سيظل برنامج "أَلْحَانْ عْشَقْنَاهَا" الذي تبثه القناة الثانية، وتقدمه الفنانة المتألقة سناء مرحتي، محافظا على إشراقاته الجميلة، وملتزما ببصمة علامة التميّز بين مختلف البرامج التي تشتغل على موضوع الغناء والموسيقى التقليدية والفنون الشعبية خصوصا ذات الصلة بتراث فن العيطة بتعدد روافدها وخصوصياتها.
برنامج يمتن العلاقة بين جيل الرواد والجيل الحالي
من خلال تتبع جريدة "أنفاس بريس" لذات البرنامج الفني، أجزم القول أن بعض حلقات "أَلْحَانْ عْشَقْنَاهَا" قد استطاعت فعلا، أن تشتغل بهدوء ويقين على هندسة وبناء جسر الروابط التراثية والفنية والإبداعية، وتحقق هدف العبور والتلاقي بين مدارس فنية شعبية، تنتمي لمجالات جغرافية متعددة من ربوع الوطن، بل أن حلقات البرنامج حققت مفهوم تمتين الأواصر الفنية بين الرائدات والرواد من شيخات وشيوخ فن العيطة المغربية وبين الجيل الحالي من الشباب الذي يحمل مشعلها التراثي والفني.
من خلال تتبع جريدة "أنفاس بريس" لذات البرنامج الفني، أجزم القول أن بعض حلقات "أَلْحَانْ عْشَقْنَاهَا" قد استطاعت فعلا، أن تشتغل بهدوء ويقين على هندسة وبناء جسر الروابط التراثية والفنية والإبداعية، وتحقق هدف العبور والتلاقي بين مدارس فنية شعبية، تنتمي لمجالات جغرافية متعددة من ربوع الوطن، بل أن حلقات البرنامج حققت مفهوم تمتين الأواصر الفنية بين الرائدات والرواد من شيخات وشيوخ فن العيطة المغربية وبين الجيل الحالي من الشباب الذي يحمل مشعلها التراثي والفني.
البرنامج يهدي فرصة ثمينة لجيل الشباب
في هذا السياق يمكنني القول بأن برنامج "أَلْحَانْ عْشَقْنَاهْا" يحسب لطاقمه الفني والتقني وما إليه من تخصصات "الإخراج والتصوير والمونتاج والبث"، أنه قد تمكن من خلق فرصة ثمينة ونادرة لبعض الفنانات الشعبيات في مجال فن العيطة ـ من ولوج الباب الواسع ـ للنهل من ثقافة شِيخَاتْ وشْيُوخْ مدرسة "الْمَشْيَخَةْ" المتّصلة برائدات ورواد فن العيطة واجتياز امتحان الإشراك والمشاركة والإدماج في طريقة وأسلوب العزف على أوتار الآلات الموسيقية التراثية، ومهام ضبط إيقاع موازينها المركبة والمعقدة، دون الحديث عن علو الكعب في مجال طبوع الغناء والأداء المتميز للأصوات الواعدة.
كيف لا! والهمُّ الوحيد للقائمين على ذات البرنامج التراثي والفني، هو تقديم أطباق باذخة للجمهور/المتلقي من تراث الغناء والموسيقى التقليدية اعتمادا على المسار التاريخي المشرق لرواده ورائداته من حاملي مشعل فن العيطة المغربية.
الراحلة الشيخة حفيظة الحسناوية تسلم المشعل لسهام المسفيوية
لقد أسس برنامج "أَلْحَانْ عْشَقْنَاهْا" في إحدى حلقاته السابقة للعمل الفني المشترك الذي جسر العبور بين الأجيال على مستوى العيطة العبدية، بين الشِّيخَةْ الطَّبَّاعَةْ الراحلة حفيظة الحسناوية إلى جانب الشّابة الواعدة الشِّيخَةْ سهام المسفيوية رفقة مجموعة أولاد بن عكيدة. فكانت بطبيعة الحال، حلقة رائعة بخطواتها الفنية المحسوبة بدقة، حيث تعتبر في نظرنا لحظة جد مميزة، على اعتبار أن مشعل الراحلة الفنانة الحسناوية قد تسلمته سهام المسفيوية كـ "شِيخَةْ طَبَّاعَةْ" بخامتها الصوتية ووقفتها وحركاتها، وانتقالاتها بين الجمل الموسيقية لفن العيطة العبدية.
لقاء فرسان العيطة "يُومِْ مَلْقَاكْ يُومْ فَرْحِ وهْنَايَ"
إن حلقة "أَلْحَانْ عْشَقْنَاهَا" التي تتبعها الجمهور يوم السبت 27 دجنبر 2025، كانت تروم أهدافها ـ حسب قراءتنا الخاصة ـ إبراز الخصوصية الفنية والإبداعية لفن العيطة، من خلال المزج بين فنانات وفنانين وأصوات منتقاة من الأنماط الغنائية ذات الصلة. خصوصا أن إعداد الطبق الفني لنفس البرنامج، قد استحضر لتوثيق طبق هذه الحلقة الاستثنائية، توابل نكهة نمط عيطة الْمَرْسْ "الْمَرْسَاوِي" ذات العزف السّاحر، والإيقاع الجميل، والنغم الهادئ والأصوات الناعمة حيث اكتمل المشهد بحضور رائدها الفنان المتألق الشِّيخْ خالد البوعزاوي الذي كان يتأبط "الْكَمَنْجَةْ" الساحرة النغم بتبات وهدوء، رفقة مجموعته الراقية التي لا تفرط أبدا، في الزّي واللباس التقليدي المميّز، فضلا عن الحضور البهيّ لحاملة مشعل العيطة العبدية الفنانة الواعدة سهام المسفيوية رفقة المجموعة التراثية الشامخة لأولاد بن عكيدة التي تعتبر من أعرق المجموعات الفنية التراثية، والتي خلدت مشوارها الفني مع أيقونة العيطة الراحلة فاطنة بنت الحسين والمرحومة حفيظة الحسناوية رحمهما الله.
