السبت 20 إبريل 2024
فن وثقافة

خولة فرحات: حكاية الأندلس.. فترة الموحّدين (الجزء الثّاني عشر)

خولة فرحات: حكاية الأندلس.. فترة الموحّدين (الجزء الثّاني عشر) خولة فرحات، ورسم تعبيري لفارس موحدي
تحدّثنا في الجزء السّابق عن سقوط دولة المرابطين في يد الموحدين الذين استعملوا الفتنة والسياسة التّكفيرية التي نهجتها الدولة الجديدة جعلت لها مريدين وتابعين من كل أنحاء المغرب. وقامت الدّولة الموحدية في سنة 541ه على الدم وبعضٌ من الكذب؛ عوامل سقوط المرابطين عديدة جدّاً والتّاريخ فصّلها بشكل جيّد. كان أول الحكام الموحدين هو عبد المؤمن بن علي صديق محمد ابن تومرت المؤسس الفعلي لهذه الدّولة. وكان عبد المؤمن يشبه صديقه ابن تومرت في الحدة والشدّة والفضافضة كان له جهاد كبير وصولات وجولات عديدة وأقام دولة قوية جدّاً في المغرب والأندلس؛ وصفه ابن العماد في شذرات الذهب ويقول: "كان ملكا عادلا سائسا عظيم الهيبة عالي الهمة كثير المحاسن متين الديانة قليل المثل وكان يقرأ كل يوم سُبع القرآن؛ يجتنب لبس الحرير؛ يهتم بالجهاد؛ والنظر في الملك كأنما خُلق له؛ وكان سفّاكاً لدماء من خالفه...إلخ" تقريبا نفس الوصف الذي جاء في كتاب بداية ونهاية لابن كثير.
يا ترى شنو هي تداعيات كل ما حصل على الأندلس لأنها هي موضوعنا؟! في خِضمّ الصراعات بين المرابطين والموحدين وكل ما حصل سقطت ألميريا في 542ه واستشهد آلاف المسلمين وسُبيت 14 ألف امرأة؛ 543ه سقطت طرطوشة ثم لاردا من جديد وفي نفس السنة توسعت مملكة البرتغال في الجنوب وأصبحت مملكة قوية ونفس السنة تمّ احتلال تونس على يد النصارى. بالموازاة مع توسعات ونجاحات النصارى كان عبد المؤمن بن مروان يبني الدولة الموحدية: أطلق حرية العلوم والمعارف -و قرن الخدمة العسكرية بالعلوم-أصبح له قادة وسياسيون بارعون في دولته -أصبحت دولة الموحدين من أقوى الدول الموجودة في المنطقة عسكرياً... كان مازال مامساليش للأندلس مازال عندو الخدمة في المغرب وما زال غير جاهز بحكم التدهور الذي عرفته الأندلس في تلك الفترة. في سنة 543ه قدِم القاضي أبو بكر ابن العربي إلى عبد المؤمن بن علي واستنجد به وحكى له ما جرى للمسلمين هناك في الأندلس؛ فسمع عبد المؤمن شكوى ابن العربي وجهز جيوشه وانطلق! وحارب النصارى حتى استرجع معظم المدن الاسلامية في الأندلس واستعاد أيضاً تونس، بل وضم ليبيا التي لم تكن يوما في حدود المرابطين وكان حلمه هو توحيد كل الأمصار الإسلامية تحت راية الموحدين، ولكنه مات في 558 ه وخلفه ابنه يوسف بن عبد المؤمن وكان كوالده مجاهدا عظيما وعنيدا لا يأخذ بالشورى.. واصل على نهج أبيه حتى مات في إحدى المعارك المتاخمة لقلاع البرتغال في 580 ه... تولى الحكم بعده ابنه يعقوب بن يوسف ولُقب في التاريخ بالمنصور يعني يعقوب المنصور الموحدي (ماااشي المريني) هذا الأخير كان مختلفا تماما وكان عصره هو العصر الذهبي لدولة الموحدين.. أعاد النظر في أمور الدين، خصوصا أنه غيّر الاسلوب المتشدد المتّبع آنذاك واستقامت الأمور عنده وعظُمت الفتوحات؛ كان عادلا وحليما ومتمكنا نقطة سوداء طبعت تاريخه هي أنه أحرق كل كتب الفلسفة الموجودة في المكتبات المنتشرة في المغرب والأندلس؛ وزاد في عطايا العلماء خصوصاً منهم الأطباء؛ اهتم أيضا بالعمران وهو من أنشأ مدينة الرباط وسمّاها رباط الفتح والمفاجأة هو أنه أعلن صراحة فساد أقوال وادعاءات ابن تومرت. في