الجمعة 26 إبريل 2024
فن وثقافة

عن كتاب "سجناء مهمشون في تجربة الكتابة".. من تجارب سجنِ وسجناءِ مَغربِ الأمس

عن كتاب "سجناء مهمشون في تجربة الكتابة".. من تجارب سجنِ وسجناءِ مَغربِ الأمس غلاف الكتاب مرفوقا بصورة أرشيفية من خلف قضبان السجن

صدر حديثا عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، كتاب جديد عن منشورات مركز محمد بنسعيد أيت يدر للدراسات والأبحاث، كتاب على قدر كبير من الأهمية حول السجن والسجناء في مغرب أمس بعنوان "سجناء مهمشون في تجربة الكتابة" لصاحبه الدكتور محمد زيدان، وهو معتقل سياسي سابق عن أواخر ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي الفترة التي تدخل ضمن ما يعرف بسنوات الرصاص. كتاب بقدر ما يرصد سبل وآليات تواصل وتعبير في السجن وبين سجناء بقدر ما يحكي عن واقع المؤسسة السجنية خلال هذه الفترة وعن تجارب الكتابة من خلال مفاهيم ومصطلحات سجنية، كتابة كانت أداة لقفز السجناء عن عزلتهم وواقعهم بنبش ما يحتويه ماضيهم من ذكريات ومغامرات، فضلا عما هناك من فعل قراءة وكتابة في محاولة منهم لاستعادة حس انساني ورمزية حرية.

 

"هامش ومهمشين وغياهب كذا مساحة مصادرة حرية انسان كما كان منذ القدم ولا يزال هو السجن في تقدير دارسين مهتمين، ولعل بقدر ما هذا الفضاء مساحة مصادرة حرية انسان منذ القدم ولا يزال بقدر يدخل شأنه ضمن مسكوت عنه اللهم اشارات هنا وهناك من نصوص، علما أن السجناء أصناف كثيراً ما يجعلون من ذاكرتهم آلية سفر لتجاوز عزلة واقع بنبش ما يحتويه ماضيهم، فضلاً عن فعل قراءة وكتابة لاستعادة بعض من حس انسانية ورمزية حرية.

إن ما يقف في وجه هؤلاء من حياة عصيبة ومعاناة ومن علاقة بعضهم ببعض وبإدارتهم وفضاءهم، هو نتاج عالم اعتقال تتولد عنه ثقافة أدبية تخص سجناء هامش ومعها سبل تعبير. لقد سمح القدر المهني بلقاء عدد واسع من هؤلاء وبالتالي سماع حكايات عن سجنهم ومأكلهم وعلاجهم وعلاقاتهم بحراس ومربين ومسؤولي عنابر وأحياء ومدراء، لكن لم يسبق أن اطلعت على كتابتهم أو كتابات عنهم كذا ما ملأ حياتهم من أحداث وظروف. اشارات وغيرها استهل بها النقيب عبد الرحيم الجامعي رئيس المرصد المغربي للسجون سابقاً ومنسق الائتلاف المغربي ضد عقوبة الاعدام، تقديما عميقاً لمؤلف صدر حديثاً عن مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء ضمن منشورات مركز محمد بنسعيد آيت يدر للأبحاث والدراسات، مؤلف موسوم بـ "أدباء مهمشون في تجربة الكتابة" لصاحبه الأستاذ الباحث محمد زيدان وهو معتقل سياسي سابق عن فترة أواخر ثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي.

لقد استهدف المؤلَّف نقل قارئ لعالم واقع- يضيف- بوضعه أمام ما يعكس تصورات سجناء من انتاج وما يجرى حولهم وفي محيطهم من أحداث، وأن بدقة مستمع باحث يتمعن الكاتب فيما يُقدّم ويُلقى داخل فضاء السجن من تعبير، وعليه، ما هناك من عالم بعادات وثقافة تواصل فضلاً عن ظلم وحرمان ومعاناة...، لقد جمع محمد زيدان بين تجربتين في مؤلفه يبن تأمل في عالم سجن وهو سجين وبين تأمل فيه وهو طليقاً حراً، معتمداً ذاكرة قوية لجمع شتات ما سمعه محللا ما هناك من معاني وقصد اجتماعي وانساني. ومن هنا ما للسجن من قدرة اعادة الانسان ما فيه من جانب خلاق ومشاعر احساس بمعنى الحياة، ولعل كل تعبير من شعر وزجل ورواية داخل المكان ليس سوى تعبير عن انسانية انسان.

