السبت 27 إبريل 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي:مذكرات جاك شيراك

يوسف لهلالي:مذكرات جاك شيراك يوسف لهلالي

بعد مغادرته قصر الاليزيه اصدر الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك مذكراته وهي تحكي 12 سنة في قصر الاليزي.

مذكرات شيراك في جزئها الأول " كل خطوة يجب أن تكون هدفا". تغطي حياة جاك شيراك السياسية حتى انتخابه رئيسا للجمهورية سنة 1995 ، أما الجزء الثاني الذي سماه "الزمن الرئاسي" يغطي عمله كرئيس جمهورية وعلاقاته الدولية خصوصا علاقته بالمنطقة العربية والأفريقية.

وتطرق الى علاقته بالرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.كما يتضمن الكتاب الحديث عن شخصيات دولية مثل جورج دابليو بوش.والوزير الاول السابق، ليونيل جوسبان الذي قاد حكومة التعايش الاشتراكية، وكذلك الرئيس السوري والرئيس الجزائري.

خلال الكتاب يحاول شيراك الدفاع عن تصوره لسياستة، كما يشرح سبب اتخاذه عددا من القرارات منها معارضتة الحرب على العراق وفي نفس الوقت المشاركة في حرب افغانستان.

1 مذكرات جاك شيراك لم يتحدث كثيرا عن علاقته مع المغرب رغم قوته...

في كتاب جاك شيراك " الزمن الرئاسي"،الذي يتشكل من 611 صفحة،لا نجد صفحات وصفحات حول المغرب كما كان يتوقع المراقبون، المغرب وملك المغرب لم يخصص له بالكاد صفحة واحدة،رغم كثافة العلاقة بين البلدين وعلاقة القرب التي كانت تجمع جاك شيراك بالراحل الحسن الثاني، والتي استمرت مع الملك محمد السادس رغم اختلاف الاجيال.لكن يبدو أن شيراك أعطى تفاصيل كثيرة حول البلدان والقضايا التي شغلته أو خلقت له متاعب أكثر من القضايا التي لم تطرح عليه اي مشكل ،علاقاته المعقدة بالرئيس الحالي للجمهورية نيكولا ساركوزي، خصص لها صفحات عديدة، نفس الشيء لعلاقته بالوزير الاول الاشتراكي ليونيل جوسبان الذي ترأس الحكومة في فترة التعايش، وكذا علاقته المضطربة بالرئيس الامريكي جورج بوش بسبب اختلاف الرؤية في التعاطي مع ألازمة العراقية.

العلاقات المعقدة مع الجزائر وحرب التحرير التي عرفها هذا البلد الجار لتخلص من الاستعمار وهي حرب خلفت عدة جروح بين البلدين وشارك فيها الرئيس السابق جاك شيراك في شبابه اثناء تأديته للخدمة العسكرية ببلده، خصص لهذه العلاقة اكثر من ستة صفحات للحديث عن الاحباط الذي تعرض له رغم كل المحاولات لرقي بهذه العلاقات الفرنسية الجزائرية نحو علاقات صداقة كما هو الحال مع المغرب.

تعقد العلاقات السورية اللبنانية كانت حاضرة هي الاخرى بقوة وخصص لها الرئيس الاسبق اكثر من عشرة صفحات،حيث يحمل مسؤولية اغتيال الحريري الى الرئيس السوري بشار الأسد،الذي سبق ان هدد رفيق الحريري وأسرته بعد دعم هذا الاخير للمبادر الفرنسية التي طالبت بإجلاء القوات السورية عن لبنان.والعلاقة الحميمة الذي جمعته بالحريري وأسرته هي التي دفعته الى حضور مراسيم دفن الوزير الأول اللبناني السابق ببيروت، رغم عدم توفر الأمن الكافي بلبنان .وكيف شعر جاك شيراك بنوع من الذنب خاصة انه حذر باستمرار رفيقه الحريري قبل الاغتيال .

لكن الحديث عن المغرب كان شبه غائب عن الكتاب، في أول مرة تحدث فيها جاك شيراك عن المغرب في كتابه السيرة الذاتية " الزمن الرئاسي "،كان في الفصل الذي خصصه للعلاقة مع حكومة التعايش والذي سماه "المجال الخاص " اي العلاقات الخارجية وتطرق لأول مرة في حديثه عن العلاقة التي كانت تجمعه مع وزير خارجيته في حكومة التعايش ايبير فيدرين.

