الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

محمد بوبكري: خطاب جنرالات الجزائر المعادي للمغرب ينطوي على تناقضات صارخة

محمد بوبكري: خطاب جنرالات الجزائر المعادي للمغرب ينطوي على تناقضات صارخة محمد بوبكري
يرى أغلب الملاحظين الدوليين أن موقف حكام الجزائر من المغرب هو موقف واه لا يقوم على أي أساس، ولا على حجج ملموسة، لأن جنرالات الجزائر سقطوا في تناقضات تنسف كل مواقفهم وقراراتهم وخططهم، وهم يسعون من وراء ذلك إلى التضليل لإخفاء نواياهم الحقيقية التي تستهدف المغرب، ما دفعني إلى استخلاص أنه كان على المغرب أن يوجه إليهم تهما كثيرة ، لكنه لم يفعل، فظل في مرمى مؤامراتهم التوسعية لعقود... ويعود عدم طرح المغرب للاعتداءات المتكررة لحكام الجزائر على وحدته الترابية، إلى تمسك المغرب بقيم حسن الجوار واحترامه للآخر، لكن ما دام هؤلاء الحكام لا يحترمون الآخر وحقوقه، فإن المغرب فضل أن يتركهم للزمن الذي سيكشف عيوبهم أمام الرأي العام الدولي، علهم يراجعون ذواتهم ويدركون كل المحن التي تسببوا له فيها، لكن مع مرور الوقت تأكد أن هؤلاء لا يمتلكون قيما تجعل ضميرهم يخزهم، فمضوا في غيهم، واكتشف العالم ظلمهم للمغرب، فأصبحوا معزولين. لقد راهن المغرب على أن القيم الكونية التي يتبناها المنتظم الدولي، ستدفع العالم للقيام برد فعل قوي لصالح المغرب وقضيته العادلة...
ويؤكد هؤلاء الملاحظون أن خطاب جنرالات الجزائر حول المغرب تخترقه تناقضات صارخة كبيرة، ما جعلهم في موقف الذي يكيل بمكيالين، حيث فقد فيهم العالم الثقة، وباتوا يعيشون في عزلة قاتلة.
لقد مد المغرب يد المصالحة لحكام الجزائر، لكنهم رفضوا ذلك، واستمروا في تآمرهم على المغرب إلى أن لسعهم الأستاذ "عمر هلال" عندما وزع مذكرة في اجتماع لدول عدم الانحياز، يرد فيها على "رمطان لعمامرة" الذي لم يحترم جدول أعمال ذلك الاجتماع، وطرح فيه حق مليشيات "البوليساريو" في تقرير المصير، فقدم "ذ عمر هلال" مذكرة يطالب فيها الجزائر بمنح شعب "القبايل" حق تقرير مصيره، لأنهم أولى بذلك من أي كان، فهم شعب عريق في الجزائر. وبعد سماع "رمضان لعمامرة" للتدخل المزلزل لسفير المغرب، تجمد لسانه في فمه، ولم يستطع الرد، لأنه كان في حاجة إلى توجيه جنرالاته.. ولما بلغ الجنرالات خبر تدخل السفير المغربي وما خلفه من صدى إيجابي في مختلف الأوساط الدولية وأوساط جزائرية، أصيب هؤلاء الجنرالات بصدمة قوية أفقدتهم الوعي، وأحدثت لديهم سعارا شديدا، فلم يعودوا قادرين على التحكم في أعصابهم، وانخرطوا في التفوه بكلام غير موزون خال من أي منطق، وفاقد لأي معنى، فاشتد جنونهم، وأصبحوا عاجزين عن التفكير في إيجاد أي مخرج لهم، لأن مذكرة السفير المغربي أصابتهم في مقتل. لذلك، قادتهم أوهامهم السياسية إلى اتخاذ قرار قطع علاقاتهم