سنة 585ه ستحدث ثورة في جزر البليار وأخرى في تونس من طرف أتباع المرابطين، خصوصا قبيلة بني غانية وغادي يمشي ليهم وسينجح في إخماد الثورتين، واستغل ملك البرتغال انشغال المنصور بهذا الأمر واحتل إحدى المدن الاندلسية وطرد منها كل المسلمين واستمر في التقدم حتى غرب مدينة اشبيلية... يعقوب المنصور بعد أن قضى على ثورة بني غانية وجد أن البرتغال توغلوا كثيرا في بلاد الاندلس فحاربهم حربا شرسة واستطاع أن يحرر الكثير من المدن، في نفس الوقت حاربته حتى مملكة قشتالة وولاّ ماحيلتو للبرتغال ماحيلتو لقشتالة... فما كان من المنصور الموحدي إلا أن أخرجهم أذلة وصاغرين، لأنه استنفر كل الجيوش التابعة له؛ وما حمّس الناس للجهاد هو حدث مهم سيقع في الشرق هو أن صلاح الدين الأيوبي سينتصر على جيوش الصليبيين في موقعة حطّين، يعني داك الوقت كان الجهاد à la mode والتحقت الجيوش بالمنصور من المغرب والصحراء وكل البقاع التابعة له، وهناك التقوا بيعقوب المنصور في موقعة الأرَك (حصن في جنوب طليطلة) على الحدود مع قشتالة... وبنفس استراتيجية معركة الزلاقة استطاع المنصور الانتصار على ألفونسو الثامن انتصارا ساحقاً باهراً... كان لهذه الموقعة آثار عظيمة: نصر مادي وغنائم كثيرة ذُكر في كتاب وفيات الأعيان لابن خِلّكان أن عدد وفيات النصارى فاق 146 ألف جندي من أصل 225 ألف مقاتل وعدد الأسرى بين 20 الى 30 ألف أسير؛ 80 ألف من الخيول والعديد من الغنائم التي ذكرها نفس الكتاب - نصر معنوي وعلا شأن الموحدين في بقاع العالم - حدثت صراعات بين ليون وناڤار وقشتالة - استعادوا الشمال الشرقي للأندلس - معاهدة جديدة للهدنة بين المسلمين وقشتالة تمتد من 595 ه إلى 605 ه...
غييير المنصور الموحدي أمضى المعاهدة مع قشتالة ومات في سنة 595ه فجأةً وهو في عمر الأربعين بعد حكم زاهر دام 15 سنة؛ فتولى من بعده ابنه الناصر الدين الله أبو محمد عبد الله وعمره 18 سنة فقط العمر الصغير للحاكم الجديد لم يكن عائقا لكنه لم يكن على شاكلة أبيه في طريقة حكمه؛ وجد نفسه من جديد أمام ثورات بني غانية لي استصغروا الناصر لدين الله و تهنّاو من يعقوب المنصور لي كان زامطهم؛ وعادت الخلخلة من جديد و الفوضى العارمة فما كان من الناصر إلا أن وجّه كل طاقته لقمع ثوراتهم حتى أخمدها بقدرة قادر في سنة 604ه يعني ثورة استمرت تسع سنوات تقريبا؛ خونا الفونسو الثامن تجدد عنده الامل وبدأ في تجهيز نفسه لرد الاعتبار... ثم خالف الهدنة ونقض العهد وهجم على بعض مناطق المسلمين قبل انتهاء المعاهدة؛ وااالايني مصيبة هادي فبدأت حرب جديدة مع ألفونسو وجيوش النصارى من الأحلاف؛ لقاهم عياو وأُنهكوا في ردّ الثورات الداخلية، خصوصا ثورات بني غانية الشرسة، وماتنساوش أن القيادة ليست بكفاءة يعقوب المنصور الموحدي؛ هاد الناصر الدين الله كان شويا عنيد ولا يأخذ بالشورى كأسلافه ويعتد برأيه فقط الصگوعية استعان بوزير مْفلّسْ وعندو أخلاق ذميمة اسمه أبو سعيد ابن جامع و بزاااف ديال المؤرخين شكّكوا في نواياه واقتراحاته (لي تفرج فأرطغرل هاد خونا كيشبه للأمير سعد الدين كوبيك) المصيبة أنه الرجل الوحيد الذي كان يأمن له الناصر لدين الله من الناحية أخرى حصلت تعبئة روحية كبيرة في جيوش النصارى لانه هاد المرة البابا بنفسه سيقود الحملات على المسلمين في كل البلاد من معقله في روما و أفتى بأنها حرب صليبية مقدسة ووعد كل المشاركين بالغفران التّام عن