Wednesday 21 May 2025
في الصميم

أريري: بعيدا عن فضيحة بيع شهادات "الماستر".. حتى لا تطفأ شعلة التنوير بالجامعة!

أريري: بعيدا عن فضيحة بيع شهادات "الماستر".. حتى لا تطفأ شعلة التنوير بالجامعة! عبد الرحيم أريري
لم تكشف السنوات العشر الأخيرة عن عقم النخب السياسية فحسب، بل وكشفت عن معطى مقلق يسائلنا جميعا ألا وهو «جدار برلين» الذي بنته المؤسسات الجامعية المغربية حول نفسها في علاقتها مع الحقل السياسي: الحزبي والحكومي والبرلماني بالمغرب.
 
فإذا أسقطنا بعض الأطروحات والدراسات القيمة التي تنتجها بعض الكليات وبعض المعاهد العليا، والتي تبقى معظمها حبيسة الرفوف في المكتبات الجامعية، نجد أن باقي الكليات والمعاهد العليا لا تنهض بوظيفة مساعدة المواطن على تفكيك الحقل السياسي ببلادنا، بالنظر إلى أن الجامعة ليست وظيفتها فقط هي تكوين الأطر والنخب المحتمل أن تتولى إدارة مختلف مناحي الحياة الإدارية والمالية التعليمية وغيرها، بل لها وظيفة أساسية أيضا تكمن في وجوب ترشيد النقاش العمومي وتحليل حركات وسكنات الفاعل السياسي.
 
فمراقبة الفاعل السياسي ليست منوطة فقط بالأجهزة المقننة في التشريع (محاكم ومجالس حسابات)، أو المنتدبة من طرف المجتمع (صحافة وجمعيات)، بل هناك دور أساسي يتعين أن تلعبه الجامعة لتمكين المجتمع من أدوات التحليل لتساعد المرء على الفهم والإدراك واتخاذ القرار.
 
فخلال الأعوام العشرة الماضية برزت سلالة حزبية خاصة تتصدر المشهد السياسي ببلادنا، وأتخمت الرأي العام بقاموس بذيء في أغلب الأحيان سمته السب والقذف والقصف المتبادل بين الزعماء. كما ظهر جيل جديد من «الزعماء» الجمعويين الذين يستمدون قوتهم من قربهم من مراكز القرار وليس من غرس أقدامهم في أوحال المجتمع نصبوا أنفسهم أوصياء على الجميع. هذا دون أن ننسى بروز طينة من رجال الأعمال الذين «قطر» بهم السقف واحتكروا الصفقات والمشاريع الكبرى دون أن تكون لهم قيمة مضافة أو ماضي تليد في الاستثمار والمخاطرة، اللهم الحظوة التي يتمتعون بها بسبب قربهم من «مدفأة» السلطة !!
 
وإذا قارنا هذا الوضع ببلدان متمدنة نجد الجامعة (بكلياتها ومعاهدها)، في مقدمة التنوير، عبر انخراط مختبرات البحث ومراكز الدراسات التابعة لهذه الكلية أوذاك المعهد، في رصد خطب وأفعال وسلوكات وقرارت وتصريحات كل الفاعلين السياسيين لإخضاعها للدراسة والتمحيص والتحليل. 
 
وحدها الجامعة المغربية التي نلاحظ انخراطها المحتشم في هذا الباب (نستثني هنا بعض الحالات التي يقودها أساتذة جامعيون بعدة كليات بمجهود شخصي وفاء منهم لشرف البحث الجامعي)، وتركت المجتمع في حالة يتم فكري بدون إنتاجات لتحليل خطب وحركات الفاعلين السياسيين (حزبيين وحكوميين وبرلمانيين) والاقتصاديين والنقابيين، علما أن المغرب يتوفر على أزيد من 53 مؤسسة جامعية (معهد وكلية) تضم أكثر من 14 ألف أستاذ جامعي.