بطبيعة الحال فإن فكرة المزج بين المجموعتين الشعبيتين البعيدتين مجاليا، في بلاطو تراثي خلال تقديم حلقة برنامج "أَلْحَانْ عْشَقْنَاهْا"، وتشكيل كتيبة موحدة "عَلْفَةْ مْسَاوْيَةْ" من فرسان فن العيطة المغربية ـ يعتبر في نظرنا ـ عمل جاد وهادف، كونه يجسر بين النّمطين الغنائيين الشعبيين "الْمَرْسَاوِي والْعَبْدِي"، وهو تعبير راق يسهم لا محالة في التواصل الفني، وتوثيق الرّوابط التراثية والفنية والتقارب بينهما، والنهل من خصوصية أشكال الأداء والانتماء للمجال الجغرافي وروافده التراثية.
لحظة العرفان..."الْخَطْوَاتْ كْتَابُو والطُّرْقَانِْ صْعَابُو"
"إن لقائنا بمجموعة شيوخ العيطة المرساوية برآسة الفنان خالد البوعزاوي في هذا البلاطو الفني هو حدث مهم جدا، خلقتم السعادة والفرح لأننا نعتبر أنفسنا إخوة، وهي لحظة تراثية وروحية تجمع بين رواد فن العيطة المغربية" يقول الشيخ بوجمعة بنعكيدة.
وأكد الفنان خالد البوعزاوي بقوله: "تربطنا مع أولاد بنعكيدة علاقات الأخوة، وأواصر عشق التراث الفني منذ الثمانينات، حيث جمعتنا الظروف في مناسبات ومهرجانات داخل المغرب وخارجه" وأضاف موضحا "طيلة مشوارنا الفني تعلمنا ونهلنا واستفدنا من بعضنا البعض، نقيم جلسات فنية ونتبادل الرأي في مجال فن العيطة المغربية". في سياق متصل أكد الشيخ بوجمعة بنعكيدة بخطابه المتفائل قائلا: "هناك جيل من الشباب يحمل مشعل فن العيطة ويحصنها، ويتقن العزف والإيقاع والغناء...فلا خوف على الخلف".
الفنانة سهام المسفيوية تتألق رفقة كتيبة فرسان شيوخ العيطة
في تصريح لفنانة العيطة والغناء الشعبي سهام المسفيوية أوضحت لجريدة "أنفاس بريس" قائلة: "أنا سعيدة جدا، كوني شاركت في بلاطو برنامج ـ أَلْحَانْ عْشَقْنَاهْا ـ ضمن نجوم ورواد شيوخ فن العيطة العبدية والعيطة المرساوية" وأضافت بقولها "لا يمكن أن أصف لكم إحساسي وأنا أشارك مع نخبة من كبار المتمرسين على حفظ وأداء فن العيطة، ويحملون معهم تاريخا طويلا من الممارسة الفنية". وشددت على أنه "ليس من السهل المزج بين مجموعتين غنائيتين كل واحدة معروفة بلونها ونمطها العيطي" في إشارة لمجموعة أولاد بنعكيدة المعروفة بنمط العيطة العبدية، ومجموعة خالد البوعزاوي المعروفة بنمطها المرساوي.
وأصرت الفنانة سهام المسفيوية على تقديم الشكر والإمتنان لمعد ومقدمة البرنامج وللقناة الثانية التي "منحتني فرصة ثمينة، أمثل فيها الجيل الصاعد من الشباب الدي يحمل مشعل فن العيطة ويحافظ على أصولها التراثية". وشددت على أن "الصعوبة اليوم تكمن في كيفية الحفاظ على هذا الموروث التراثي الشعبي، لأن المسؤولية جسيمة تتطلب الاجتهاد والصبر والمثابرة".
مزيدا من التوثيق ومزيدا من التألق للبرنامج المتميز
لقد تم توثيق هذا العمل الفني والتراثي الرائع في بلاطو برنامج "ألحان عشقناها" بالقناة الثانية، بين مجموعة الفنان المتألق خالد البوعزاوي، ومجموعة أولاد بن عكيدة القادمة من حاضرة المحيط، حيث تقاسمت كتيبة فرسان العيطة وبصمت على اختياراتها الجميلة حضورا وعزفا وأداء، بدأ من اللباس التقليدي المميز، والآلات الموسيقية الوترية المختلفة التي تناغم سحر أناملها المروّضة على الأوتار، وتجانس مع ضباط الإيقاع ـ السّهل الممتنع ـ فكان الأداء في مستوى اللحظة التي مزجت بين أصوات خلدت لملاحم منطقة الشاوية وعبدة، حيث العشق المباح فيها لـ "أَلْحَانْ عْشَقْنَاهَا".