الخميس 18 إبريل 2024
فن وثقافة

خولة فرحات: حكاية الأندلس.. الجزء الثاني

خولة فرحات: حكاية الأندلس.. الجزء الثاني خولة فرحات تضع فتح الأندلس تحت المجهر

في هذا الجزء نتحدثُ عن الفترة الأولى لفتح الأندلس، يعني عهد الفتح الإسلامي الذي بدأ بالضبط في 92هـ (اخترت التقويم الهجري حتى يحيلكم مباشرة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم). الآن وكي نفهم كيف تمّت عملية الفتح الإسلامي سنعود بالسنين إلى الوراء ونرى ما كان عليه شمال إفريقيا على اعتبار أنها البلاد المتاخمة للأندلس ومنها جاء الفتح المبين.

 

دخل الدين الإسلامي للشمال الإفريقي على فترات عديدة دخلها من 70 سنة قبل الفتح الأندلسي بالضبط في سنة 23هـ، وكانت فتوحات يتبعها ارتداد عن الإسلام، كان يُعمّر الشمال الأفريقي في تلك الحقبة قبائل جبّارة وضخمة تسمى "الأمازيغ"، كلّما أسلمت كلما ارتدّت ودارت بينها وبين جيوش المسلمين حروب كثيرة حتى استقرّ بها الإسلام في أواخر سنة 85هـ على يد موسى بن نُصير...

 

علااااش؟! عَقْتْ بيك كاتقول علاش، زعما موسى بن نصير هو الذي ثبت الإسلام في تلك المنطقة؟! هاااا انت جبدتيني باش نعَرفك على شكون هذا القائد الإسلامي التاريخي.

 

موسى بن نصير أبوه هو نُصير (عرفتها عا بوحدي والله) ولكن نصير كان نصرانياً أسر في موقعة عين التّمر على يد خالد بن الوليد الذي اقترح عليه دخول الإسلام، فقبل نُصير دون تردد لما رآه من معاملة طيبة وكيف كان آسروه رُحماء به وأخذ نصير هذا يتدرج في الاسلام حتى أصبح عالماً جليلا وفارسا مغوارا ومجاهدا كبيرا، بل وأصبح قائدا لجيوش معاوية بن أبي سفيان في الدولة الأموية، وبهذا تربى موسى بن نصير مع أمراء الأمويين. وبالتالي تربى على نشر الدعوة والجهاد لإعلاء راية الإسلام، فأصبح مع مرور الوقت موسى بن نصير قائد جيوش الأمويين في مصر وآنذاك كان والي مصر هو عبد العزيز بن مروان، وبعدها أصبح موسى بن نصير والياً على أفريقيا -نرجعووو دابا للسؤال ديالنا قبل ما نعرفو موسى بن نصير اللي هو: علاااااش سكان شمال افريقيا يرتدّون عن الإسلام؟!- هذا كان نفس السؤال الذي طرحه قائدنا الذكيُّ الورِعُ، خصوصا وأن عقبة بن نافع سبقه في هذا الأمر وحاول تثبيت الدعوة، فانتهى به المطاف قتيلاً في القيروان بعد عودته من المغرب الأقصى... فوجد أن هناك خطأين: الأول أن عقبة بن نافع ومن معه يفتحون البلاد فتحا سريعا لا يستطيعوا فيه حماية ظهورهم.. السيد كان مزروب وداركو الوقت طامع في فتوحات كبيرة، ولكن في وقت وجيز فكانت لا تأخذ منه إلا شهورا معدودة.

 

الثاني: كان هناك تعليم ضعيف للإسلام، يعني لم يجتهد سابقوه في تعليم الناس شعائر الدين ولم يستثمروا في إقناعهم به.

