على هامش مشاركة وفد من انفصاليي الداخل في جامعة صيفية نظمتها البوليزاريو والجزائر، التقت "أنفاس بريس"، عبد الوهاب الدبيش ،أستاذ سابق بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، الذي دعا السلطات المغربية إلى التعاطي بحزم مع تحركات " انفصاليي " الداخل التي يعتبرها "استفزازا لمشاعر المغاربة ومسا بالمصالح العليا للبلاد". ولم يفت محاور "أنفاس بريس"، التطرق إلى علاقات حكام الجزائر باللوبي النفطي الأمريكي من أجل عزل المغرب عن محيطه الإفريقي، فضلا عن تضارب المصالح بين القوى الكبرى في العالم مما يؤثر على ملف الوحدة الترابية.
+بعض المراقبين يشيرون الى وجود تساهل من قبل السلطات المغربية مع " انفصاليي الداخل " كيف تنظر للمسألة من زاويتك ؟
++أنا لا أفهم هذا التساهل من قبل السلطات المركزية المغربية مع " انفصاليي الداخل "، فهل تركيا مثلا تتساهل مع الأكراد ؟ هل هذا التساهل مرده ترضية خواطر الإتحاد الأوروبي ؟ وهل الإتحاد الأوروبي يبادلنا نفس التعامل ؟ وهل الجمعيات والأحزاب اليسارية الذين يدعمون أطروحة البوليساريو في أوروبا يرحموننا أو يقفون الى جانبنا ؟ فلماذا نرضي خواطرهم اذن ؟ . البعض يقول بأن قضية الصحراء هي مشكل مفتعل من قبل فرنسا بالدرجة الأولى، والمواطنة لايمكن أن تبنى على التمييز بل بالتساوي في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين والمواطنات كيفما كان انتمائهم، وكيفما كان جنسهم أو لونهم أو قدرتهم العقلية أو الشكلية الخ. ثم إن كسب قضية الصحراء لن يتم بإرضاء خواطر فرنسا أو الولايات المتحدة الأمريكية أو الغرب بصفة عامة، بل يمكن كسبها من الداخل من قبل المواطنين، وأنا لا أفهم كيف أن المخزن، ومنذ 40 سنة، لم ينتبه لكونه يسلك مسارا غير صحيحا في التعاطي مع قضية الصحراء.
+ بعض المراقبين، يقولون أنه مادام " انفصاليو الداخل " يصرون على أكل غلة البلاد مقابل التآمر على مصالحه العليا ، لماذا لايرحلون من أجل العيش في الجزائر راعية أطروحة الإنفصال بالصحراء.هل تشاطر هؤلاء الرأي؟
++سأجيبك انطلاقا من الصورة التي نشرت لإنفصاليي الداخل من داخل مطار محمد الخامس والتي تتضمن معطيين : أولا حمل علم المرتزقة، وثانيا علم دولة الجزائر..فماهي الدلالة الرمزية لهذه الصورة فيما يتعلق بهيبة الدولة المغربية ؟
+هل هذه الصورة التي التقطت بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء كانت لإرضاء حكام الجزائر ؟
++أود بعث رسالة الى كل مسؤولي الدولة المغربية مفادها: احذروا منح الصحراء للجزائر فهذا سيعني محاصرة المغرب، واجتثات جذوره من إفريقيا، وبالتالي لن يكون هناك أي جدوى من إلتحاقه بالإتحاد الإفريقي أو غيره..فلا أحد يمكنه أن يفهم سر العداء الدفين للجزائر تجاه المغرب منذ الرئيس بومدين الى اليوم ؟ فهل هو خلاف له علاقة بتعارض استراتيجيات الدولتين أم له علاقة بماضي سحيق ؟ هل الجزائريين يرغبون في إيجاد منفذ على المحيط الأطلسي ؟ اذا كانوا يرغبون في ايجاد منافذ على المحيط، فتحقيق ذلك لن يتأتى إلا عبر بوابة الصداقة مع 40 مليون مغربي تحت الراية المغربية في إطار التعاون الأخوي المغاربي، لكن أن يتعرض المغرب للإبتزاز بقطع جذوره الإفريقية، فهذا غير مقبول نهائيا..تصور معي أن " القرقوبي " تفشى بشكل خطير في حي البرنوصي، في مولاي رشيد بالدار البيضاء، و بأحياء مدينة بسلا وغيرها..مما تسبب في تدمير الشباب ودفعهم للإنتحار، بينما نحن نعرف مصدر " القرقوبي "..وهو الأمر الذي يفرض تحرك الدولة المغربية لأن الأمر يتعلق بصحة المواطن ومستقبل المواطن وسيادة البلد، كما لايمكن إغفال الدور السلبي الذي تقوم به الآن موريتانيا لكوننا لم نحسن التعامل مع الموريتانيين .
