Friday 7 November 2025

كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: الواجب الآن.. فتح مفاوضات عاجلة بين الجزائر الشمالية ونظيرتها الجنوبية!!

محمد عزيز الوكيلي: الواجب الآن.. فتح مفاوضات عاجلة بين الجزائر الشمالية ونظيرتها الجنوبية!! محمد عزيز الوكيلي
عندما قلت لصديقٍ وأنا أناقشه تداعيات قرار مجلس الأمن رقم 2797، الذي فتح الأبواب على مصاريعها أمام مراحل ومنعطفات غير مسبوقة، ينبغي ان يجتازها ملف وحدتنا الترابية قبل ان يتم إقفاله نهائياً، عندما قلت له "إن الأوان قد آن للجلوس جدّياً إلى طاولة المفاوضات"، أجابني بأنني لم آت بأي جديد، لأن المفاوضات ستنطلق فعلا بتوصية من القرار ذاته، وبإشراف مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، التي يبدو أنها عازمة على مصاحبة هذا الملف بغرض إقفاله في أقرب الآجال، وبصفة نهائية!!
 
بيد أنّ الذي لم ينتبه إليه صديقي، هو أنني لم أكن أعني هذه المفاوضات بالذات، بل أردتُ الإيماء إلى غيرها، وخِلافِها، وهي المرتقب بل الواجب انطلاقُها اليوم، قبل الغد، بين عجزة الموراديا من جهة، وابراهيم الرخيص والأربعين حرامي من جهة ثانية، والسبب في هذه العُجالة؟ أن الكونغرس الأمريكي أطلق العنان لقراره القاضي بتصنيف الجزائر الجنوبية، أقصد ميليشيات البوليساريو، ضمن خانة الجماعات الإرهابية، ويا لَفرحة النظام الجزائري بهذا التصنيف، الذي ليس إلا البداية، ومِن غير المستبعد أن يتبعه تصديق البيت الأبيض والإدارة الأمريكية على فحواه، ليتحول إلى قرار أمريكي رسمي سيادي له ما بعده، وبطبيعة الحال في مثل هذا الموقف، فلن يكون ما بعده من التوابع والعواقب سوى التضييق السياسي والدبلوماسي والاقتصادي على نظام "مارق" يعيش الآن أفدح الخسائر سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً واجتماعياً... فأين المفر؟!!
 
لماذا المفاوضات الآن بالذات، بين ذلك النظام وصنيعتِه أو بالأحرى ملحقَتِه الجنوبية؟ 
لأن هناك أموراً كثيرة ينبغي فك الارتباط فيها بين هذين الطرفين، في أسرع وقت ممكن، حتى لا يطال الزجر والضرب المبرح "رؤوساً قد أينعت وحان قِطافُها"، كما قال الحجاج بن يوسف الثقفي في معارضيه من أهل العراق، وهي بكل تأكيد رؤوس جنرالات الكارتون ورئيس دولتهم المعيَّن، والعالم كله يقف وقفة المتفرج في انتظار بقية الحَدُّوثة!!
 
على هذه المفاوضات المستعجلة، إذَنْ، أن تعالج وتبتّ في المعضلات التالية:
1- معضلة نزح سلاح الميليشيات الجنوبية، التي يمكن اعتبارها بلا مُغالاة جزءاً لا يتجزّأ من "الجيش الوطني الشعبي" في ذلك البلد، وهذا الاعتبار هو الذي يجعل الجيش الجزائري متورطاً حتى النخاع  في كل ما صدر ويصدر عن تلك الميليشيات من شطحات واعتداءات شملت المدنيبن المغاربة وموظفي الأمم المتحدة العاملين بهيأة المينورسو، بشهادة هذه الأخيرة؛
2- البحث في إمكانية إدماج الميليشيات ذاتها في فيالق "الجيش الوطني الشعبي" بصفة رسمية، مع التفكير في تحفيزها برواتب سخية من المرجح أنها ستثير غضب وحنق الجنود في باقي الكتائب والفيالق... وهذا وحده يشكل خطرا فادحاً على وحدة المؤسسة العسكرية، وعلى استقرارها المادي والمعنوي والنفسي... بلا بلا بلا بلا ... الخ!!
3- البحث فيما ستؤول إليه وضعية تلك الميليشيات، كُلاًّ أو بعضاً، في حالة تسريحها، وهل سيتم بعد التسريح إدماجُها مدنياً في النسيج المجتمعي الجزائري، رغم متاعبه التي لا تُحصى، أو سيتم ترحيلها إلى أوطانها الأصلية، وكم سيكلف ذلك الخزينة المالية، المثقوبة أساساً، من ملايير الغازودولار كحوافز، و"كعلاوات نهاية الخدمة"، وربما أيضا "كرواتب مستديمة" يستمر أفراد البوليساريو في تلقّيها والتمتع بها مدى الحياة؟!
4- كيف ستتم معالجة وضعية المدنيين المغاربة المحتجَزين في مخيمات العار؟
 هل سيُسمح لهم بالمغادرة باتجاه وطنهم الأم؟ أم هل سيتم إدماجهم هم الآخرين في النسيج المجتمعي الجزائري، وأين سيتم إسكانهم في كل الحالات؟ 
ما هي الضمانات الواجب إقرارُها إزاءهم حتى لا يتعرضوا لأي عمليات انتقام، أو تعنيف أو نحوه، من لدن سلطات ذلك البلد، أو ميليشياته الجنوبية، في حالة اختيارهم الولوج إلى التراب المغربي  بمحض إرادتهم؟ 
5 - كيف سيتم التعامل مع الأنظمة والبلدان التي تورطت مع النظام الجزائري في عدائه وعدوانيته ضد المغرب والمغاربة؟ هل سيتم تعويضهم لجبر خواطرهم وأضرارهم؟ أم سيتم استعطافهم لأخذ مجموعات من الميليشيا المفككة والمسرَّحة لإدماجها في مجتمعاتهم بمقابل، ما دامت تلك الأنظمة تتعامل مع الكابرانات منذ البداية بمقابل؟!
6- كيف سيتعامل نظام الجزائر مع طلبات التعويض التي طرحها المغاربة رسميا ومدنياً عن كل ما تسبب فيه العداء والعُدوان الجزائريان منذ المسيرة الكحلة سنة 1975، إلى غاية آخر اعتداء رخيص على المدنيين من لدن شرذمات ميليشيا الجزائر الجنوبية في السمارة وغيرها من المواقع؟!
7- وأخيراً وليس آخراً، كيف ستعالج الجزائر مسألة التعويض عن الخسارات الفادحة التي تَكَبّدها المغربُ من جراء قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية من جانب واحد؟ وإقفال الحدود وتعطيل الأرزاق وقطع الأرحام من جانب واحد؟ وإغلاق الأجواء كذلك من جانب واحد؟!!
"حريرة واش من حريرة" هذه التي تنتظر النظام الجزائري، في الوقت الذي يبدو فيه منشغلاً باللعب بالكلمات والتصريحات، كعادته، و"كأن شيئاً لم يكن وشقاوة الأطفال في عينيه" مع الاعتذار لرائعة محمد عبد الوهاب "أيظنّ"... عجبي!!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد.