نشبت حرب بين الاتحاد السوفياتي وألمانيا، إذ كانت لينيغراد تبعد عن الحدود الفنلندية 50 كم وكان السوفيات على يقين بأن الحرب قادمة لا محالة وأنها مجرد عملية وقت لا غير. رفض الفنلنديون العرض بحجة أنه تربطهم بألمانيا اتفاقات عسكرية تحول دون ذلك، عندها عرض السوفيات استبدال أرض بأرض تقتطع من جمهورية كاريليا المحاذية لفنلندا والتابعة للاتحاد السوفياتي مقابل جزء من الأرض الفنلندية المتاخمة للينينغراد. رفض الفنلنديون العرض. 1939 انطلقت شرارة حرب حدودية بسبب تعرض وحدات حرس حدودي سفياني لإطلاق نار الكل أنكر مصدره. تقدمت القوات السوفياتية دافعة أمامها الجيش الفلندي، تنادت مثل اليوم دول أوروبا، وخاصة بريطانيا، وقدمت مساعدات عسكرية، ولكن إصرار السوفيات كان له الغلبة ولم يصمد خط مينغريم طويلا. كانت خسائر الجيش السوفياتي كبيرة جدا مقارنة مع نظيره الفنلندي، ولكن المدافع الثقيلة والثقيلة جدا دمرت خط مينغريم ودفعت الجيش الفنلندي إلى مسافة أبعد من 170 كلم. توقف القتال رأى فيه الفنلنديون صمودا وحيلولة دون توغل السوفيات أكثر في الأراضي الفنلندية وحقق فيه السوفيات الغرض المخفي للحرب، رسمت الحدود من جديد واكتفى السوفيات بما نالوا.
فهل التاريخ يعيد نفسه؟
فهل التاريخ يعيد نفسه؟
عبد الحميد الشعباني / رجل أعمال ليبي مقيم بروسيا