كتاب "أدباء مهمشون في تجربة الكتابة" لم يستهدف أدب سجون في حد ذاته، انما تسليط بعض الضوء على أدب ارتبط بسجناء حق عام اكتووا بسنوات رصاص، فضلاً عن معاناة من سوء معاملة لم تكن بما ينبغي من تواصل مع معتقلين كان ينظر اليهم مجرد مجرمين، ما تمت مقاومته- يقول المؤلف- أحيانا كثيرة بعصيان وهجوم على حراس واضراب عن طعام وضرب لذات بشفرات، فضلاً عما لجأ إليه هؤلاء من سبل تعبير يمكن نعته بأدب هامش. وهو ما حضر في الكتاب من قصائد ومرويات وحِكم تم جمعها وتحليلها وفق نهج جمع بين ما هو نفسي اجتماعي وتاريخي، لقراءة فترة دقيقة من زمن مغرب راهن وسد جانب مما لحق ذاكرة البلاد من خلل، مع أهمية الاشارة- يضيف المؤلف- الى أن ما أورده ليس سوى مدخلا لدراسات في أفق رصيد نقدي يخص المجال.

لقد جاء مؤلف "أدباء مهمشون في تجربة الكتابة" بفصلين، الأول منهما عنونه الأستاذ محمد زيدان بـ "سجن سيدي سعيد بمكناس" وتوجه فيه للتعريف بفضاء شكل مصدر متون أدب سجني اشتغل عليها الباحث، فأورد أنه بباب ضخمة "الباب الكحلة" محاط بسور عال شائك بأبراج مراقبة أربعة "غاريطات" يفصل بينه وبين السجن ممر دائري "شمان روند"، يليه باب ثان "الديوانة"، يتم فيه تفتيش كل سجين جديد. على يمينه ما يسمى بـ "الݣريفي" ويضم مكان أخذ صور سجناء جدد مع مكتب مدير وآخر لشؤون اجتماعية. يمين هذا الباب هناك "باب زيارة" خاص بالسجناء وباب حي للنساء، على يساره مطبخ وفرن كذا "فورييه" وهو مكان تسلم السجناء لملابس وأغطية وأواني. فضلاً عما أورده حول "ديوانة ثانية" يوجد يسارها حمام وجناح "ديطانسيو" وهو مكان احتجاز مكون من عنابر وزنازن، الى جانب جناح مخازن بباب حديدي على يمينه مكتب رئيس معقل وحلاق وعلى يساره "باب الساحة"، وأمامه باب عنابر يفصل بينها ممر يسمى "الكروا"، وفي أقصى العنابر والزنازن توجد "كاشويات" حيث عزل انفرادي لسجناء عقابا لهم على ما ارتكبوه من مخالفات جسيمة.

لم يحض الأدب السجني في المغرب بما هو شاف من عناية باحثين ونقاد -يقول المؤلف-، وحتى من انفتح عليه اقتصرت كتاباته على إبداعات معتقلين سياسيين من قبيل عبد اللطيف اللعبي وعبد القادر الشاوي وجواد مديدش وصلاح الوديع وعبد الله زريقة وفاطنة البيه وسعيدة المنبهي وغيرهم، وهي كتابات حكت ما تعرض له هؤلاء من اعتقال ومحاكمات وعذابات، فضلا عما حصل من اهتمام بهذا الجنس الأدبي من خلال ما كتبه ناجون من جحيم تازمامارت كما بالنسبة لكتابات محمد الرايس وأحمد المرزوقي وهي سير ذاتية أو سير غيرية أو مذكرات أو يوميات، في حين لم يهتم أحد بمساحات أخرى تخص ابداعات سجناء "حق عام" لم تكن لهم أية علاقة بالاعتقال السياسي. ما توجه اليه الاستاذ محمد زيدان بالتحليل من خلال نصوص تغنى بها السجناء، مع ابراز ما طبع هذا الجنس الابداعي من خصائص تيمة ولغة.

