الأربعاء 24 إبريل 2024
مجتمع

هل تخطط فرنسا لطرد المراكشيين والاستيلاء على مدينتهم؟

هل تخطط فرنسا لطرد المراكشيين والاستيلاء على مدينتهم؟ مقهى فرنسا بساحة جامع الفنا
يعتبر المغرب أول قبلة للفرنسيين فِي إفريقيا، وثانِي وجهة إلى الخارج، بعد إسرائيل، حسب مصادر رسمية فرنسية، وفي غضون ذلك، ستظل  مدينة مراكش الوجهة المفضلة لدى هؤلاء، حيث تشير مصادر أمنية محلية أن ما يقارب 32 ألف نسمة من الفرنسيين معظمهم من المتقاعدين يقيمون  حاليا بالمدينة الحمراء، وقياسا لما يعتبره الباحثون "ظاهرة المقيمين الجدد" ، فتوافد هؤلاء  الفرنسيين لهذه المدينة المنفتحة، سواء المتقاعدون أو غيرهم ،  من أجل الاستثمار، أو لقضاء ما تبقى من حياتهم في سكون ورغد، يعني تزايدهم سنة بعد أخرى، ولربما هو السبب الذي سيدفع المراكشيين لطرح السؤال حول مستقبل مدينتهم أمام هذا " الغزو الأجنبي"....
حضور مقابل الغياب
في مدينة صارت استثنائية في كل شيء، مشرعة ذراعيها لكل وافد جديد، يستحيل فيها  حتى الآن ضبط الرقم الصحيح للأجانب  المقيمين على اختلاف جنسياتهم، فالفرنسيون الذين يشكلون السواد الأعظم، أقاموا بحي جليز مثلا، منذ 1913 إلى غاية السبعينات من القرن الماضي،  بينما ظل أهل المدينة متحصنين داخل أسوار المدينة القديمة وخارجها في أحياء سكنية تعد هامشية بالنسبة لهذا الحي الفرنسي الذي رسم معالمه المهندس العسكري الفرنسي "لانديس" ، أما اليوم فقد غاب المواطن المغربي معنويا بعد أن نزل هؤلاء الوافدون الجدد إلى أرض الواقع، حاملين معهم خلفياتهم الثقافية والحضارية مع طموحاتهم المعلنة وغير المعلنة، بعد أن حولوا أعدادا مهمة  من الدور العتيقة التي تملكوها من أصحابها، إلى دور ضيافة ومطاعم ومقاهي واستثمارات موزعة عبر أرجاء المدينة تدرعليهم الملايين، وكأن الأمر يتعلق بطرد جماعي ممنهج للمغربي من عقر داره، وفي هذا الصدد يتحدث الإعلامي الدكتور عبد الصمد  الكباص مصرحا ل" الوطن الآن " قائلا "لا يمكن أبدا أن نعتبر أن حضور الأجنبي، تخطيط مسبق لطرد ابن المدينة، و استبعاده منها. لكن هناك ما هو أهم و أقسى ( من القسوة) في حالتنا المغربية. إذ ليس الأجنبي هو الذي طرد المغربي من مدينته، بل هي سياسة الدولة الفاشلة، التي لم تنتج سوى الفقر، و فاقمت الحاجة، التي دفعته إلى مغادرة مدينته مكرها، لاجئا بأحياء الهامش، و مركبات الفقر الإسمنتية التي تسميها الدولة بوقاحة السكن الاجتماعي.... فهذا الوضع أنتج تمثلات اجتماعية مغلوطة، مفادها أن الأجنبي هو السبب في هذه المأساة، هو مركز المؤامرة الكبرى التي جعلت أن الأجمل و الأنظف من نصيب هؤلاء الوافدين من أوروبا، و أن يكون الأسوأ و المزري من نصيب المغربي البسيط".
ولأن سر مراكش يكمن في انفتاحها المبالغ فيه أحيانا على الأجنبي و التفاعل مع  هذا الآخر القادم من ثقافة هجينة، حيث يجمع أهلها ، أن أحوالها تغيرت كثيرا خلال العشرين سنة الماضية، وذلك بحكم طبيعة وسرعة المراحل الانتقالية للمدينة الحمراء التي قد تتمطت نحو المجهول، وأن لا أحد يعرف كيف ولمن ستؤول إليه ، خلال السنوات القادمة، ومن سيكون سكانها، ثقافتها، تقاليدها، خصوصا مع تزايد اهتمام  الفرنسيين بالأخص، وإقبالهم عليها بشراهة كبيرة؛ وكان استطلاع للرأي أنجزه "مركز التنمية لجهة تانسيفت"  استهدف آراء سكان مدينة النخيل وتوقعاتهم لمدينتهم للسنة المقبلة 2020 ، بصدد إقامة الأجانب في المدينة، وهل يجب تشجيعها أم الحد منها أم إيقافها، حيث أيد 29 في المائة تشجيعها، و39 في المائة الحد منها، وذهب 32 في المائة إلى  المطالبة بإيقافها. ولكن في الوقت نفسه يشير الاستطلاع أن 63 في المائة من المراكشيين مقتنعون بأن تحويل مدينتهم مصير حتمي، كما سُيظهر أن أهل مراكش يعتقدون أن التنمية في مدينتهم لا يمكن أن تستمر من دون سياحة، حيث يعلق الكاتب عبد الكبير الميناوي من جهته، عن اندماج هؤلاء المقيمون الجدد مع طبائع أهل المدينة الحقيقيين،قائلا " أن بعض المقيمين الأجانب في المغرب، لا سيما من لبستهم مدينة مراكش بتاريخها وألوانها وشمسها، صاروا حراس مكان وثقافة. لكن آخرين صاروا مثل المغاربة في تصرفاتهم ونمط حياتهم، إذ تجدهم يخالطون المراكشيين في الأسواق الشعبية، ويزاحمونهم في الحافلات، ويساومون الباعة في أسعار مشترياتهم بصبر نادر يثير استغراب لسكان المحليين"...
الحنين لسنوات الاستعمار
ويأتي الإقبال على مدينة مراكش بسبب عوامل الطقس المعتدل والأمان، وتكلفة العيش الميسرة بالنسبة للمتقاعد الأوروبي، عكس ما هو حاصل في وطنه الأم فرنسا، أو في أي دولة أوربية  متوسطية أخرى، هذا المقيم الفرنسي الذي جاء بالأمس يستنجد شمس مدينة مراكش وهواءها النقي، سيصبح اليوم من بين مستثمريها في أنشطة سياحية  تذر عليه مداخيل مهمة، ما كان ليحصل عليها وهو في عقر وطنه، وهذا ما سيحيلنا على تملك العديد من الفرنسيين المقيمين لمشاريع سياحية وخدماتية  كالفنادق والمقاهي  والمطاعم الفاخرة والوكالات العقارية أو هي في ملكية مغاربة يديرها فرنسيون، مستفيدين  من الامتيازات المحصل عليها من طرف الدولة المغربية كالتخفيضات الضريبية التي تصل إلى 80 %  والإقامة بالإضافة إلى التأمين الاجتماعي...  ؛ وكذلك عامل اللغة الفرنسية التي تدبر بها أمور الدولة؛  ويصرح الصحفي مرشد الدراجي ل"الوطن الآن" قائلا " كلها عوامل أدت إلى سرعة اندماج هذه الفئة القادمة من ثقافة ونمط  عيش مغايرين ، والتي تشكل ظاهرة اجتماعية داخل المجتمع المغربي، المراكشي بالخصوص، وبالتالي ساهمت هذه العوامل في تطور هذه الإقامة، من الإقامة إلى الاستثمار..."؛؛ فأكثر من أربعين ألف متقاعد  فرنسي وفرنسية، حسب إحصائيات رسمية، يغادرون بلادهم سنويا مع بداية كل فصل خريف نحو المغرب هربا من البرد الأوروبي اللاذع والتمتع بشمسه الدافئة ، ويعودون إليه في فصل الربيع في ما يشبه بهجرة طيور السنونو، غالبية هؤلاء الفرنسيون يقررون الإقامة والاستقرار بمراكش، بعد أن ضمنوا لأنفسهم دخلا قارا يعشون به مدى الحياة في أريحية تامة ، وتملكهم  لعقار سكني، ويبقى الحافز الأهم  الذي يستغله المتقاعدون الفرنسيون بذهاء دفين، إعفاءهم من دفع الضرائب  التي كانوا يدفعونها في فرنسا، بعد أن يكونوا قد أمضوا ستة أشهر على الأقل خارج التراب الفرنسي؛ لكن سرعان ما سيتنكر  البعض منهم لمعروف الدولة المغربية والمدينة وأهلها، أمام استفحال بعض السلوكيات التي رصدتها " الوطن الآن"وقد أصبح يعاني منها مغاربة، والصادرة عن فرنسيين أو مغاربة لهم علاقة بمجالات استثمارية يهيمن عليها فرنسيون، أخطرها ما ينم على أن هذا المقيم الفرنسي أصبح يحن لسنوات الاستعمار الفرنسي، والأخطر من ذلك هو أن "تصرفاتهم العنصرية" قد تحمل في طياتها أكثر من معنى أخطرها أن مدينة السبعة رجال ستصبح  مستقبلا مدينة خاصة بالأجانب يسيرها فرنسيون، لدرجة أن جمعيات محلية أسسها مغاربة  ، وهو الخطر بعينيه، أصبحت تنادي بإشراك الأجانب الفرنسيين المقيمين في تدبير الشأن المحلي، وما على أهلها سوى :dégager à Tamnsourt   ، على حد تعبير  أحد الفرنسيين، قبل سنوات، وهو يخاطب  أطفالا يلعبون أمام رياضه بالمدينة العتيقة، والحال أن الأجنبي أصبح يشكل إزعاجا للمغاربة  لدرجة إحساسهم وكأنهم مستهدفون في مدينتهم مراكش...
 
تفاصيل أكثر تقرؤونها  في  أسبوعية" الوطن الآن" تجدونها حاليا في الأكشاك