الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

أحمد بومعيز: معمل "سري" للموت العلني!!

أحمد بومعيز: معمل "سري" للموت العلني!! أحمد بومعيز
هي السرية ياقوم ... وللسرية عادات في الوطن.. ومن السرية ما قتل. ومن العادات ما قتل. ومن المعامل ما قتل.ومن العمل ما قتل . وللعمل وللمعامل سرية في الوطن.. والموت علن ومعلن ...ولا سرية ولا حياد مع الموت في المعامل السرية. ..
والآن وفي طنجة ..الموتى لم يتعد عددهم 28 فقط . جثت لنساء ورجال فقراء كانوا عمال خياطة سرييين في معمل سري للغاية بمرآب ..فقط ،ولحسن حظنا !!!. ولا عزاء للعمال الفقراء السريبن.
والخبر المفرح هو أن الموت لم يشمل كل العمال والعاملات، كن وكانوا أزيد من 130، وقيل أكثر، وقيل أقل..ويبقى عددهم سرا..والسر من أسرار أصحاب الاستثمار والمسؤولين على كتم الأسرار لاإفشائها..الموتى لم يتعد عددهم 28 .. والخبر المفرح الآخر أنهم لم يموتوا كلهم غرقا بماء المطر الذي لم يعد غيثا ..مات بعضهم صعقا بالكهرباء، وهو موت رحيم يليق بالعمال السريين.
وكان صاحب المعمل السري كريما مع العمال والعاملات الفقيرات والفقراء ، فمنحهم فرصة للعمل، وفرصة للموت الرحيم في سرية مرآب.. سري للغاية و لكل غاية مفيدة .
..وكم كنا نحن!! ..كم نحن مبدعون!!! ومسؤولونا كانوا مبدعين..نبدع في كل شيء : في تهريب العمل، وسرية المعامل، وفوضى الإنتاج، وخرق القانون، وقتل العمال الفقراء، وفبركة الأكاذيب، ونحت المصطلحات.."معمل سري" مصطلح فيه إبداع كبير، تمت صياغته على منوال الهجرة السرية والعادة السرية ..وأشياء أخرى سرية...فيا إلهي كم من سر في الوطن!!!؟؟؟؟
...و كم نحن مبدعون، ومسؤولونا لا زالوا مبدعين، نبدع في كل شيء ،حتى في سرية المعامل، ونصدق تبريرات مسؤولينا فقط لأنهم ارتضوا نهج تهريب المسؤوليات وتوخى السرية...!!!
... وتصوروا أن في مدينة كطنجة، وبكل ما تعنيه طنجة، أن كان هناك معمل سري ينتج النسيج أو أشياء أخرى ،في مرآب فيلا بحي سكني!!! سري جدا حتى لم يفقه له أحد .ولم يفش سره أحد..والسلطات وأجهزتها لم تعلم عنه شيئا.. والعمال كانوا يدخلون كلهم سرا.. والمنتوجات كان تخرج كلها سرا.. ورب المعمل كان يأتي سرا.. ويربح الأموال سرا. ويضعها في جيوبه سرا، ويودعها الأبناك سرا، ويؤدي رواتب العمال الفقراء سرا، ولا يؤدي الضرائب سرا، ولا يسجل العمال البؤساء في صناديق الحماية الاجتماعية سرا ..والمسؤولون لا يعلمون شيئا.... منذ سنوات والأمر كان سرا.. وكبر السر.. وكبر الفقر. وكبر رصيد رب المعمل السري..وكبر التغاضي عن السر... وجاء المطر.. وجاء الموت. والمطر لم يكن سريا ولا الموت...فهل نستنكر؟
والمطر كان سببا في إفشاء السر المكنون!!
هل نلعن المطر؟؟
هل نحاكم المطر؟؟ أم نعلن الحداد ونعلن استنكارنا لكل صلوات الإستسقاء...!!؟؟؟
المطر سيئ هذا الموسم، أغرق البيضاء وأسقط دورها .. وأغرق طنجة وقتل عمالها السريين. ..فتبا للمطر..والموت للمطر..وليعش الجفاف كاتم أسرارنا وأسرار مسؤولينا.... غدا سنوقع عارضة للمطالبة بإلغاء المطر وطقوس صلاة الاستسقاء. سنطالب بتعميم الجفاف حتى لا تنفضح كل أسرارنا. وللموتى الحق في الصمت والموت ..ولهم علينا الحق في الفاتحة سورة لا صورة.
ولعائلاتهم أجر السرية لا الأجور.. وعلينا أيضا واجب التضامن المطلق في كتم باقي الأسرار...ولنا كل المواعيد المقبلة لنقدم التعازي المقبلة لكل الموتى المقبلين من مرآب أو دهليز أو مخفر أو سقيفة أو قارب سرييين....سرييين جدا وإلى موت علني مقبل..