ويذكر المؤلِّف أن ما تناوله بتحليله في مؤلفه همَّ قصائد ظلت تجوب سجون البلاد، علما أنها قصائد بدون مؤلف ولا ناظم معين بحيث قد يبدأ سجينا مقطعا ويتممه آخر وقد تنشد فردياً وجماعياً، وهي "قصائد" بقدر عدم خضوعها لنظام شعر عمودي ولا لقصيدة تفعيلة أو نثر أو شعر حر ولا لمواصفات زجل، بقدر ما هي بمنطق داخلي وخاصيات تعبير وتزيين (جناس وطباق وقافية وروي..). استهدفت ما هو تغني وتسلية وترويح ببث شكوى وحزن كذا وصف معاناة سجن، وبصيغة أخرى هي حكايات وسير ذاتية صيغت في قالب شعري.

لم يتطرق الباحث لِما كتبه سجناء "حق عام" من قصص وروايات واشعار وخواطر، فقط بعض مما تم جمعه من قصائد أصلية أثناء احتكاكه وتفاعله وهي كتابات جمعت بين حكي وقصة واسكيتشات ونقل افلام لِما هو سمعي. مع أهمية الاشارة الى أن الراوي كان بمكانة خاصة داخل فضاء "العنبر" بوجود مكان نومه وسطه وهو امتياز كبير، وتظهر مكانته بعد تناول وجبة العشاء وإطفاء الأنوار ليبدأ بسرد حكاياته. ويقدم المؤلف نموذجاً لمقدمة إحدى القصص التي كان يستهل بها الراوي أمسيته فيقول: "هْنَا اللِّي كَانْشُوفُو وَاحْدْ الْغْبَار وتْعْلاّ وْتْنَاثْرْ وْسَدْ مَنَافِذً الأَقْطَارْ، هْنَا اللّي كَيْتْكَاشْفْ هَاذْ الْغْبَارْ وْتَايْبَانْ مَنْ تَحْتُو جِيش جَرّارْ مَالُو عْبَارْ، كَيْتْقَدْمْهُم فَارِس رَاكْبْ عْلَى جَوَادْ أَدْهَمْ كَأَنّهُ الأسَد يَتَكَلّمْ اللِّي صَالْ وْجَالْ فْسَاحْةْ الْمِيدَانْ، هْنَا اللّي قْرْعَاتْ طَبُولْ الانْفِصَالْ وْصْبَحْ هاذْ الصْبَاحْ ورْبْنَا ْفتَّاحْ من صلى على النبي يربح هاذ الفارس كَيْتْحْمَا بْالْيَمِيينْ دْيَالُو بْالأنْضَهُوقْ وْالأَصْفَهَانْ الضَّرَبَانْدِي وَعُرْوَة بْنُ الوَرْدْ وْعَلَى الْيَسَار ْدْيَالُو بْمَيسِرَة وْالْغْضْبَانْ وْشَابِكْ الثّلاَثْ وَأَبْ الأشْبَالْ".

خلط بين دارجة وفصحى وبين زمن عنترة وعروة بن الورد، والراوي يقدم كل ذلك بأسلوب قصصي مشوق وقد يتوقف من حين لآخر ليطلب من مستمعيه أن يقرقبو "سوارت الربح" أي التصفيق تشجيعا له أو يصلوا على النبي، وإذا اكتشف أن عدد متتبعيه بدأ يقل يسكت عن الكلام ويطلب منهم النوم على أساس اتمام حكايته في ليلة موالية، هذا مقابل ما يجودون به عليه من سجائر وأكل. وكانت السينما حاضرة داخل فضاء العنابر -يضيف- من خلال قدرة بعض السجناء على نقل الأفلام من البصري للسمعي بدقة تصوير عجيب تشعر المتلقي وكأنه في قاعة عرض يتابع فيلماً.