كل خطاياهم استنفار عمّ كل أوروبا و تطوعت فرنسا بتمويل هذه الحملة الكبيرة و أخيرا توحدت جيوش أوروپا و صاروا 200 ألف جندي يتقدمهم كل الملوك والرهبان... الناصر لدين الله لما أعلن الجهاد وجمع لي جمع فوصل العدد من جهة المسلمين الى 500 الف مقاتل المهم أن جل كتب التاريخ تحدثت عن أن جيش الناصر كان ضعف جيش النصارى أو أكثر... و انطلق من بلاد المغرب الى الاندلس و توجه الى منطقة تسمى "العقاب" نسبة الى قصر يحمل نفس الاسم موجود على ترابها فدارت معركة العقاب بين جيش البابا و جيوش المسلمين؛ فكانت يا إخوتي هذه الموقعة اسم على مسمّى ..كانت عقاباً للمسلمين و أيّ عقاب؟! عقاب على الأنانية في اتخاذ القرارات - عقاب على انشغالهم عن الأندلس - عقاب على الثورات المتكررة - عقاب على الشتات وانعدام توحيد الصف والرأي... كيف تمت الهزيمة وعدد جيوش الناصر ضعف جيش النصارى؟! اجي نشرح ليك هاد الناصر فاش دخل الاندلس مشى نيشان لواحد القلعة حصينة جدا اسمها "سلباترا"؛ كان عدد النصارى فيها قليل ولكنها استعصت عليه فأشار عليه قادة الجيش باش يخلي حامية عسكرية و يمشي للشمال باش يحارب جيوش البابا و عاد يرجع و لكن حيت هو عنيد و ماكيسمعش رفض هذا الامر و دار بالمشورة ديال الوزير ديالو و بقى محاصر ديك القلعة مدة ديال 8 شهور.. 8 شهور ضيعها كان ممكن يسالي فيها شي حاجة سميتها جيش البابا، 8 شهور استغلها البابا في الاستعداد للحرب وزااادو في أعداد الجيش.. 8 شهور هلك فيها الآلاف من المسلمين بصقيع جبال الاندلس، حيت لمكلخ دخل في شهر ماي و هو شهر مناسب للقتال ومايسحاب ليه راه گاع شهور السنة بحال ماي.. زربت عليه الليالي وبداو الناس كيموتو ليه؛ 8 شهور قسم فيها جيش البابا نفسه الى ثلاث جيوش كبيرة: الاول هو الجيش الأوروبي الثاني هو جيش آراگون و الثالث هو جيش قشتالة و ليون وناڤار والبرتغال وهو الأضخم بينهم، فحاصرت هذه الجيوش قلعة "رباح" الإسلامية التي كان على رأسها أبي الحجاج يوسف بن قادس،وطال الحصار وقرر ابي الحجاج أن يترك القلعة للنصارى ويتركوه يذهب إلى الجنوب للالتحاق بالناصر، فوافق ألفونسو الثامن الشيء الذي أغضب باقي الملوك و قرروا الانسحاب من هذه المعركة لأنهم وجدوا أن ألفونسو كان خاصو يقتلهم مايخليهمش يمشيو و لكن هاد الفونسو قاليهم ايلا قتلناهم حتى مدينة ماغادي تبغي تحل لينا القلاع ديالها.. المهم زادو و خلاوه بوحدو - هذا نصر بالنسبة لابي الحجاج حيت دار ليهم البلبلة وشتت ليهم الشمل لي ما جمعوه غير بزز- كنتيجة طبيعية غادي يصغااار جيش النصارى مقارنة مع جيش الموحدين .. ولكن المصيبة أن ابي الحجاج فاش مشى عند الناصر وقاليه راني سلمت القلعة لألفونسو الثامن باش يخليني نجي عندك ناض الناصر من بلاصتو و جبد السيف و قتلو بتهمة التقاعس عن حماية القلعة آويلي على لبرهووووش غايركب فيا السكّر... ها الخطأ الثاني ديال هاد الناصر... المهم التقت الجيوش آ سيادي النصارى والموحدين؛ وغادي يدير المتطوعين في المقدمة وفي الخلف غادي يدير الجيش النظامي الموحدي؛ هادوك اللي في المقدمة ماعندهمش الخبرة في القتال ووضع في ميمنته جيش الأندلسيين لي مازال هازّين في قلوبهم من جهة أنه قتل ابي الحجاج الذي يعتبر من أجود القادة في الاندلس على الإطلاق... هاااا الخطأ الثالث.. السيد غير كايخوّر حيت اعتقد في العدد والعدّة وأهمل الاستراتيجية و الخُطّة آروووه ليا نصرفقو آروووه... من الطبيعي أن تحدث الهزيمة الكبرى بعد أن مزّق ألفونسو مقدمة المسلمين من المتطوعين واخترقوهم إلى قلب الجيش النظامي. واااراااك للسّفك العظيم الاندلسيين غير شافو اش طرا للمقدمة و هوما يعطيوها للجري ماكين عااا تاتا آ الخيل آ هرب هرب.. قلت لكم إنه فعلا يوم العقاب... فرّ الناصر منكسراً وبعض جنوده إلى مدينة أشبيلية وانطلق ألفونسو الثامن بقوته يفتح المدينة تلو الأخرى، حيث حاصروا بيّاسة وأوبدّة وقتلوا بهما تقريبا 60 الف مسلم...