السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

المهدي سابق: انسحاب الاشتراكي الموحد ينقذ الموقف

المهدي سابق: انسحاب الاشتراكي الموحد ينقذ الموقف المهدي سابق
في معارك حياتنا اليومية، التي نمارسها على كافة المستويات سواء كانت شخصية أو مهنية، اقتصادية أو اجتماعية أو ساسية نصل أحياناً إلى قناعة تامة بوجوب الانسحاب؛ ليس هزيمةً أو ضعفاً، وإنما انسحاب إيجابي هادئ سريع لا يزعج أحداً ولا يثير ضجة، انسحاب يقلل التوتر، ويمنحنا فرصة لمراجعة الأوراق، بالإضافة إلى أنه يدعم استمرار العلاقات مع الآخرين، وذلك رغبةً منا في الحفاظ على ما نريد الحفاظ عليه في هذه الحياة.
ومن الضروري أن نعي أن طريقة الانسحاب في التعاملات وتجنب المواجهات الفورية هي من طرق القوة، وأن ممارستها تحتاج إلى حكمة وإرادة.
ولنعلم جميعا أن ممارسي لعبة الانسحاب في الوقت المناسب هم الأقوى دائماً، وقد يعترضنا بعض الأشخاص أو المواقف، الذين لا يمكن مواجهتهم أو التعامل معهم بطرق مباشرة، لأن ذلك سيعود بالضرر والخسارة الكبرى على الطرفين، لذا ففكرة أن نبتعد مؤقتاً وننسحب لأجل تجنب هذه المشاكل والأضرار هي الفكرة التي يدور حولها الانسحاب الإيجابي، الذي لا يدرج ضمن قوائم الضعف والانهزام كما يعتقد البعض.
انسحابك في بعض المواقف، يتطلب منك الحكمة والشجاعة والذكاء، فضلاً عن القدرة السريعة على اتخاذ القرارات السليمة والإيجابية، لأن الأصل أن الإنسان يتردد في داخله عند اتخاذ مثل هذا القرار، خوفاً من أن يظن الآخرون به أنه جبان لا يمكنه المواجهة وأنه يفضل الانهزام.
رفيقي العزيز تأكد أن شجاعتك في تأجيل قراراتك في بعض المواضيع المهمة ومراجعة أوراقك قبل الإعلان عن ردة فعلك هما إثبات لقوة شخصيتك وأن انسحابك الإيجابي بكامل إرادتك والخروج بأقل الخسائر دون إتهامات أو إساءة للآخر، هو قمة الوعي.
ولنا درس وافٍ وكافٍ في مثال انسحاب "عود الثقاب" من منظومة أعواد الثقاب المشتعلة، انسحابه في اللحظة المناسبة قلل من حدة الاشتعال وأطفأ الحريق المحتمل، فقد انسل "العود" بهدوء للخلف تاركاً وراءه فراغاً ليتوقف عنده الشرر، وحفظ نفسه من الاحتراق، وحفظ الصف من الاشتعال، في شجاعة واضحة وقدرة على اتخاذ القرار الإيجابي السريع، فقوة الفرد الحقيقية تقاس بقوة ذكائه ورجاحة عقله وحسن تصرفه، ولا تقاس بمكانته فقط.
أخيراً، قرارك بضرورة الانسحاب الإيجابي مبني على القوة في عدم الرد بالرغم من تمكنك من ذلك، ومعرفتك الجيدة أن هذا هو الحل الأفضل لإنقاذ الموقف، في النهاية الانسحاب الإيجابي طريقة سليمة وفعالة لتجنب الكثير من المشاكل، خاصة التي تضطرب معها العلاقات والحياة، وتقدير الأمور حق قدرها واستخدام البصيرة يجعلنا نخلق الوعي اللازم في تعاملاتنا.
 
المهدي سابق، عضو الاشتراكي الموحد