+كيف ؟
++موريتانيا ساكنتها لا تتعدى 3 مليون نسمة في مساحة شاسعة..كلها قبائل، إننا لم نحسن ربط علاقات مع الموريتانيين تتطور الى علاقات نسب، وفق استراتيجية طويلة الأمد ( قرن أو قرن نصف ) وحينها قد يطلبون الإلتحاق بالمغرب، لجمع شملهم مع أخوالهم أو أعمامهم أو آبائهم أو أجدادهم داخل المغرب، ولكن للأسف بلادة المسؤولين السياسيين وغياب بعد النظر يقف حاجزا أمام بلورة تصور من هذا القبيل..
+بعض المراقبين، يؤكدون على أهمية إشاعة أسلوب الحوار الديمقراطي بدل الإقصاء مع جميع الصحراويين بمختلف تياراتهم وحساسيتهم بما فيهم من يتبنون الأطروحة الإنفصالية، باعتباره الحل الأنسب لقطع الطريق على خصوم الوحدة الترابية، مارأيك ؟
++الخصمين الرئيسيين للوحدة الترابية هما : الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية، ولا تسألني عن جنوب إفريقيا لأنه سيأتي يوم من الأيام ونجلس معها على طاولة التفاوض، علما أن مواقف جنوب إفريقيا فيما يخص قضية الصحراء هي نتيجة لضغوط الولايات المتحدة الأمريكية..ويمكن اعتبار الجزائر العدو الرئيسي للوحدة الرئيسية لدعم اللوبي النفطي الأمريكي بالدرجة الأولى، واللوبي النفطي لا تستند لعبته على النفط بالدرجة الأولى بل في الفوسفاط. فلا يمكنهم السماح لك بالتحكم في الغذاء العالمي لمدة 700 عام تقريبا دون مقابل عن ذلك..
+وماذا عن مواقف باقي القوى الكبرى ومن ضمنها الإتحاد الأوروبي ؟
++الاتحاد الأوروبي همه الشاغل هو البحث عن الأورو لضخه في ميزانيته..وأنا لا أفهم كيف أن المغرب يقبل تأدية 35 مليار أورو لفرنسا سنويا، علما أنه في حاجة ماسة لذلك المبلغ..أما البريطانيين فمواقفهم انتهازية في التعاطي مع المغرب ولايكفون عن ممارسة الضغوط على المغرب، فهم يقدمون له الكعكة باليد اليمنى والسم في اليد اليسرى..
+وماهو المقابل الذي يحصلون عليه مقابل هذه السياسة التي يمارسونها ضد المغرب ؟
++هذا ابتزاز..ابتزاز..لكون السوق المغربي تحتكره فرنسا..والبريطانيون والألمان يسعون جاهدين لكسب موطئ قدم في المغرب..
+ماهي سبل بلورة استراتيجية متكاملة لمحاصرة " البوليساريو " بالخارج، وخصوصا في أوروبا وأمريكا اللاتينية استنادا الى المكاسب التي حققها المغرب على الصعيد الإفريقي من عودته الى الإتحاد الإفريقي ؟
++لابد أولا من إعادة النظر في قيمة المواطن داخل الوطن، فالمواطن الآن مهمش ويعاني على جميع الأصعدة..فإكساب الجسد المناعة الذاتية هي السبيل لحمايته من المرض. لابد من إعادة التفكير في توزيع الثروات مابين المواطنين والجهات، إشاعة قيم المواطنة(التحسيس بواجبات وحقوق المواطنين )، إدماج وإشراك المواطنين في رسم الإستراتيجيات التي تهم القضية الوطنية.