مع المغرب، والحال أنه لم تكن هناك أية علاقة بينهم وبين المغرب منذ عقود. ما جعل قرارهم بدون جدوى، لأنه لن يلحق أي ضرر بالمغرب، عدا أنه قرار ظالم، من الناحية الإنسانية، في حق المواطنين الجزائريين والمواطنين المغاربة الذين لهم أسر وأحباب في كلا البلدين، ويحرم الشعبين الجزائري والمغربي من التلاقي لتعميق أواصر الأخوة بينهما. ويبدو لبعض المتتبعين الجزائريين أن حكام الجزائر يرفضون قطعا أي تواصل بين الشعبين، لأن ذلك سيمكن الشعب الجزائري من اكتشاف الإنجازات التنموية للمغرب، ما قد يدفع الشعب الجزائري إلى التمرد عليهم، لأنه يدرك أن للجزائر عائدات ضخمة لا ينفقونها على تنمية البلاد. وهذا ما جعل المتتبع يستنتج، بسهولة ومن تلقاء نفسه، أن المغرب لم يفقد شيئا، بل إن حكام الجزائر منحوه فرصة للتخلص من أي التزام معهم، حيث صار صعبا عليهم الاستمرار في القيام بمناوشات ضده. أضف إلى ذلك، أن المغرب كان صادقا في رغبته في المصالحة مع حكام الجزائر عندما مد يده إليهم، وقد قام بذلك لاعتبارات إنسانية فقط لأنه كان يرغب في التعاون معهم. ثم إن المغرب لا يهاب أحدا، بل إنه كرس وقته، واستعمل خياله وعقله وحكمته لتطوير مشاريع تنموية لتوفير كل الشروط الذاتية والموضوعية التي تقويه، وتجعله مستقلا في قرارته، وليس تابعا لأحد. وهذا ما جعله مستعدا لكل الاحتمالات، بما في ذلك القدرة على رد أي هجوم عليه، بهجومات أقوى منه، لأنه استفاد من دروس التاريخ، واشتغل على ذاته، وأهلها للقيام بذلك...
يدعي حكام الجزائر أنهم قد قرروا قطع علاقاتهم مع المغرب، لأنه أقام علاقات مع إسرائيل، لكن هذا كلام مجانب للصواب، لأنه صار معلوما اليوم أن حكام الجزائر سعوا لعقود من أجل تطبيع علاقاتهم مع إسرائيل، فرفض المسؤولون الإسرائيليون كل العروض المغرية التي تقدم بها "رمضان لعمامرة" وأسياده. لذلك، ألا يخجل هذا الأخير مما يدعيه؟ ألم يحضر اجتماعات عديدة إلى جانب "عبد العزيز بوتفليقة" وآخرين انعقدت في مختلف البلدان الأوروبية مع مسؤولين إسرائيليين؟ ألم يعرض عليهم الجانب الجزائري كل شيء، ولم يحتفظ لنفسه بأي شيء؟ ألم يمنح الجانب الجزائري إلى الجانب الإسرائيلي حق التصرف في كل شيء تمتلكه الجزائر، شريطة عدم مساندة إسرائيل لشرعية المغرب على صحرائه؟ ألا يؤكد ذلك حقد جنرالات الجزائر على المغرب؟ وإذا كان ذلك صحيحا، ألا يدل على أن هؤلاء الجنرالات يعانون من مرض نفسي اسمه "عقدة المغرب"، التي أصابتهم بسعار لا علاج له؟
يبدو لي أن حكام الجزائر يتوهمون أنهم أساس شرعية وجود إسرائيل، لكن ألا يعلمون أن لإسرائيل شرعية دولية، حيث لا يمكنه منعها من حقها في الوجود؟ ألا يعلم هؤلاء أن المغرب لا يمكنه منحها شرعية الوجود؟ ألا يعلم هؤلاء أن سيدتهم روسيا تعترف بهذه الدولة، بل إنها تقدسها؟...