هذه العلاقة حسب الرئيس السابق التي كانت علاقة قرب ولعب فيها قرب الاثنين من المغرب دورا خاصا وكذلك اهتمام الرجلين بالعالم العربي " كنت ارى وزير الخارجية تقريبا بشكل يومي مدة خمسة سنوات،اهتمامنا المشترك بالعالم العربي،وعلاقتنا الخاصة مع المغرب ،والذي يعرفه فيدرين مند نعومة أظافره،أما انا فقد كانت لي علاقات خاصة بالمغرب ،وهو ما قربني بشكل كبير من هذا الوزير ،الذي كان حسب نظري يختلف عن باقي الفريق الحكومي الذي ينتمي إليه."

الرئيس الفرنسي يصف في كتابه أحد لقاءاته بالعاهل المغربي محمد السادس في القمة العالمية لتنمية المستدامة الذي انعقد بجوهنسبورغ بجنوب افريقيا سنة 2002. "يوم ثلاثة شتنبر حضرت احد لقاءات " رؤساء الدول الفرنكوفونية الذي انعقد بفندق هيلنتون"

هذا اللقاء الغير الرسمي أعطاني الفرصة للقاء مجددا بملك المغرب محمد السادس،العاهل الشاب كان جد مشغول بالوضع السياسي لبلده، منذ اكتشاف خلية للقاعدة في شهر يونيو الأخير ،التي كانت تستعد إلى تنفيذ تفجيرات بالمغرب،وبعد ذلك تمكنت السلطات المغربية من تفكيك عدة شبكات متطرفة والتي كانت وراء اغتيالات استهدفت أشخاص محددين. أشجع محمد السادس،الذي يعرف مثل ابيه ،والذي يمكنه ان يعتمد على صدقتي في كل الظروف . الاستمرار في الانفتاح على الإسلاميين المعتدلين بالمغرب، هو الجواب الأكثر فعالية الذي يمكن ان يقدمه للمتشددين والمتطرفين ،وأحسن وسيلة للحفاظ على استقرار المغرب، والملكية هي الضامن الوحيد لذلك في اعتقادي. لهذه الاعتبارات لم أتوقف على تقديم دعمي له ،ودعم وجهة نظر المغرب حول الصحراء الغربية ،وهي جزء لا يتجزأ من المغرب."

طبعا رغم أن الحديث عن المغرب بكتاب جاك شيراك " الزمن الرئاسي خصص له فقرات محدودة ، إلا أنها كانت لحظات قوية عكست الارتباط الكبير لرئيس السابق بالمغرب وتقديره الخاص للبلد ولعاهله ،كما انه لم يتردد في التعبير عن دعمه الواضح لسياسة الخارجية المغربية ،وتفهمه لسياسة الانفتاح السياسي التي ينهجها العاهل المغربي ودعمه للوحدة الترابية للمغرب.وهو دعم عبر عنه حتى عند تحمله رئاسة الجمهورية ،ولم يكن يسمي الصحراء المغربية،" الصحراء الغربية" كما هو متداول في القاموس الدبلوماسي والذي يتبعه رؤساء الدول بل كان يسمي الصحراء " بالأقاليم الجنوبية" وهو موقف بالطبع كان يغضب الجارة الشرقية التي كان يزعجها ان يطلق هذا الاسم من طرف رئيس دولة كبرى لها وزنها في مجلس الأمن.

في هذه القمة أيضا بجنوب أفريقيا التي انعقدت في بداية القرن حول التنمية المستديمة كان خطاب جاك شيراك متميزا من خلال دفاعه على قضايا كانت جديدة وغير معروفة آنذاك ولا يتطرق لها السياسيون.مثل التنمية المستديمة والحفاظ على الموارد الطبيعية التي أصبحت محدودة.

2 علاقة جاك شيراك بفلسطين ومنطقة الشرق الاوسط

جاك شيراك تحدث في كتابه بشكل مستفيض عن العلاقات الخارجية لفرنسا وعن مختلف الازمات الدولية التي عايشها أثناء تحمله للمسؤولية خلال الحقبتين الرئاسيتين ،ويعود في كتابه بتفصيل الى غضبته على الشرطة الاسرائيلية التي ضايقته عند قيامه بزياة المدينة القديمة للقدس الشريف وهي مضايقة حاولت من خلالها تل أبيب ان تمرر رسالة الى فرنسا ،وغضبها من سياسة رئيس الجمهورية الذي كان يفهم مأسات الفلسطنيين وتعالي سلطة الاحتلال الاسرائيلي في تعاملها معهم ، وسياستها في افشال كل مبادرات السلام وربح الوقت من اجل احتلال مزيد من الارض الفلسطينية وعزل قادتها عن كل الدعم العالمي الذي يمكن ان يساعدهم في كل اشكال المقاومة.