يذكر المؤلف أن من الأفلام التي كان يرويها السجناء هناك فيلم الفراشة الأمريكي Papillon الذي يحكي تجربة فرار من السجن، وفيلم Andhaa Kaanoon "القانون الأعمى" وفيلم "دوستي الصداقة" وفيلم "شعلة" الهنديان، وغالبا ما يكون الراوي قد شاهد الفيلم أكثر من مرة وترسخ في ذهنه مما يجعله يصف أدق تفاصيله، ومن السجناء من كان إذا وصل لأحد المقاطع الغنائية يؤديها بالهندية وجلها افلام تحكي عن ظلم وسجن ومغامرات. وكان الراوي يتوقف عن حكيه ويطلب من السجناء النوم حتى ليلة موالية، غير أنه كثيراً ما كان السجناء يصرون على إتمام الحكي، فيتدخل رئيس العنبر ليطلب منه الاستمرار حيث يطلب الراوي "إيقاظ من يسمع شخيرهم الذي يشوش على وصول صوته إلى الآخرين، لكنه إذا شعر بأن أغلب السجناء داهمهم النوم يتوقف عن حكي، احياناً كانت تتخلله وقفات خاصة هند نشوب صراع بين سجناء أو بدأ أحدهم يتحدث بصوت مسموع، وقد يستمر الراوي في سرد مجريات الفيلم لمدة أسبوع. كانت تجربة السينما السمعية -يقول المؤلف- رائعة مشوقة تطلق عنان الخيال للراوي والمتلقي على حد سواء، فكانت أفضل وسيلة للترفيه وتزجية الوقت.

وفضلاً عن عنتريات وروايات وسينما، هناك حِكم كانت تروى قصة (أحمد يْدِّي- أحمد يدي- أحمد ما يْدِّيشْ)، معناه أحمد يأخذ أي أن اللصوص يعرفون بعضهم البعض لأن كل سجين يعتبر نفسه بريئا لا يرغب في الاعتراف بجرمه "كُلْ وَاحْد مْوَسَّدْ مْونْتِيفُو" معناه كل سجين يتوسد جريمته، بمعنى كل سجين ينام وجريمته تحت وسادته أي: ينام وسره تحت وسادته، لكن بعد مرور الزمن يعترف بجريمته وتصبح قصة تروى من أجل تزجية الوقت وهناك أيضاً قصة مدينة الأموات وهي عبارة عن خاطرة: "مْدِينَةْ الْاَمْواتْ حَيْ الرَّحْمَة شْنَابَرْ عامْرَة كُلْها زَحْمَة إَلَى بْغِيتي تْدِيرْ الرِّجيمْ وْلاَّ تْطِيَّحْ الشَّحْمَة، كُلْمَا تْحَلْ بابْ تْسَدُّو بِيبَانْ، تْشوفْ الْحارِسْ ثَايِرْ والسُّورْ سايَرْ دايَرْ، تشوف الْمَظْلوم حايَرْ مَا عَارَفْ مَا دَايَرْ، لاَ تْسالْ عْلى الحَياةْ في مْدينَةْ الامْواتْ، وْمَا هَذَا إِلاَّ عُنْوانْ وَتَبْقَى الْحْكَايَة. مِيّتْ وْأَنَا حِيْ قَبْلو عْزايا، أرْبْعَة فُصولْ في السَّنَة والفَصْلْ الْخامْسْ هُوٓ الزَّنْزَانَة، النَّاسْ مَظْلوُمَة كَاتَطْلَبْ مُولانا خُويَا الْمَسْجُون اللهْ مْعَانَا". مدينة الأموات حي الرجمة غرف ممتلئة مكتظة إذا أردت أن تخس من وزنك أو تشفط الشحوم ، كل ما فتح باب أغلقت أبواب لا تسأل عن الحياة في مدينة الأموات وما هذا إلا عنوان وتبقى الحكاية مستمرة، أعيش ميتا في صفة حي فتقبلوا العزاء بعد موتي فالسنة أربعة فصول والفصل الخامس هو الزنزانة، المظلومون في السجون يناجون ربهم أخي السجين إن الله معنا. قصة تحكي وضع السجن من معاناة وحرمان وظلم يتكبده السجناء جراء اكتظاظ وسوء تغذية فضلاً عما هناك من احتقار ونظرة دونية لهم، ومع ذلك هم مجبرون على التعايش فيما بينهم متطلعين إلى الرحمة بإطلاق اسم الرحمة على الحي الذي يسكنونه، فالسجناء أعطوا لكل حي داخل السجن اسما عوض الحروف التي تطلق على أحياء السجن (حي أ، حي ب.)