وإذا كان حكام الجزائر يسعون إلى حرمان إسرائيل من عضوية "ملاحظ" في الاتحاد الإفريقي، فعليهم الانسحاب من هذا الاتحاد إذا فشلوا في تحقيق مسعاهم. وإذا كانوا يعادون كل من أقام علاقة مع إسرائيل، فلماذا لا يسعون إلى التشطيب عليها من عضوية الأمم المتحدة؟ ولماذا لا ينسحبون من الأمم المتحدة إذا فشلوا في ذلك؟ ولماذا لا يقطعون علاقاتهم مع فرنسا، وبريطانيا وألمانيا وروسيا... بحجة أن لها كلها علاقات مع إسرائيل؟ إضافة إلى ذلك، إذا قرر حكام الجزائر قطع علاقاتهم مع كل الدول التي تربطها علاقات بإسرائيل، فعليهم أن يسحبوا سفراءهم من كافة بلدان العالم، الأمر الذي سيؤكد جنونهم. وهذا ما يقتضي منهم الانسحاب من الكرة الأرضية. فضلا عن ذلك، فلماذا لا يقطعون علاقاتهم مع أسيادهم الأتراك، الذين تجمعهم علاقات متينة مع إسرائيل؟ ولماذا لا يقطعون علاقاتهم مع مصر ودول الخليج التي تجمعها علاقات طبيعية مع إسرائيل؟... تؤكد الأجوبة على هذه التساؤلات أن جنرالات الجزائر يعانون من الغباء والجهل، وأنهم لا يعرفون أي شيء العالم الذي يعيشون فيه، وليست لهم أي معرفة بالعلاقات الدولية راهنا، ما يؤكد انهم لا يتوفرون على أية أهلية لقيادة الجزائر الشقيقة...
فوق ذلك، ألا توجد جالية مغربية يهودية في إسرائيل؟ وهل يمكن للمغرب أن يتخلى عن جالياته في المهجر؟ ألم يوجد اليهود المغاربة في المغرب قبل مجيء الإسلام؟ أليسوا أقدم من العرب والمسلمين في المغرب؟ وهل يمكن للمغرب أن يحرمهم من الجنسية المغربية؟ ألا يتناقض هذا مع مختلف المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان؟ إن المغرب متمسك بجالياته التي تعيش في مختلف البلدان، بل إنه يفتخر بإنجازاتها، وإسهاماتها في رقي بلدان المهجر التي تعيش فيها. لذلك فهو لا يمكن أن يتخلى عنها. ومادام للمغرب علاقات مع كل الدول التي توجد فيها جالياته، فإن هذا يقتضي منه أن تكون له علاقة مع إسرائيل. لذلك، فلا يمكن لأحد أن يفصل المغرب عن جالياته؛ فالمغرب يثق في جالياته في كل دولة من دول العالم، لأنها تعمل ما وسعها لخدمة وطنها الأصلي المغرب، ما يعني أن الثقة متبادلة بينه وبين جالياته في مختلف بلدان المهجر. هكذا، فإنه لا يمكن لأي كان أن يفصل بين المغرب وجالياته في المهجر. ومادام المعرب متشبثا بوحدته الترابية، فإنه متشبث بكل المغاربة المقيمين في المهجر، ولا يمكنه أن يتخلى عنهم...
فضلا عن ذلك، فالمغرب بلد "إمارة المؤمنين"، حيث يعتبر الملك أميرا لكل المؤمنين من مختلف الديانات التوحيدية، لأنهم بايعوه أميرا لهم، ما يلزمه بحمايتهم على قدم المساواة، حيث لا فرق بين هذا وذاك. لذلك، فقد ساد التسامح بين المغاربة بمختلف دياناتهم، حيث تعايشوا بسلام، ولم يقم أحد بالاعتداء على أحد، لأن فكرة "إمارة المؤمنين تمنع ذلك... وهذ ا ما يفسر السلام السائد في المغرب منذ قرون.
