الثلاثاء 16 إبريل 2024
فن وثقافة

الوزاني يطل من شرفات "مدارات" على عوالم الشعر والترجمة والكتاب

الوزاني يطل من شرفات "مدارات" على عوالم الشعر والترجمة والكتاب حسن الوزاني (يمينا) وعبد الإله التهاني

في ظلال البرنامج الثقافي "مدارات" استضاف الزميل عبد الإله التهاني، على أمواج الإذاعة الوطنية من الرباط، ليلة السبت 2 ماي 2020، الباحث والشاعر حسن الوزاني، للتعريف بجوانب من كتاباته ودراساته الأدبية، فضلا عن مناقشة قضايا ترتبط بالإنتاج الثقافي بالمغرب، ومستويات تداوله.

 

يعتبر حسن الوزاني حالة متميزة جمعت بين الشاعر والأديب والموهبة في البحث والتخصص في علم المكتبات والتوثيق، وهذا التعدد في نهابة المطاف أفضى إلى شخصية المبدع.. "أنا محظوظ لأنني أعيش حياتي بجانب الكتاب كمدرس أو باحث" يقول حسن الوزاني، الذي حدد اختياره ومساره العلمي والمعرفي بنجاح.

 

وأوضح الوزاني، في البرنامج ذاته، أن "اهتماماته كلها كانت تتم من زاوية المختص بعلوم المعلومات". إذ من هذه القاعدة يحدد قائلا: "أنا لست ناقدا.. أنا أشتغل على المخطوطات من زاوية مختص في المعلومات... وأنظر للأدب كما تتصوره سوسيولوجيا الأدب، وأشتغل بمنهج تطبيق الإحصاء على الإنتاج الأدبي".

 

وأكد ضيف حلقة برنامج "مدارات"، في حديثه عن مساره الثقافي والإبداعي، على أنه "بدأ شاعرا... وكان يمارس الشعر من خلال الحياة اليومية"؛ لكن اشتغاله بالبحث، ومن ثمة للتدبير الثقافي، "أخذ منه الوقت، وحد من جموحه الشعري"، كما وصفه الزميل عبد الإله التهاني.

 

"بالفعل ما بين المجموعة الشعرية الأولى والثانية مرت عشرون سنة "، ويشرح الوزاني ذلك على أساس أن "الحياة تقود الإنسان إلى متاهات أخرى غير المخطط لها"؛ مفسرا الأمر أنه "في خضم مساره العلمي من خلال البحث وطبيعة عمله، لم ينتبه إلى أنه نسي صفة الشاعر".

 

حسن الوزاني سيعود للكتابة والنشر وإصدار مجموعته الشعرية، لكنه "كان يحرم على نفسه المشاركة في اللقاءات التي يدعى لها خارج المغرب"، بل إنه تجنب "إصدار مجموعته الشعرية الثانية في المغرب وفضل طبعها بالقاهرة". من هذا المنطلق يؤكد الوزاني أنه "كان في خدمة الشعراء والكتاب المغاربة، ناسيا خدمة نفسه ووجوده كشاعر".

 

وفي سياق الحديث عن الشعر والترجمة أفاد حسن الوزاني "أن ترجمة بعض أعماله الأدبية للغات أخرى، مثل ما وقع بمناسبة مهرجان روتردام الشعري، حيث تمت الترجمة للغة الهولاندية، وكانت هدية من إدارة المهرجان لشخصي كمشارك.. بالإضافة لعدة مهرجانات دولية (لندن، كولومبيا، فرنسا...) وغيرها، كما صدرت له ترجمات أخرى ضمن أنطولوجيا الشاعرين اللعبي وأحمد العمراوي. مضيفا بخصوص الترجمة "لم يترجم الشعر المغربي بشكل كبير، والأساس من الترجمة هو الانتقال باللغة إلى العالمية والانفتاح على لغات أخرى".

 

وعن الجهد العلمي الذي قدم جزءا مهما من نفائس الترجمة بعد دخول الطباعة للمغرب، قال حسن الوزاني "للأمانة العلمية إن هذا العمل اشتغل عليه الأستاذ عبد العزيز الساوري ضمن منشورات وزارة الثقافة، وكانت مجهودات سابقة مع محمد المانوني والقيطوني، ولطيفة الكندوز وأحمد شوقي.."؛ مؤكدا أن "المطبعة فتحت أبوابا مهمة لتوسيع الكتب المطبوعة، وكانت لحظة مهمة في تاريخ التداول الثقافي بالمغرب".

