الخميس 19 سبتمبر 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف جبرو : يوم تحالفت الأجهزة مع ظلاميين ضد عمر بنجلون

عبد اللطيف جبرو : يوم تحالفت الأجهزة مع ظلاميين ضد عمر بنجلون

منذ 41 سنة في مثل هذا اليوم 18 دجنبر 1975، تم اغتيال عمر بنجلون الذي كان في عنفوان كهولته كما قال الأستاذ امحمد بوستة آنذاك، إذ لم يكن عمر قد أكمل الأربعين من عمره يوم امتدت إليه يد الإجرام.

كانت سنة 1975 هي السنة الأخيرة في حياة عمر بنجلون القصيرة. سنة قام فيها رحمه الله بعدة تحركات نضالية، أهمها الدور المحوري الذي اضطلع به لإنجاح المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975، وكان ذلك المؤتمر مرحلة نضالية حاسمة خرج منها الاتحاد بخط سياسي جديد جعل الشهيد عمر يتنقل في الداخل والخارج للتوعية بالتوجهات الجديدة للحزب، وذلك قبل انعقاد المؤتمر وبعد ذلك، حيث ألقى عدة محاضرات وحضر عدة ندوات.

في أبريل 1975 سافر رحمه الله إلى الجزائر العاصمة، للمشاركة في مؤتمر الحقوقيين العرب، وهو مؤتمر كان بالنسبة، إليه مناسبة لشرح أبعاد التعبئة الوطنية في المغرب من أجل إثبات مغربية الصحراء، في سياق الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة المغربية.

وبعد شهور سافر رحمه الله إلى هولندا، لحضور جلسات كانت تعقدها محكمة العدل الدولية بلاهاي، للنظر في مذكرة رفعها المغرب في شأن قضية الصحراء.

وفي شهر أكتوبر من نفس السنة كان عمر بنجلون إلى جانب عبد الرحمان اليوسفي ومالك الجداوي في مؤتمر بموسكو عقدته اللجنة السوفياتية للتضامن الإفريقي الأسيوي، وكان ذلك مناسبة للدفاع عن القضية الوطنية الأولى.

هكذا كانت سنة 1975، السنة التي أكد فيها الشهيد عمر بنجلون أنه أصبح زعيما سياسيا شابا مرموقا، مما أصبح يفرض على الدولة أن تتعامل معه على هذا الأساس، فيما كانت الجهات القمعية تفضل التعامل معه على أساس أنه واحد من الذين يفضلون أن يروه منهمكا في مغامرة العمل السري بدلا من النضال في واضحة النهار. وها هو إذن طوال سنة 1975 يعمل على توعية المناضلين بأحقية القوات الشعبية في نهج أساليب النضال الديموقراطي.

آنذاك، ظهر عمر بنجلون وكأنه خرج من الدائرة الخاضعة للمراقبة المستمرة لأجهزة القمع التي كان يشرف عليها أحمد الدليمي والكوميسير عبد الحق بنمنصور وغيرهما ممن كانوا يستمتعون بتعذيب عمر بنجلون في دار المقري صيف 1963 أو في أماكن أخرى، ومناسبات أخرى طوال المراحل النضالية لعمر بنجلون.

كيف يمكن التخلص من عمر بنجلون والحالة هذه؟

هكذا كان يتساءل خصومه، خصوم قيام نظام ديموقراطي بالمغرب، أي الهدف السياسي الذي أصبح عمر بنجلون يتحرك من أجله للتوعية بمزاياه الوطنية.

المتحكمون في الأجهزة اهتدوا إلى فكرة جهنمية هي تدبير عملية التصفية الجسدية لعمر بنجلون عن طريق مجموعة من قصار العقول، متشبعين بالأطروحات الظلامية. وهكذا اختارت الأجهزة مجموعة من المنتمين إلى تنظيم كان يسمى الشبيبة الإسلامية التي كان يقودها عبد الكريم مطيع، وهو عنصر مازال لحد الآن فارا من العدالة، بعدما ترك أولئك الذين نفذوا الجريمة يواجهون وحدهم المحاكمة، وهم الآن أحرارا لم تخجل إحدى الجرائد المقربة من العدالة والتنمية من إجراء استجوابات صحفية معهم.

أما عبد الكريم الخطيب الذي تكفل بتأسيس حزب العدالة والتنمية، فيقول في مذكراته إن عبد الكريم مطيع كان قد اتصل به بعد عملية اغتيال عمر بنجلون. وفي المذكرات نفسها يقول الخطيب إنه استقدم من القاهرة محامين من الإخوان المسلمين جاؤو إلى المغرب للدفاع عن الذين اغتالوا عمر بنجلون عندما مثلوا أمام المحكمة. بخصوص تلك المحاكمة يجب التذكير بأن التنظيم الظلامي المعروف بالشبيبة الإسلامية، كان من أعضائه عبد الإله بن كيران، وأن ذلك التنظيم كان قد نظم وقفة احتجاجية أمام المحكمة تضامنا مع قتلة عمر بنجلون.