وفي ارتباط بما سبق، فهل يدعم حكام الجزائر الشعب الفلسطيني؟ وما هي المشاريع الاجتماعية التي أقاموها في الضفة والقطاع؟ وفي مقابل ذلك، ألم يقم المغرب بإقامة مشاريع اجتماعية في الضفة والقطاع؟
هكذا، فإذا كان حكام الجزائر يدعون إلى مقاطعة إسرائيل؟ وهل بهذه المقاطعة يمكن تحقيق حقوق الشعب الفلسطيني؟ ألن تنعكس هذه المقاطعة سلبا على الشعب الفلسطيني؟ وهل المقاطعة هي الحل؟ وهل ستؤدي المقاطعة إلى الحوار؟ وهل يمكن حل القضية الفلسطينية بدون حوار؟ أليس الحوار مدخلا لتحقيق الحق الفلسطيني؟ وإذا كان حكام الجزائر يناهضون الحوار مع إسرائيل، فهم يسيرون في الاتجاه المعاكس للشعب الفلسطيني الذي يرغب في حوار يمكنه من تحقيق حقوقه. لذلك، فإن المغرب بلد سلم، يؤمن بالحوار، لأنه يرى أن بناء المعاني النبيلة تكون عبر الحوار. فمن يريد السلام يريد الحوار، ومن لا يريد الحوار لا يريد السلام، بل إنه يدعو إلى الحرب. فهل حكام الجزائر قادرون على الحرب؟ أليس في مصلحتهم أن ينكبوا على حل المشاكل المكعبة التي خلقوها للشعب الجزائري، وصار يئن تحت وطأتها؟
ونظرا لكون الشعب الفلسطيني يريد الحوار من أجل السلام، فينبغي أن نكون مع هذا الحوار، وننخرط فيه إلى جانبه، ليس من أجل السطو على إرادته، ولكن من أجل دعمه ومساندته في حواره من أجل تحقيق حقوقه.
فوق ذلك، لقد اتهم حكام الجزائر المغرب بوقوفه وراء حركة "الماك"، التي تطالب باستقلال منطقة "القبايل" عن الجزائر. ويؤكد خبراء جزائريون مهتمون بهذا الملف أنه لم يسجل على المغرب أن قام باحتضان أي معارض جزائري، أو تمويله، أو تسليحه، أو تدريبه على استعمال الأسلحة.. أضف إلى ذلك ان المغرب لم يضع يوما وسائل إعلامه رهن إشارة أي معارض جزائري. أما فيما يتعلق بزعيم حركة "الماك" "فرحات مهني، فإنه دخل إلى المغرب مرة واحدة، بدعوة من جمعية ثقافية للمشاركة في ندوة ثقافية انعقدت بمدينة "أكادير". وخلال إقامته بالمغرب طيلة أسبوع واحد فقط، لم يسجل عليه أي اتصال بأي جهة استخبارية، أو أية جهة في الدولة، كما أنه لم يتوصل بأي دعم من المغرب، وله فقط علاقات مع جمعيات ثقافية مغربية مهتمة بقضايا اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
وإذا كان جنرالات الجزائر قد قطعوا علاقاتهم مع المغرب بسبب حركة "الماك"، فإن المغرب لا يحتضن هذه الحركة على أرضه، بل إن حكومتها مقيمة في فرنسا، التي احتضنت أعضاءها، ومنحتهم حق اللجوء السياسي. ومن الغريب أن جنرالات الجزائر يعلمون ذلك، لكنهم طلبوا من السلطات الفرنسية تسليمهم "فرحات مهني" زعيم "الماك"، وقد صدمتهم فرنسا بالرفض القاطع لطلبهم هذا، ما يعني أن حكام الجزائر ليست لهم أي مرجعية حقوقية، بل إن لهم مرجعية "استبدادية" فقط، فصاروا محط سخرية كل من الرأي العام الفرنسي، والغربي. هكذا، فهم لا يعرفون المرجعية الفكرية للنظام السياسي الفرنسي، حيث خلطوا بينهم وبينه، ما جعل السلطات الفرنسية ترفض طلبهم، لأن هذه السلطات متشبعة بفكر الأنوار، ولا يمكنها أن تنقلب عليه. هكذا فإن الديمقراطي يبقى ديمقراطيا، والمستبد يبقى مستبدا. لذلك، فما دامت الدولة الفرنسية، تحتضن "الماك" وقيادته، فعلى حكام الجزائر أن ينسجموا مع موقفهم الذي جعلهم يلجؤون إلى قطع علاقاتهم مع المغرب، حيث يجب عليهم أن يقطعوا علاقاتهم مع فرنسا، الأمر الذي لن يقدروا عليه، ما كشف تناقضاتهم الصارخة.