عقاب وأي عقاب.. يقول المؤرخون أنه بعد موقعة أوبدّة والابادة التي تعرضت لها مااا كنت تجد شابّا صالحا للقتال في بلاد المغرب ولا في بلاد الأندلس؛ موقعة واحدة كانت كفيلة بإسقاط دولة كاملة... عاد الناصر صاغرا الى المغرب بعد هاد الشوهة واعتكف في قصره واستخلف ابنه وهو يبلغ من العمر عشر سنوات وهو المستنصر بالله واش هذا بعقلو اااويلي ااارو ليا لحْجَرْ بعد هذا الاستخلاف بسنة غادي يموت النّاصر الغبي بكمده وفقصته في سنة 610 ه وهو يبلغ من العمر 34 سنة فقط، ومن جديد تُوكل الامور لغير أهلها و تضيع الأمانة بين الرجلييين وهنا التاريخ يعيد نفسه... عقلتو على هشام ابن الحكم؟! وكيف قامت الدولة العامرية... عقاب ٌ وأي عقاب .. هذه المرة العقاب ماشي ساهل لأننا ندفع ثمنه الى يومنا هذا... من الناحية الأخرى عند جيش النصارى ظهرت بعض الامراض واضطروا للعودة الى الديار و هذا سيمد من عمر الاندلس شي شويا… بعد موقعة العقاب بشي خمس سنوات و في ظل حكم الصغير المستنصر بالله غادي تبان شي حركة تغييرية للاستقلال عن الموحدين تم انشاء دولة سنية جديدة من قلب قبيلة زناتة المغربية دولة سيكون لها شأن كبير في الاندلس و هي الدولة المرينية في سنة 614 ه… في سنة 620ه سقطت جزر البليار على يد ملك آراگون و قُتل 20 الفا من المسلمين؛ في نفس السنة استقل بنو حفص في تونس ؛في نفس السنة مات الأمير الصغير في عمر 21 سنة و دار بعده صراع كبير على السلطة و تولى عم أبيه الحكم الملغوم من بعده فخلعوه وقتلوه؛ و بعده جا شي واحد من الاسرة الملكية و قتلوه و بقاو هاكّا لي خاد العرش كايصفيوها ليه... واتجهت الدولة الموحدية رأسا نحو الهاوية ... في 625 ه استقل بنو هود بشرق وجنوب الاندلس ...استقل بنو الاحمر و سيكون لهم شأن كبير في بلاد الاندلس سأحكي عنهم في الجزء القادم.. سقطت ڤلنسية بعد حصار دام سنوات من مملكة آراگون بعدها هُجر مسلموا ڤلنسية الى تونس وتحولت كل مساجدها الى كنائس ... وسقطت جيان... و توالى السقوووووووووووووووووووط ... سنة 633ه استقل بنو زيان بالجزائر. وفي نفس السنة سقطت قرطبة بعد حصار دام لشهور ... وخرج أهلها تاركين كلّ شيء وتركوا خلفهم مجدا عظيما؛ سقطت حاضرة الإسلام التي أفاضت على العالم خيرا وعلما ونورا؛ صاحبة 3000 مسجد و13 ألف دار.. عاصمة الخلافة لأكثر من 500 عام سقطت الجوهرة الفريدة في 23 شوال 633 ه وفي ذات اليوم تحول مسجدها الى كنيسة... سقطت قرطبة الى الابد ولم تعُد الى يومنا هذا .. لم يبقى لنا الاّ غرناطة وأشبيلية .. أي عذاب نفسي هذا في هذه الحكاية؟! طلوع وهبوط ولعب بالمشاعر؟ في كل مرة نفقد فيها الأمل تعود إلينا الاندلس ونعود أكثر قوة! لكن هذه المرة السقوط سيكون الى الأبد! و لن تعود الاندلس .. بل إن للسقوط حكاية طويلة وأي حكاية؟! في الجزء القادم نحكي مأساة السقوط! نحكيها بمرارة! نحكيها بالحزن! نحكيها لأنها يجب أن تُحكى.