شيرراك أثناء هذه الزيارة، كرئيس أحد أكبر دول العالم، تم دفعه بقوة وبشكل عنيف من اجل ثنيه على الاستمرار في الزيارة التي كانت تواكبها صحافة العالم وصحافة فرنسا على الخصوص. وانفجر من الغضب من هذه السلوكات الوقحة واللامسؤولة تجاه رئيس دولة. ويحكي شيراك بكل التفاصيل هذه الزيارة التي سيحفظها التاريخ لرئيس فرنسي، وكذا لقاءه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتانياهو الذي يقول له " جاك اعتذر لك بشدة" قالها بشكل جدي ليضيف "انا كذلك أنال نفس التعامل ،وتلقى ضربات " يقصد ضربات شرطة الاحتلال.والكتاب يتطرق أيضا إلى العلاقة مع الفلسطنيين ومع ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني الراحل بالتحديد، وهي علاقة وإن كانت جد محدودة عند بداية حكم جاك شيراك سوف تتطور الى علاقات جد خاصة،وقد لعب ملك المغرب الراحل الحسن الثاني دورا في هذا التقارب .وهو ما جعل شيراك قريبا من الفلسطنيين بشكل فاجأ الجميع.

في الكتاب يحكي جاك شيراك بتفصيل في الفصل السادس عن زيارته للمنطقة وطموحه في الاحتفاظ بعلاقات مع اسرائيل وفي نفس الوقت اعطاء دفعة جديدة للعلاقات الفرنسية العربية أي بالدفع بما يسمى بباريس بالسياسة العربية لفرنسا.

هذه الزيارة التي تم اعدادها بشكل دقيق الى المنطقة يقول شيراك بدأت في 20 من أكتوبر سنة 1996 من دمشق عاصمة سوريا.والتي شملت عدة بلدان بالمنطقة وهي إسرائيل،الأراضي الفلسطينية،لبنان،مصر والأردن."وكان الهدف منها تسجيل عودة فرنسا إلى المنطقة .وكان لها هدف مزدوج، إعادة علاقات الثقة مع إسرائيل،ومن جهة أخرى إعطاء دفعة دفعة لسياسة العربية والمتوسطية حسب التوجهات التي اعلنتها في خطاب القاهرة في ابريل من نفس السنة، وهو طموح صعب التحقيق لكنه يعكس المهمة الخاصة التي علينا القيامة بها بين هذه الشعوب التي تفصلها عشرات السنين من الحقد والعنف."

وإذا كانت فرنسا تتمتع بعلاقات الثقة مع اغلب البلدان العربية ،لكن روابط الصداقة التي تجمعها بإسرائيل تستمر في التراجع.وهو الانطباع الذي اخذته من لقاء في يونيو 1995 مباشرة بعد انتخابي في لقاء غذاء مع اسحاق رابين بقصر الاليزي . وهو معروف كمخاطب صعب ولم يخفي علي نوع لتخوف من اوربا وفرنسا ويؤل تحفظاتها ونقدها كدعم لطرف الاخر.

ويفضل اللجوء إلى الديبلوماسية الامريكية لمواكبة مسار السلام الذي بدأ باسلو رغم ان فرنسا هي اكبر مساهم في مصاريف ادارة السلطة الفلسطينية.صورتي لدى اسرائيل يغلب عنها التناقض وتتم مؤاخذتي على انتمائي الدوغولي وموقف الجنرال دوغول من تل ابيب سنة 1967 من حرب ستة أيام .كما ان السلطات الاسرائيلية لاحظت انه بعد تعيين حكومة الان جيبي ،انه منذ مدة طويلة ،الحكومة الفرنسية لا تضم وزيرا من ديانية يهودية ،وهو امر لم يكن مدبر ولكنه كافي لإثارة شكوك اسرائيل تجاهنا."

" فيما يخصني أنا فقد عبرت عن دعمي الكامل لسياسة السلام الشجاعة لإسحاق رابين مع الفلسطينين ضد جزء كبير من الرأي العام الاسرائيلي.وكنت اقتسم رأيه انه لم يكن هناك بديل حقيقي لاستمرار المفاوضات...ورغم شكل فقد كان رجلا مستعدا لذهاب في هف الى حده الأقصى كيفما كان الثمن."

" لقد اثر في بشكل كبير اغتياله،وقررت بسرعة الحضور الى جنازته في 6 نوفمبر 1995 وهو ضحية التطرف لبعض مواطنيه كما كان انور السادات ضحية هو الاخر 15 سنة من قبل."

وكانت لي كل الثقة في تعيين خلفه شيمون بيريس، وهو رمز لعدالة والتسامح وكنت اعرف انه بالنسبة له العيش المشترك يعني معرفة الآخر، الاحترام المتبادل ، الحوار وبناء عالم احسن وهو ما يقتضي بناء تاريخ مشترك."

منذ الاتفاقات الاسرائيلية الفلسطينية بطابا في شتنبر 1995، تم تحقيق تقدم مهم،لكن حسن النية التي بين عنه الطرفين تم بسرعة وسمه بتزايد اطلاق النار في جنوب لبنان بين اسرائيل وحزب الله والتي لسوريا دور كبير فيه."

في 3 مارس 1996، أول عملية انتحارية وهي عملية اولى في اطار سلسلة من العمليات التي سوف تقضي على مسار السلام حسب شيراك.وهي عمليات اعتبرت اسرائيل ان الراحل ياسر عرفات لم يقم بما يكفي للحيلولة دون قيامها.

"لم يعد لي امل كبير في مسار السلام يقول جاك شيراك بعد سلسلة العلميات،ويضيف " رغم علاقاتي الجيدة مع ياسر عرفات ،وإذا كان الإسرائليون لا يعتبرونه كشريك جدير بالثقة، ذلك لعدم قدته على القيام بما اسميه " الحركة الأخيرة" عندما تتم المفاوضات بين في سوف الكوريس بفرنسا يتم النقاش بين البائع والمشتري و يتم التفاوض حو ل الدواب نقاشهم يمكن أن يتم إلى لا نهاية ،لكن عندما يتم الاتفاق ،لكن عندما يتم الضرب على كف اليد ،انطلاقا من هذه اللحظة كل شيء ينتهي.وهم ليسو في حاجة لتوقيع اية ورقة.وهم واثقون ان الثمن الذي تم الاتفاق عليه سوف يتم أداؤه."

"مشكل عرفات حسب جاك شيراك ،انه دائما يطلب اكثر عندما يتم الوصول الى اتفاق. وكنت دائما اقول له انك لا تعرف الضرب على كف اليد.وتريد دائما ان تطلب اكثر.والرجل هو جد ذكي ووهب حياته لقضية شعبه.لكنه في عمقه غير قادر على حسم نقاش او مطلب وكان يعود باستمرار حول ما تم الاتفاق حوله للمطالبة بالمزيد.في حين كان للاسرائليين تصور متكامل حول ما يريدون .و لا يتحركون من مواقعهم."

هذا الوضع يجعل الحوار مع عرفات جد صعب بل غير ممكن احيانا ويحول دون وجود الثقة .وياسر عرفات له الاسباب التي تجعل منه يأخذ ذات الموقف ويكون حذرا مع مخاطبيه الذين من جهتهم كانوا دائما يريدون اكثر.

في نفس الوقت يتحدث جاك شيراك في كتابه عن علاقته ببشار الاسد الرئيس السوري وعن كراهيته له رغم ان الاسد الاب طلب منه معاملته كابنه" الرئيس السوري ،الذي كنت اريد ان تكون لي علاقات جيدة معه نظرا لأهمية بلده بالمنطقة، وتأثيره على لبنان" لكن اغتيال الحريري كانت نهاية لكل علاقة ممكنة بين الرئيس السوري بشار الاسد و الرئيس الفرنسي جاك شيراك.خاصة ان الحريري بالإضافة الى انتمائه الى بلد حليف لفرنسا فهو ايضا صديق حميم لرئيس الفرنسي السابق.