في فصل ثان معنون بـ "تحليل متن ويا لما نفي" أورد الباحث في مؤلفه نماذج قصائد على قدر كبير من الرمزية، قصائد عن أمكنة سجنية من البلاد جاءت عناوينها بمثابة مفاتيح تبدأ بتحديد زمن اعتقال في علاقة بما هو قانوني انساني واجتماعي، منها نذكر "ويا لما نفي" و"أختي السعدية" و"مارويلا" و"صباح العيد" و"الْحَبْسْ يَااﻠْﺣْﯖَارْ" و"الليلة الليلة يابانا" وغيرها، مع أهمية الاشارة الى أن الباحث خصص لكل قصيدة معجم خاص بها كذا قراءة تحليلية لمكوناتها. وتأتي معالجة التيمات السجنية -يقول المؤلف- لضبط موضوعات كبرى وأخرى فرعية، وما يدور في فلكها من معاني أملتها طبيعة نصوص. وأن ما هناك من تيمات وتجارب تشكل حقلا مفهوميا يعبر عن رؤية السجين لذاته وللمجتمع. ولعل الحقل المعجمي هو بصلة وثيقة بالتيمة الموضوعة، ذلك أنه بعد جرد النصوص وفرزها يتم تصنيفها وفق تيمات محددة بوصفها عنصرا رابطا محركا معاً يسمح باختراق عمل أدبي في اتجاهات عدة، ومادام حيز الدراسة- يضيف-لا يتسع لقراءة كل التيمات التي يتكون منها مجموع شعر التجربة السجنية لكثافتها وامتداد قاعدتها وتقاطعها، تم الاكتفاء في هذا العمل بمقاربة نماذج بارزة من قبيل تيمة "البكاء" "تيمة التعذيب" "تيمة الزمن" "تيمة الغربة" وغيرها.

وبقدر ما كشفت تجربة سجن في بعدها الابداعي عن جوانب فنية بسيطة، بقدر ما تلمست قضايا اجتماعية إنسانية ونفسية في قالب فني بمقومات جمال وابداع- يقول المؤلف-. ولعل مؤلَّف "أدباء مهمشون في تجربة الكتابة" لم يستهدف تجربة سجنية بعينها ولا واقع مؤسسة خلال فترة ما عرف بسنوات رصاص، بل إعطاء مجالٍ ما يستحق من إنصات عبر ما ينبغي من انفتاح على أدب سجناء حق عام..، إنه محكي في صيغ إبداع شكل عماده متخيل ومادته أمثال مما أعطاه نبضاً وحياة أخرى في ذاكرة معتقلين. مع أهمية الاشارة الى أن "أدباء مهمشون في تجربة الكتابة" تأسس على نهج اعتمد نتائج حقول علم نفس وتاريخ وسيسيولوجيا، لإدراك مغزى نصوص عتمة سجون تخص ما بات محكيا مشتركا متداولا بين سجناء.

يبقى مؤلَّف "أدباء مهمشون في تجربة الكتابة" للأستاذ محمد زيدان، وعاء شهادةٍ وتجربة فضلا عن مرجع برمزية صوب زمن ومكان وبلادٍ وعباد إلى حين مزيد من بحث ودراسة لمزيد من فائدة وحقيقة وإغناء. ولعل بقدر ما يشكل هذا العمل قيمة مضافة هامة لفائدة خزانة البلاد الأدبية والسياسية ولبنة ذاكرة عن الفضاء السجني عن مغرب أمس، بقدر ما كان بهاجس أهمية التفات أكثر لرفع معاناة عن نزلاء ضمن ما هناك من رهان وما ينبغي من بعث أمل وحقوق مواطنةٍ وكرامةِ مواطن".

 

عبد السلام انويكًة ، عضو مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث