الجمعة 26 إبريل 2024
منبر أنفاس

أمين بوشعيب: المغرب يضيف سنة عجفاء أخرى إلى رصيده

أمين بوشعيب: المغرب يضيف سنة عجفاء أخرى إلى رصيده أمين بوشعيب
لا أريد في مقالتي هاته، أن أرسم صورة قاتمة عن الوضع السياسي والاقتصادي والحقوقي بالمغرب، فطبعي يميل إلى التفاؤل، ولكن ماذا نقول ونحن نرى سنة عجفاء أخرى(2021) تُضاف إلى رصيد المملكة الشريفة، بفعل السياسات الخاطئة التي تقترفها الحكومات المتعاقبة على الحكم.
يقول أحد الشعراء:
"وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عينَ السخط تبدي المساويا"
ومعنى البيت: أن الإنسان عندما يكون راضيًا على إنسان آخر، فإنه لا يرى سوى إيجابياته، ويتغافل عن سلبياته، بل ويبحث له عن الأعذار إن كانت هناك سلبيات، فالعين كليلة أي أنها تغضّ الطرف عن كل عيب، وأما إن كان مستاء منه، فلا يرى فيه سوى العيوب الموجودة فيه.
والحق يقال أني لستُ راضيا عما يجري في وطني الحبيب، بيد أني لستُ متحاملا عليه، فكل أملي أن ينضم المغرب إلى نادي الدول الكبار، ويصبح فاعلا قويا يُضرب له ألف حساب.
تحدّثنا في مقالات سابقة عن الفساد المستشري ، وبينّا بعض جوانبه وآثاره، وحذّرنا من الأخطار التي تهدد المغرب من جرّائه، وقلنا إن الحكومات سواء الحالية أو التي سبقتها، غير معنية بمحاربة الفساد، رغم خطورة ذلك على البرامج و السياسات العمومية الموجهة للتنمية، فالفساد –وقد أجمع على ذلك كل العقلاء- أسُّ كل البلايا والمشاكل التي قد تحلّ ببلد ما، فهو يهدم الأخلاق وينخر في الاقتصاد، ويبدَّد الثروات، ويشرد المستضعفين، ويخطـف لقمة العيش من أفواه الفقراء والمحتاجين، ويتسبّب في تفشي البطالة والمخـدرات في وسط الشباب ويدفعهم إلى ركوب قوارب الموت، ويساعد في انتشار الأمراض والخمـور والعهارة والبغاء ومدن القصدير والرشوة والمحسـوبية وهلم جرّا.
في شهر نونبر من عام 2021، أصدر البنك الدولي على موقعه الرسمي تقريرا بعنوان : " المغرب عرض عام"، تحدث فيه عن مخطط الإنعاش الاقتصادي الذي أعلنه الملك محمد السادس، وعن وعود الحكومة بإصلاح المقاولات العمومية، وعن صندوق محمد السادس للاستثمار، الذي سيقوم بتوفير رأس المال للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، وبتمويل مشروعات البنية التحتية التجارية، وبتحسين نوعية الخدمات التعليمية والصحية لتعزيز رأس المال البشري؛ وبتعميق عملية اللامركزية لمعالجة التفاوتات الجهوية؛ إلى غير ذلك من المشاريع. وخلُص التقرير إلى أنه بفعل سياسات الاقتصاد الكلي، من المتوقع أن ينتعش النمو ليصل إلى 5.3% وأن يسجل الاقتصاد توسعاً بنسبة 1%.
لا شك أن علاقة البنك الدولي بالمغرب، هي كالعلاقة بين الأستاذ والتلميذ النجيب الذي لا يعصي له أمرا، وهذا ما عبّر عنه ضمنيا، نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للبنك الدولي، خلال زيارته للمغرب خلال نفس الشهر الذي صدر فيه التقرير، حيث ثمّن فعالية الإجراءات التي اتخذها المغرب، في إطار الإصلاحات الاقتصادية والأوراش الاستثمارية المفتوحة، معتبرا المملكة "نموذجا للمنطقة برمتها" ونقطة ارتكاز في مجال إرساء سياسات التنمية والإصلاحات.
لكن الجانب الخفي في الصورة، هو أن المغرب بسبب عدم قدرته على تعبئة موارد مالية إضافية تستجيب لتطور نفقات الدولة، يضطر إلى اللجوء المستمر للاستدانة من صندوق النقد الدولي، لذلك فهو مُجبَر على تنفيذ جميع إملاءات الصندوق، وهذا ما يدفع هذا الأخير إلى تدبيج عبارات يتغزّل فيها بالسياسة الرشيدة لتلميذه النجيب.
بالمقابل هناك من يرى أن "تكاليف هذه الديون تفوق بكثير الميزانيات الاجتماعية الرئيسية، وتحول دون أي تنمية اجتماعية وبشرية حقيقية، وتتحمل الفئات الشعبية والأجراء أعباء تسديدها من خلال سياسات التقشف والفقر وتجميد الأجور والبطالة والتهميش، ويرون إن هذه "الديون العمومية" ليست مجرد قروض وجب استردادها، بل هي "نظام استعباد وقهر وإخضاع للشعب ونهب واسع لثرواته من قبل الرأسمال الكبير المحلي والأجنبي.
أما أنا فأرى أن المغرب يبدو ظاهريا كتفاحة حمراء جميلة، الكل يتغنى بجمالها، لكنها من الداخل منخورة بفعل السوس والتعفّن، وأن سقوطها بات وشيكا، إن لم يتداركه الله بعنايته ورحمته.
وعلى كل حال فالأحداث التي عرفها المغرب خلال سنة 2021 كثيرة، وهي بالمناسبة أحداث مؤسفة، بل إن منها ما هو مُخزٍ ومُذل، وستكون لنا وقفة معها في مقالات قابلة بإذن الله.
فلاش:
جرت العادة أنه كلما مضى عام، وأقبل عامٌ جديد، أن يتبادل الناس عبارات التهنئة، يتمنّى بعضهم لبعض عاما جديدا مُحمّلًا بالفرح والأمل، متفائلين بالغد الأجمل، ناسين أو متناسين كل أيام الشقاء والألم التي طبعت السنة التي مضت. وبهذه المناسبة أتمنى لمغربي الحبيب، الخير والنماء، ففيه أشعر بدفء الأمن والأمان، وطمأنينة الاستقرار. لأنني -مهما يكن- ما زلت ألمح في الأفق شيئا من أمل، "فغدا ستنبت في جبين الأفق نجمات جديدة، وغدا ستورق في ليالي الحزن أيام سعيدة" وإلى اللقاء.