شيراك كان يعول على بشار الاسد من اجل استمرار التنسيق والتعاون بين دمشق وباريس كما تم اثناء الازمة اللبنانية الاسرائيلية لسنة 1996 حيث هاجمت اسرائيل حزب الله في جنوب لبنان وتمكنت فرنسا من ايجاد اتفاق بين الاطراف المتنازعة في المنطقة ولعبت دمشق دورا اساسيا إلى جانب باريس للوصول الى ذلك.هدفه لم يكن فقط الدفع بالعلاقات السورية الفرنسية نحو الاحسن بل اخراج هذا البلد من عزلته التي يفرضها تحالفه مع ايران .من اجل ربط الحوار مع اسرائيل ورفع يد دمشق على بيروت.لكن هذه السياسة التي عرفت نجاحا نسبيا في عهد حافظ الاسد تعرضت للانهيار في عهد بشار الاسد ووصلت العلاقات الفرنسية السورية الى القطيعة.رغم أن فريق نيكولا ساركوزي حاول ان يعيد هذه العلاقات الى سابق عهدها دون جدوى لتضارب المصالح بين البلدين واختلاف الرؤية السياسية للحلول بالمنطقة.

3 شيراك يقول لا للحرب على العراق

وإذا كانت الحقبة الرئاسية لشيراك تميزت بحرب البلقان بأوربا سنة 1995 والصرامة التي تعامل بها الرئيس الفرنسي مع الرئيس الصربي ميلوزيفيك الذي توبع من اجل جرائم الحرب من طرف المحكمة الدولية. لكن الموقف المتميز الذي سيحتفظ به العالم هو معارضة شيراك للاحتلال الامريكي للعراق والذي دفع فرنسا الى التهديد باستعمال حق الفيتو ضد القرار الامريكي لغزو العراق واحتلاله.

الملف العراقي كان احد اكبر قضايا شيراك،حيث ذكر في كتابه انه باسم الصداقة بين البلدين،اي الولايات المتحد الامريكية وفرنسا ، فقد حذرته( يعني بوش ) من هذه الحرب وانعكاساتها وقلت لبوش " هذا ما سيحدث في البداية سوف تحتل بغداد بسهولة ودون مشاكل تذكر ،وفي اسبوع او اسبوعين كل شيء سوف يكون على ما يرام،ولكن بعد ذلك سوف تبدأ المشاكل،ستجد نفسك في مواجهة بداية حرب اهلية بين الشيعة،الاكراد والسنة،والشيعة يشكلون الاغلبية مما يعني انك ستكون مجبرا عاجلا ام اجلا على ان تترك لهم السلطة باسم الديمقراطية.في نفس الوقت سوف تقوي الموقف الايراني في المنطقة،مما سيضعف دول أغلبيتها سنية بالمنطقة: مثل العربية السعودية وبلدان أخرى.

وهذه الحرب الأهلية ستجعل من العراق، الذي لم يعرف الوحدة منذ تأسيسه بدون سلطة قوية ، دولة مشتتة من جميع الجهات. بعد ذلك لا يمكنك التحكم في اي شيء،لا شيء مع كل الانعكاسات على توازن الشرق الأوسط."

ويضيف لقد استمع لي بوش دون ا يقاطعني مع ابتسامة خفيفة ومتهكمة...وتوقف تبادلنا عند هذا الحد."طبعا الاحداث التي عرفها العراق وتطورات الاحتلال والحرب المميتة التي سهمت فيها القاعدة وسقوط العراق في احضان ايران جعلت تحليل شيراك صائبا في كل تفاصيله.

طبعا السياسة العربية لفرنسا بدأت مع دوغول التي اتخذ مسافة مع سياسة اسرائيل العدوانية بالمنطقة ومع سياسة الدعم المطلق لها ،وكذلك مسافة مع السياسة الامريكية بالمنطقة التي تتميز بالدعم المطلق لسياسة تل ابيب لأسباب سياسية داخلية لأمريكا اكثر منها للمصالح القومية.لكن هذه السيادة الفرنسية اختفت اليوم بعد رحيل جاك شيراك عن قصر الاليزيه، ليعوضه رئيس يعتبر اكثر الرؤساء الفرنسيين قربا من سياسة واشنطن، بل الاكثر من ذلك ال رئيس فرنسي مغرم بالثقافة والنموذج الامريكي.وهو ما جعل السياسة الفرنسية بالمنطقة تتحول 180 درجة وتصبح أكثر قربا من واشنطن في تعاملها مع القضية الفلسطينية وكذلك قريبة من وجهة نظر اسرائيل.لكن في الاشهر الاخيرة مع وصل الان جيبي احد الدوغوليين الى الخارجية الفرنسية بدأت فرنسا تسمع صوتا مخالفا لواشنطن في تعاملها مع القضية الفلسطينية.