الجمعة 26 إبريل 2024
فن وثقافة

الباحث الرياحي يكشف في كتاب تهافت وافتراء التوراة على النبي سليمان

الباحث الرياحي يكشف في كتاب تهافت وافتراء التوراة على النبي سليمان محمد الرياحي الإدريسي مع صورة غلاف مؤلفه

صدر للأستاذ محمد الرياحي الإدريسي، الباحث في مقارنة الأديان، كتاب بعنوان "نبي الله سليمان.. دراسة مقارنة بين التوراة والقرآن"، عن منشورات مركز بن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، في 164 صفحة؛ ويتضمن بالإضافة للمقدمة والخاتمة والملاحق ثلاث فصول أساسية تناول فيها الكاتب بالدراسة والتحليل النصوص التوراتية والقرآنية المرتبطة بقصة سيدنا سليمان عليه السلام والمقارنة بينها، ثم رجع إلى الأبحاث التاريخية والأركيولوجية وعلم الآثار، ليكشف زيف وتهافت وافتراء النصوص التوراتية .

 

وبعد تتبع دقيق لقصة سيدنا سليمان علية السلام، من خلال هذه النصوص ومقارنتها، وقف الأستاذ الرياحي على  مواطن الاختلاف والاتفاق بينها، ثم عمد إلى مقارنة الرواية التوراتية فيما اختلفت فيه عن الرواية القرآنية بالمعلومات التاريخية والأركيولوجية المؤكدة، ليصل لحقيقة كون اليهود أبدعوا في التزوير والكذب والبهتان ليجعلوا من اليهودية خليطا من التحريفات والأباطيل، حيث صورت نبي الله سليمان الذي وصفه القرآن بالنبي المرسل، بالقائد والملك المسرف المبالغ في البذخ ومظاهر الرفاهية والإسراف، حيث نسبت له صنع عرش من العاج المغشى بالذهب تحيط به الأسود المصنوعة من الذهب، والزواج بأعداد كبيرة من الزوجات، بالإضافة إلى أعداد أخرى من السراري بلغ مجموعهن ألفا، بل اتهموه بالانحراف عن الدين وعبادة الأوثان، مما استوجب غضب الله الذي تمثل في إيقاع العقاب عليه بتمزيق مملكته.

 

وهكذا خلص الأستاذ الباحث محمد الرياحي من خلال هذا المجهود المبارك إلى خلاصات واستنتاجات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، أن النصوص القرآنية والروايات التوراتية رغم اتفاقها على أن سيدنا سليمان أوتي حكمة وعلما منذ صغره، إلا أنها تختلف اختلافا جذريا، في معظم جوانب قصة حياته.

 

ففي وقت تدعي النصوص التوراتية أن النبي سليمان افتتح عهده بالدم وقتل أخيه، ثم قيادة جيش أبيه، وصورته بمظهر العظمة والإسراف في كل شيء، حيث صنع  لنفسه عرشا من العاج المغشى بالذهب تحيط به الأسود المصنوعة من الذهب، واتهمته بالبذخ والانحراف، فإن القران الكريم يصور سيدنا سليمان بصورة النبي المرسل الذي أنعم عليه المولى بنعم الأنبياء والمرسلين ففضله على جميع مخلوقاته، واصفا إياه بكل صفات الطهر والعفة والصلاح (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ).

 

وإلى جانب النصوص القرآنية، فإن علم الآثار، ومدونات الحضارات القديمة التي كانت تدون كل كبيرة وصغيرة، تفند مزاعم الرواية التوراتية بخصوص عظمة سليمان وقوة مملكته ونفوذه على حكام الأرض، وعن بنائه للهيكل، وتزوجه من ابنة فرعون مصر شيشنق، وهو ما يضع تاريخ بني إسرائيل القديم الذي صوره أصحابه بصورة العظمة والقوة محل الشك والاستغراب.

 

كما أثبتت الدراسة افتراء العهد القديم بقوله إن سليمان ارتد عن الدين وبنى المعابد الوثنية، بل وعبد الأوثان، لقد أثبتت الدراسة أن الرواية التوراتية إنما هي رواية باطلة و ظالمة بدليل قوله تعالى (وما كفر سليمان) وكشفت الصورة الواضحة والحقيقية لنبي الله سليمان عليه السلام. كما جاء في القرآن الكريم، بعيدا عن الصورة التي رسمها له كتاب أسفار التوراة، حيث جاءت صورته في القرآن صورة النبي الكريم الحامل مشعل الدين، المجاهد في سبيله، الزاهد في الدنيا على سعة الملك الذي أعطيه، فأسبغ عليه الله من فضله ونعمه الكثير وقربه إليه قال تعالى: "وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب".

 

كما بينت الدراسة أن ما جاء في التوراة عن المملكة القوية التي ورثها سليمان عن أبيه داود، هو مجرد افتراء بدليل الأبحاث التاريخية والأركيولوجية.

 

ويعتبر الكتاب، إضافة نوعية للمكتبة المغربية، ومرجعا مهما للباحث المتخصص وللطالب الباحث، والمهتم بقضايا الأديان.