ولما تم اشتعال الحرائق في الجزائر، هب المغرب وعرض مساعداته على حكام الجزائر، حيث عبر عن وضع طائرتين لإخماد الحرائق رهن إشارة حكام الجزائر. وقد فعل المغرب ذلك صادقا، انطلاقا من محبته للشعب الجزائري وتقديره له، لأن قيم الجوار والأخوة فرضت عليه ذلك. وإذا كان الرئيس الفرنسي قد تألم لاشتعال هذه الحرائق وعبر عن تضامنه مع الشعب الجزائري، فإنه قال: "لقد قررت أن أبعث طائرتين لإخماد النيران إلى منطقة "القبايل"، ولم يقل إلى الجزائر، في حين إن المغرب قرر وضع طائرتين رهن إشارة حكام الجزائر للمساهمة في إخماد النيران. لقد كان رد فعل حكام الجزائر مراوغا، حيث لم يجيبوا صراحة بالرفض، أو بالقبول. وقد فعلوا الشيء نفسه مع الرئيس التونسي، ما جعل المغرب وتونس يفهمان أن حكام الجزائر لا يقبلون منهما أية مساعدة. وقد بعث الرئيس الفرنسي رأسا بطائرات ثلاث إلى منطقة "القبايل"، لكن حكام الجزائر لم يرفضوا ذلك، رغم أنه صرح أنه سيبعث مساعدة فرنسا إلى منطقة "القبايل". فلماذا لم يرفض حكام الجزائر المساعدة الفرنسية؟ ولماذا يرفضوا الهبة المالية التي قدرها 30 ألف أورو، التي بعثتها ولاية "باريس" إلى منطقة "القبايل"؟ ولماذا رفضوا عرضي تونس والمغرب؟ ألا يدل هذا عن جبنهم أمام سيدتهم فرنسا؟ ألا يخافون على سلطتهم من فرنسا؟ ألم يضغط عليهم "خالد نزار" لقبول المساعدة الفرنسية؟ أليس هذا الشخص هو الساهر الأمين على المصالح الإستراتيجية لفرنسا في الجزائر؟... ألا تؤكد هذه البيانات التناقضات الصارخة في خطاب حكام الجزائر؟...
ونظرا لأن حكام الجزائر قد اتهموا حركة "الماك" بإضرام الحرائق في منطقة "القبايل" من أجل تشويه سمعة هذه الحركة وتكوين ملف ضدها لاتهامها بـ"الإرهاب" وجعل أهالي "القبايل" ينقلبون عليها. لكن، ولحسن الحظ، فإن زعيم "الماك" "فرحات مهني" قد فطن إلى أن حكام الجزائر سيلجؤون إلى تلفيق تهمة افتعال الحرائق إلى حركة "الماك" للنيل منها، فكتب إلى كل المنظمات لتنبيهها إلى ذلك، كما أنه رفع دعاوى لدى مختلف المحاكم الجنائية في أوروبا مطالبا بالقيام بتحقيق للكشف عن الجهة التي أضرمت النيران في الجزائر. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن هذا الرجل قد طالب أيضا بتشكيل لحنة أممية للتحقيق في الحرائق التي ضربت الجزائر. وجدير بالذكر أن حكام الجزائر اكتفوا بتوجيه التهمة لحركة "الماك"، دون تقديم أي إثبات يدل على ذلك. وبعد مرور ثلاثة أيام على اندلاع الحرائق، بدأت تظهر مؤشرات تؤكد أن الجنرالات قد كانوا وراء ذلك، لأنهم كانوا يرغبون في وضع حد للحراك الشعبي السلمي، الذي يهددهم في وجودهم، ما كان يقظ مضجعهم... لذلك، فإن حكام الجزائر لم يعلنوا أي استعداد لقبول التحقيق الدولي للكشف عن الجهة التي أضرمت النيران في الجزائر، ما جعل الرأي العام الدولي يدرك أن جنرالات الجزائر هم الذين ارتكبوا هذه الجريمة الشنيعة...
خلاصة القول، إن خطاب حكام الجزائر ليس منسجما، ولا متناسقا، ولا منطقيا، ما جعله مخترقا بالعديد من التناقضات الصارخة، الأمر الذي يدل على تهافته، وعدم صدقيته، وجبن من وضعوه..