Thursday 6 November 2025

كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: هل طُوِيَ ملف وحدتنا الترابية بقرار مجلس الأمن؟.. ليس بَعد!!

محمد عزيز الوكيلي: هل طُوِيَ ملف وحدتنا الترابية بقرار مجلس الأمن؟.. ليس بَعد!! محمد عزيز الوكيلي
أغلب المتدخلين والمعلّقين، بعد صدور قرار مجلس الأمن 2797 حول صحرائنا "الجنوب غربية"، والعُقبَى لصحرائنا الشرقية وكذلك لسبتة ومليلية والجزر... أغلبهم تحدث عن نهاية هذا النزاع، وإقفال هذا الملف، وكأن المسألة انفكّت عُقَدُها، وتهاوت كلُّ الحواجز التي وضعها الخصوم في طريق حلها النهائي، ولكن الأمر ليس كذلك كما يبدو من ردات فعل الخصوم، إذ أن هذا القرار الأممي جعلنا في الواقع نضع أقدامنا في بداية مسار جديد، وغير مسبوق!!
 
 صحيح أنه أكبر من مجرد انتصار لشرعية الموقف المغربي ومشروعيته، ولكن ما يُتَوَقَّعُ أن يُثار في المرحلة المقبلة من المتاعب والمصاعب من طرف الخصوم يُعتبَر قديماً ومسبوقاً ومعتاداً بكل المعايير... فكيف ذلك؟!
 
كان النظام الجزائري، ولُقَطاؤْه والدائرون في فلكه من الأنظمة الكاريكاتورية، يطلبون ويُلحّون في الطلب بإجراء "استفتاء" حول صحرائنا سَمّوه "استفتاءً لتقرير مصير الشعب الصحراوي"، ثم لمّا تيقّنوا من استحالة تنظيم ذلك الاستفتاء المفتَرَى عليه، بسبب ما وضعوه هم أنفسهم في طريق تحديد المعنيين به من العقبات والمزالق والحُفَر، حاولوا تناسي اصطلاح "الاستفتاء"، واستبدلوه بمُسَمَّى "تقرير المصير"، وما زالوا يفعلون إلى غاية هذه الساعة، حتى بعد صدور القرار 2797، لأنهم لِفَرط جهلِهم في السياسة والقانون الدستوري، وفي القانون الدولي، يعجزون عن الفهم والاستيعاب بأنّ "الحكم الذاتي" يُعتبَر وسيلةً من أَوْثَق وأفضل وسائل تقرير المصير، وأكثرها مصداقية، ولذلك ما زالوا يرطنون باصطلاح "تقرير المصير" في تبخيسهم لقرار مجلس الأمن، لاعتقادهم بأن "الحكم الذاتي" شيء، و"تقرير مصير المعنيين به" شيء آخر... والجهل ألوان وأصناف!!
 
النظام الجزائري ولُقَطاؤُه وحَوارِيُوه، بعد أن آجهضوا مشروع الاستفتاء، برفضهم قبول مشاركة الصحراويين المقيمين داخل التراب المغربي، بأقاليمنا الجنوبية، ومحاولتهم فرض عيّنات من المرتزقة أثناء وضع لوائح المعنيين بالاستفتاء، هاهم الآن قد بدأوا يُلوّحون من جديد بالممارسة ذاتها، في محاولةٍ، مفضوحةٍ مُسْبقاً، لإقحام مرتزقة البوليساريو في المشروع الجديد/القديم، الذي عمّر فوق رفوف مجلس الأمن لأزيَد من ثمانَ عشرةَ سنة، ليُخلطوا بذلك بين المغاربة المحتجزين بمخيمات المهانة بتيندوف، وبين "شماكرية" الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر وتشاد، ومعهم بعض الكوبيين والامريكولاتينيين الذين ورثهم النظام الجزائري من معارك ومُطاحنات ستينات وسبعينات القرن الماضي وضمَّهم إلى ميليشياته الجنوبية، ولأجل ذلك بالذات، أدمن ذلك النظام على رفض إحصاء العيئات الأممية لساكنة مخيمات الحمادة، لأنه يعلم علم اليقين بأن ذلك سيفضحهم شرّ فضحة، وسيضع المنتظم الدولي أمام حقيقة الوضع الديموغرافي في المخيمات، حيث لن يتعدى تعداد المحتجزين المغاربة في أحسن الأحوال خمسة عشر أو عشرين ألف نفر، وهو العدد المتبقي ممّا أحصته إسبانيا قبل المسيرة الخضراء، بعد أن دخل معظم الذين شملهم ذلك الإحصاء إلى أرض الوطن، وتوفي بعض المستقرين بتيندوف بسبب انقضاء الأجل أو لأي سبب آخر، وسيعلم العالم لو أُجرِيَ الآحصاءُ الجديد أن ميليشيا البوليساريو ما هي إلاّ خليط غير متجانس من مهمَّشي البلدان الإفريقية المجاورة ومُغامريها خالِيِي الوِفاض!!
 