فما كان من موسى بن نصير إلا أن تدارك هذين الخطأين وفتح الشمال الإفريقي في تأن وفي هدوء كايزيد خطوة ويؤمن ظهره، فأتمّ فتح البلاد في سبع سنوات وبدأ ايضاً يأتي بالعلماء والمدرسين من الشام والحجاز ليعلموا الناس ويحببوا إليهم هذا الدين، فدخل فيه الناس أفواجاً وأخيرا دخل الأمازيغ في دين الله تعالى و صاروا جند الله و أهله -عرفتكم مزروبين باغيين من الأول تدوزو نيشان لطارق بن زياد ولكن خديت الوقت باش نوريكم شكون السبب باش ولا طارق بن زياد مسلم، كيفاش أن الفتوحات ضمت للإسلام أبطالا غير عرب صنعوا المجد والهمة لهذه الأمة التي كانت يوما ما عظيمة-.

 

إلى هنا أتم موسى بن نصير فتح الشمال الإفريقي كله إلا مدينة "سبتة" التي استعصت على الفتوحات، وإلى يومنا هذا آ خوتي؛ في تلك المنطقة كان هناك ميناءين "سبتة" و"طنجة"، هذا الأخير فُتح بالإسلام وعَيّن بن نصير على رأسه قائدا ماهرا هو "طارق بن زياد" الأمازيغي.

 

سبق وأشرنا في الجزء الأول أنه بعد المغرب الأقصى اختار المسلمون الاتجاه للأعلى وفتح الاندلس عوض النزول للأسفل، حيث الصحراء الكبرى ياااك؟! دابا الفكرة هاهي هااا احنا بغينا نفتحو هاذ الأندلس، ولكن راه كاين مشاكل كثيرة قدامنا.. شنو هي؟! المسافة بين المغرب والأندلس 13 كلم على الأقل وليس للمسلمين سفن يمكنها أن تحمل جيوشا وتعبر هذه المسافة المائية الكبيرة -جزر البليار مملوكة من الروم وإذا تقدم ابن نصير وفتح الأندلس ستكون في ظهره وشي ما درناه- ميناء سبتة لم يُفتح ويحكمه جوليان وله علاقات كبيرة مع ملك الأندلس السابق واسمه غيطشة وهاد غيطشة تعرض لانقلاب من طرف لودريق أو رودريكو الذي تولى الحكم على الأندلس ابّان محاولة الفتح الإسلامي، ولكن بن نصير لا يستطيع العبور إلى الأندلس وفي ظهره جوليان، ولو أنه على خلاف مع الملك الجديد المُنقلب على صديقه - قوات الفاتحين كانت قليلة العدد -أرض الاندلس مجهولة ولا يعرفون عنها شيئاً-.

 

لم تقف هذه المشاكل عائقاً أمام بن نصير ولكنه بدأ في ترتيب الفتح بتأن أولا بنى موانئ وأشهرها ميناء القيروان وأنشأ سفنا وكوّن فرقا عسكرية من الامازيغ سكان المنطقة الأصليين حتى تكون هي جيش الإسلام، وصار طارق بن زياد قائدهم لأنه يعرفهم ويتقن لغتهم وقريب منهم.

 

أول حاجة فعلها موسى بن نصير هي أنه فتح جزر البليار فأمن ظهره آش بقى لينا بقات لينا سبتة (الميناء الحصين). السي موسى ربّع يديه ولقى راسو أمام عائق كبير وصعيب ولكن ربي كبييير.

 

جوليان أو يوليان لي دوينا عليه لفوق جاتو فكرة بدا كايقول مع راسو هاد المسلمين غاديين وكايكبرو من حولي غانصبر اليوم وغدا، ولكن عاجلا ام آجلا غادي يهجمو عليا ويديو ليا أرضي وزد على ذلك أن جوليان عنده حقد كبير تجاه لودريق الذي قتل صاحبه غيطشة حتى أن أولاد هذا الأخير استنجدوا بجوليان ليساعدهم في الانتقام من لودريق، ولكن لا أولاد غيطشة ولا جوليان لهم طاقة للودريق، وأصلا إيلا جوليان مشات ليه أرضو فين غادي يهرب وعندمن غادي يمشي لأنه محبوس من الفوق لودريق ومن لتحت بالأمويين.. زِد على ذلك أن أولاد غيطشة عندهم اراضي وضِياع شاسعة على أرض إسبانيا صادرها لودريق. كل هذه الأفكار تمخضت في ذهن جوليان حاكم سبتة، فما كان به إلاّ أن كتب رسالة إلى والي طنجة طارق بن زياد فوجد قائدنا المبجل نفسه أمام عرض مذهل.

