الخميس 18 إبريل 2024
مجتمع

تكريما للراحل..ماذا حدث يا عمر؟

تكريما للراحل..ماذا حدث يا عمر؟ الراحل عمر عبيدة
 قبل أسابيع كنتَ سعيدا جدا بأنك أخيرا أنزلتَ عن ظهرك عبء الوظيفة التي امتصت عمرك، وتخلصتَ من قيد العبودية الذي يعتقل المبدع فيك. وعزمتَ على أن تعيش الحياة التي تأجلت دائما.
قبل أسابيع فقط، إلتقينا وأنت مازلت كما أنت شابا في عمر الستين، بروحك المرحة تحدثنا، وبطيبوبتك سألتني عن أحوال أسرتي فردا فردا، ولم تنس عمي رفيق طفولتك في فوضى الأسئلة. وتقاسمنا حلمك الذي أعلنت أنك الآن ستعمل من أجله، وسنعمل عليه سويا؛ معرض حقيقي للصور الفوتوغرافية يختزل تاريخ البرنوصي من خلال تاريخ مؤسسة تعليمية. المؤسسة التي التصق اسمك باسمها، دخلتها شابا جدا، وأبيت أن تغادر مكتبك فيها حتى تبلغ سن التقاعد. 
ووصلت إلى سن التقاعد، ولم تغادر المؤسسة فحسب، بل غادرت الدنيا. 
الآن عرفتُ أن إعدادية طارق لم تكن بالنسبة إليك مؤسسة تعليمية تشتغل فيها حارسا عاما، لقد كانت (أكواريوم) كتلك التي كانت في قاعة الأساتذة تنبض بالأسماك الشرسة، هل تذكر؟ كانت (طارق)  (أكواريوم) إذ كنت أنت فيها سمكة. فبرغم ضيقها الشديد هي بالنسبة إليك أعظم من كل العالم الواسع خارجها... لأن فيها حياتك وخارجها لا يوجد إلا الموت.
أنا لا أرثيك هنا يا عمر، ووالله لا أفعل. أنا فقط أريد أن تعرف أنني مصدوم وحسب. 
ضع نفسك مكاني: تستيقظ ذات يوم، تفتح الواتساب قبل ان تفتح عينيك، وتقرأ باختصار شديد: انتقل إلى رحمة الله الأستاذ منير باهي. 
بالله عليك، ألن تُصدم كما انا مصدوم؟ ألن تندفع الذكريات المشتركة من قلبك ورأسك ومن كل مكان كما حدث معي؟ ألن تكتشف أن تأجيل الأحلام الممكنة في هذه فعل غبي؟ .
سلام الله عليك يا عمر عبيدة Omar Abida نم قرير العين في رحمة الله، إنا بك لاحقون. وإنا لله وإنا إليه راجعون.