إن النظام الجزائري، في حالة اضطراره للانصياع لقرار مجلس الأمن ولضغوط البيت الأبيض الأمريكي والعم ترامب، سيحاول تخريجَ مشهد درامي جديد لمسرحية جديدة مِن قبيل طرح الأسئلة الملتبسة والمتضاربة حول "الحكم الذاتي" نفسه، كما فعل بنو إسرائيل مع موسى في قصة البقرة، وسيبدأ ذلك النظام في الحديث عن أشكال كثيرة ومتنوعة من هذا النوع من الحكم الملحَق، ولذلك بدأ منذ الآن، كما ظهر على سلوك الوزير المسكين أحمد عطاف، يلوّح برفض أي حديث عن "السيادة المغربية" عند التطرق للحكم الذاتي، وكأن هذا الحكم سيكرِّس للخضوع لأي سيادة أخرى غير السيادة المغربية، أو كأن المغرب يمكن أن يتنازل عن سيادته فوق تراب أقاليمه الجنوبية، التي يمارس عليها سيادته الواقعية والملموسة منذ سنة 1975... أو أيضاً وهذا هو الأغرب، أن يكون هناك وجود لحكم ذاتي "يتمتع بسيادة ذاتية"، بمعنى كيان منفصل ومستقل... وَاوْوْوْوْ على هذا المستوى غير المسبوق من الجهل!!
 
إن ساكنة الموراديا، أو بالأحرى ساكنة نادي الصنوبر، سيحاولون أن يمارسوا بهلوانياتهم المعتادة عند محاولة مختلف الأطراف الإجابةَ عن السؤال عمّن سيشارك في الاستفتاء الجهوي حول مشروع الحكم الذاتي، بعد اكتمال صياغتِه والاتفاقِ حول فحواهُ وأحكامِه ومضامينِه وتَحَوُّلِهِ إلى دستور الجهة التي ستتمتع به... ومَن يدري؟ فقد يمارسون نفس زحلقاتهم الغريبة عند الدخول في مهام تحديد المواطنين المعنيين بذلك الاستفتاء، تماما كما فعلوا معنا أثناء الحديث عن الاستفتاء غداةَ تأسيس المينورسو وما تلا ذلك من الإخفاقات؟!! 
 
إن الكلام الغريب الذي تفوّه به وزير الخارجية الجزائري ورطن به بعظمة لسانه يطرح وحده السؤال حول جدية ذلك المسؤول وجدية أولياء أمره، لأنه تحدث عن "حكم ذاتي بلا سيادة تحكمه وتضبطه"، ولفرط جهل الرجل ومَن يقفون وراءه، قال "إن بلاده كادت أن تصوت لصالح القرار الأممي لولا وجود تلك العبارة المرفوضة"، يقصد عبارة "حكم ذاتي تحت السيادة المغربية"... فياله من جهل مطبَق يستحق الانضمام للوائح سِجِلّ "غينيس" للأرقام القياسية!!
 
النظام الجزائري ما زال يدفع البوليساريو للخروج بتهديداته المعتادة بإشعال حرب شعواء على الأراضي المغربية، وكأن الأراضي المغربية فضاءٌ خَلاء، أو كأن القوات المسلحة الملكية لم يَكْفِ ما قدّمته طوال السنين الماضية من براهين على جاهزيتها لردع أي اعتداء مهما كان حجمه ومصدره، وهذا بالذات لا يحتاج منا إلى كثير بيان!!
 
نهايتُه... نحن الآن، ليس من جانبنا بل من جانب الخصوم، في بداية مرحلة لا يُستبعَد أن يجعلها الخصوم شبيهةً بمرحلة التأسيس الأول لقوات المينورسو، لأنه قد بدا من خلال سلوكاتهم وردات فعلهم الأولى إزاء قرار مجلس الأمن أنهم يبحثون عن المزيد من العراقيل والحواجز والمّطبّات لوضعها في الطريق إلى الإقفال النهائي لهذا الملف!!
 
 وأعتقد أننا لسنا في حاجة للبحث عن أسباب هذا السلوك المًرَضي، لأن هؤلاء جعلوا وجودهم وشرفهم وعِرْضَهم  وكرامتهم معلقةً جميعها على بقاء الملف ذاته مفتوحا إلى آجال غير مُسَمّاة، ولذلك ينبغي الاحتراز منهم أكثر من أي وقت مضى...  عجبي!!! 

 
محمد عزيز الوكيلي /إطار تربوي متقاعد