 

عرض جوليان على بن زياد ثلاثة أمور ولكن بمقابل.. شنو هي؟!

- أسلمك ميناء سبتة

- أمدك بالسفن لتعبر للأندلس

- أعطيك معلومات عن أرض الأندلس وكأنك تسير فيها..

في مقابل: ضيعات وأملاك غيطشة المصادَرة ونبقى تحت حكمك.

 

فما كان من طارق بن زياد الا أن أخذ هذه المعلومات وذهب بها إلى موسى بن نصير في القيروان ويخبره بما جاء به رسول جوليان، ولكن النهار كبير والقضية حامضة آش دار بن نصير أخبر رؤساءه المباشرين حسب ترتيبهم، فبعث رسالة للوليد بن عبد الملك ويشرح له.. فسمح له بعبور الأندلس بشرط واحد هي ألا يدخل الأندلس حتى يختبرها بفرقة صغيرة من الجيش شكووون قال يبيعنا جوليان ونوليو دراري وحذره من شروحات جوليان (يأخذها بعين الاعتبار ولكن لا يعتمد عليها)، فجهز موسى بن نصير سريّة من 500 رجل على رأسها طريف بن مالك، وهو امازيغي أيضاً حديث الإسلام. فتمّ ذلك وعبر طريف بن مالك الى الأندلس بالضبط في رمضان من سنة 91هـ، فبدأ يدرس طريف منطقة الأندلس، خصوصا المنطقة التي سينزل فيها جيش الإسلام، ثم عاد بسلام وشرح لابن نصير جغرافية المنطقة وبناء على شروحات طريف بن مالك جهز بن نصير نفسه لمدة عام دائما في تأن وهدوء حتى أعد خلال هذه السنة 7000 آلاف مقاتل وولى عليهم طارق بن زياد، فتحرك هذا الجيش نحو الأندلس عبر ما يسمى الآن مضيق جبل طارق بالضبط في شعبان من سنة 92هـ وانتقل بعده إلى منطقة تسمى الجزيرة الخضراء، وكانت المفاجأة أن طارق بن زياد التقى هناك بحامية تابعة لجيش لودريق الطاغية.. آش دار السي طارق عرض عليهم بعض الأمور قال ليهم دخلو للإسلام ولكم ما لنا وعليكم ما علينا ونترك لكم أملاككم في أيديكم أو تدفعوا الجزية أو نقاتلكم. طبعا خوتنا القوط ما رضاوش بهاد الزربة لي زرب عليهم جبدو سيوفهم في وجه جيش المسلمين وكانت معركة حامية الوطيس انتصر فيها طارق بن زياد.. الناس كانت مسلحة بقوة الإيمان بعدها أرسل زعيم القوط رسالة مستعجلة للحاكم لودريق في طليطلة وقال له: "أدركنا يا لودريق فإنه قد نزل علينا قومٌ لا ندري أهم من أهل الارض أم من أهل السماء" وااا عتااااق راه ماعرفناهم من السما ولا من لارض ناس كايطلبو شي طلبات غريبة ما عمرنا سمعناها يا تدخل في دينهم ويخليو لينا كلشي لأنهم.. لم يعتَدوا على مثل هذه الطلبات لي معروف أنه شي حد لا هجم عليك كاياخذ ليك المال والبنون ويأتي على الأخضر واليابس آ المهم وصلت الرسالة إلى لودريق واستشاط غضباً وجمّع من الناس 100الف مقاتل وجاء بهم من الشمال إلى الجنوب. أما طارق بن زياد كانوا معاه 7000 مقاتل أغلبهم من الرّجّالة ومعه خيل قلييييل ناااااري كيغادي يدير؟! تخيلوا 100 ألف بمعدات حرب كاملة مكمولة أمام 7000 واحد الله كريم صعيييب هادشي. وصلات لخبار لموسى بن نصير سيفط ليه 5000 آلاف مقاتل على رأسهم طريف بن مالك، يعني أصبح المجموع 12 الف مقاتل إلى جانب المسلمين وااا باقي قليييل هادشي.