 

وتحدث الوزاني في "مدارات" عبد الإله التهاني عن الكتاب الذي صدر بمناسبة تسجيل مدينة الرباط ضمن لائحة التراث العالمي، حيث أوضح بأن العمل حقق رقما قياسيا؛ "وشارك فيه نحو 70 كاتب من مختلف بقاع العالم"، واشتغل عليه فريق عمل، ودبر العملية بشكل سريع ومتميز .

 

لقد عمل الباحث حسن الوزاني بخبرة المؤرخ وروح الأديب، خصوصا أثناء الإعداد لأطروحته سنة 2008، على مستوى تحليل المعطيات حسب المجالات من خلال دراسة كتاب "معجم طبقات المؤلفين على عهد العلويين" الذي يغطي مختلف العلوم التي ألف فيها المغاربة من الفقه وأصوله إلى علوم اللغة والحساب والمنطق والفلك والهندسة ..

 

وخلص الوزاني إلى أن "بحثه كشف عن هيمنة 70 في المائة من الإصدارات والمؤلفات الدينية"؛ وفي نفس السياق قال إن مؤشر حضور "نسبة 50 في المائة من إنتاج مغربي يندرج في المصنفات الواصفة". مشيرا في حديثه عن الفكر المغربي بأن مؤلف القاضي عياض "الشفاء" يتحدث عنه المشارقة بقولهم إنه "لولا القاضي عياض لما عرفنا المغرب".

 

وأفاد الوزاني، في حديثه مع الزميل التهاني، قائلا: "العمل مع اليونسكو تناول مختلف مكونات الصناعة الثقافية والإبداع الفني والفنون البصرية فضلا عن الصناعة التقليدية، واشتغل عليه فريق عمل من الخبراء من تونس والجزائر وموريتانيا والمغرب طبعا.."

 

وعن إشكالية الكتاب الثقافي في المغرب ووضعية البيع والقراءة، أكد حسن الوزاني بأن "مجال صناعة الكتاب له مناطق القوة والضعف في المغرب". على اعتبار أن "دور النشر أحدثت بالمغرب بشكل متأخر رغم أن عدد الدور حاليا لا يتجاوز 80 دار للطباعة"؛ مستغربا كون أن "ثلث الإنتاج المغربي يصدر على نفقة المؤلفين"، مع العلم يقول الوزاني أن "مهمة الكاتب هي أن يكتب لا أن يطبع المؤلفات على نفقته".

 

وفي سياق متصل قال "حينما يطبع الكاتب مؤلفه، فإننا لا نضمن جودة الكتاب، لأن المرور عن طريق الناشر الذي ينشر مؤلفه على نفقته تكون أعماله أقل قيمة على المستوى المعرفي". مضيفا بأن "حجم السحب في المغرب ضعيف جدا، والمعدل لا يتعدى 1000 نسخة، مع العلم أنه مع دخول الطباعة سنة 1856 كان معدل السحب 600 نسخة.. أكثر من قرن لم نتطور".

 

وكشف الباحث الوزاني على أن "حضور الكتاب المغربي في العالم العربي ضعيف ويقتصر على المعارض والأسابيع الثقافية فقط، وهذا لا يضمن الحضور والانتشار الكبير، بخلاف الكتاب اللبناني والمصري، خصوصا أننا نضيع ما يقارب 20 سوقا للكتب".

 

ولم يفت حسن الوزاني أن يتحدث عن وباء جائحة كورونا في علاقة مع الإبداع وترويج الكتاب: "مشكل كورونا كذلك ينضاف اليوم ليفرض إغلاق دور النشر، وتوقيف معارض الكتاب العربية وتوقيف التوزيع أيضا".

 

وأكد نفس المتحدث في برنامج "مدارات" على أن "الكتاب المغربي له قيمته المعرفية والجمالية التي تعكسها عدد الجوائز التي يحصدها الكتاب المغاربة على مستوى العالم العربي والدولي".

 

ومع العد العكسي لنهاية البرنامج أطل الشاعر حسن الوزاني من شرفة المحيط الأطلسي على حاضرته، وخاطب بحب عاصمة الخزف التي "لها أوجه متعددة (أسفي وما إليه)، أسفي عائلتي الصغيرة، أسفي أصدقائي الذين أعتز بهم"، موجها تحية لصديقه القاص والروائي والشاعر حسن رياض، الذي يعتبره من الذين يحولون مسارات الإنسان؛ إذ "بفضله تغيرت قراءاتي"...