 

بالزربة طارق بن زياد أخذ يتجول في المنطقة باحثا عن أرض تصلح للقتال حتى استقر به الأمر على منطقة تسمى "وادي برباط" أو "وادي لكّة" أو لوكّا.. كان مكانا مناسبا لخوض معركة ضارية مع القوط ولكن شوف ليا الذكاء العسكري هذه المنطقة في خلفها وعن يمنيها جبل ويسارها بحيرة عظيمة جدّا هنا كان المراد هو حماية "خلفه" و"ميمنته"، فلا يستطيع بذلك أحد أن يلتفّ من حوله.. برافو خويا طارق، فاستدرج النصارى من الشمال وحاصرهم من الجنوب بسرية لطريف بن مالك.. معلّم اييييوا بقا كايتسنى فلودريق وجاااا لودريق على عودو كايشالي يا لالة ولكن جايب معاه البغال محملة بالحبال باش يربط فيها المسلمين الأسرى.. السيد كان متأكد من راسو قطع الواد ونشفو رجليه "مغرووور" و"مسمووووم"!!!

 

هذا اللقاء تمّ في 28 رمضان من سنة 92هـ ايييه في رمضان أنت لي كاتفيق حتى الجوج و دير كرسي تاع الفرشي قدام الباب وتجيب المغرب.. ايييه في رمضان أنت لي كاتسلت فالخدمة حيت عيان ومافيكش ما يخدم في رمضااان يا اخوتي الذي كان في التاريخ الاسلامي شهر فتوحات ومعارك صنعت مجدنا.. بدأت المعركة في 28 رمضان واستمرت ثمانية أيام متّصلة وتخللها عيد الفطر.. شوف مقدار الصبر لي كان عند هاد الناس، نعم منّ الله على المسلمين بالنصر على قلة عددهم ومعداتهم، ولكن كان لهم إيمان قوي آمنهم من خوف وبشرهم الله بعد صبرهم وحِلمهم بهذا النصر العظيم. وقُتل لوذريق المختال الفخور بهذه الموقعة، ويقال في روايات أخرى إنه هرب إلى الشمال وهذا مستبعد، وبهذا فُتحت صفحة جديدة طاهرة راقية لمنطقة الأندلس، فغَنِم المسلمون غنائم عظيمة أهمها الخيول، فاصبح كل الجيش الإسلامي خيّالة بعد أن كان كله رجّالة.. بنادم كان يضربها على رجليه. ولكن جيش المسلمين برغم غنائمه إلا أنه دفع ثمنا غاليا كانوا 12 الف مقاتل وفقدوا 3000.. دماء زكية طاهرة روت أرض الأندلس لتنشر ديننا الحنيف. دابا في هذه اللحظة طارق بن زياد قال مع راسو خاصني نكمل الفتح لأنه هادي هي الفرصة لأن الروح المعنوية ديال الناس لي معاه عالية جدا بعكس القوطيين وأيضا مقتل لودريق أو هربه، وعموم الناس تكرهه.. يعني إذا توغل ودعا الناس للإسلام وبدّل طغيان لودريق بسماحة الإسلام، فسيتبعه الناس افواجاً -وماتنساوش أن جويليان على عهد معه وماكيتيقش فيه- فانطلق طارق بن زياد مباشرة في اتجاه الشمال لفتح باقي المناطق بالضبط الى اشبيلية، وهي أعظم مدن الجنوب فلما اقترب جيش المسلمين إلى هذه المدينة تحقق قول رسول الله: "نُصرت بالرّعب مسيرة شهر". فتحت المدينة أبوابها للمسلمين بسلاسة وصالحت على الجزية دون قتال، على الرغم من حصونها وقلاعها وصعوبتها صدقاااات ساهلة ماهلة.

 

الجزء القادم نكملو الرد فتوحات ونشوفو رد فعل موسى بن نصير...

يالاه ها أنت فتحتي الأندلس مع طارق بن زياد دابا غير خلي الأمارة بأنك دزتي من هنا ولا راه غادي تبات كتحُك.

 

خولة فرحات، فنانة مسرحية وباحثة في التراث الشعبي