قد يقال ان الديموقراطية تكون احيانا ظالمة ، وقد يقال انها ضرب الشعب من طرف الشعب لصالح الشعب ، ولكن حتما تخلف شريحة من الغاضبين واخرى من المستنكرين وفئة من المذهولين بل واخرى من اللامبالين ، وفي هذا الخضم من قال ان التغني بحقوق المرأة نابع من قناعات المجتمعات وحتى المتقدمة منها ؟ اذا رجعنا الى العصور الغابرة ومواقف الفلاسفة والمفكرين مرورا بكونفوسيوس Confucius الى أرسطو Aristote الى طوماس داكان Thomas D'Acquin الى هيوم Hume يتضح ان تفوق وسيادة وسلطة الرجل suprématie على المرأة ثابتة بل معتبرة مسألة طبيعية ، بالنسبة لكونفوسيوس فإن مبدأ الفوضىchaos يعم ويشع لما تحصل المرأة على السلطة على حساب الرجل تماماً كما هو هو وضع السماء بالنسبة للأرض yang -ying , كما ان للمحاكم سيادة على المحكومين ويقاس الامر على الدولة والأسرة اما اذا اصبح للمحكوم سيادة وسلطة على الحاكم فان الفوضى تعم ويختل النظام ، هذا النظام يشمل كافة انواع وأصناف الكائنات الحية فلماذا إذن حسب كون فوسيوس نستثني النوع البشري وتغلب الأنثى على الذكر ؟
كما لم يفت الفيلسوف شوبنهاور shopenhauer ان يصف المراة بالطفل الكبير بل تشكل نوعا من المرحلة الوسطى بين الطفل والرجل الذي يعتبر الكائن البشري الحقيقي
" la femme demeure toute sa vie un grand enfant , elle constitue une sorte d'étape intermédiaire entre l'enfant et l'homme qui est le véritable être humain "
وحسب كيرككارد فان المراة لا تكتسب حريتها الا عن طريق الرجل ولهذا فان الرجل يطلب يدها ليحررها ، اما الفيلسوف الألماني نيتشه فأشار الى ان التطور الذي يؤدي الى تحرر المرأة ومنحها المسؤوليات سيؤدي حتما الى تقبيح وتبشيع لأوروبا enlaidissement de l'Europe .
ولعل هذه المواقف السوداوية والعداء التاريخي تجاه المرأة يجعلنا نربط الماضي بالحاضر ونتذكر كيف وقع ويقع التطبيل والتهليل وتنظيم ندوات متتالية في صالونات مريحة للدفاع عن حقوق المرأة والحال ان العقلية الذكورية لا زالت متجدرة ولا زالت تخيم بظلالها حتى على المجتمعات المتقدمة والدول المصنعة ، لذلك لم أفاجأ لما لم تحرز المرأة ولو على رئاسة جهة وحيدة يتيمة في المغرب من أصل 12 جهة ولم تنتخب ولا واحدة من ستة منتخبين للمحكمة الدستورية ولم نصل الى 20 في المائة بمجلس النواب الا بدعم اللوائح الوطنية ، لذلك هل تعتبر هزيمة هيلاري كلينتون هزيمة استراتيجية املتها ظروف معينة ومؤداها ان الحزب الديموقراطي الليبرالي والحزب الجمهوري المحافظ يخدمان أجندة واحدة بصيغ مختلفة ليصبح دونالد ترامب الرئيس 45 للولايات المتحدة الامريكية خصوصا وهو الذي وعد بمنعرجات منها عدم دعم الدول الحليفة ومراجعة موقف البلد من l'OTAN محدثا زلزالا في توازن العلاقات الدولية ، وإرسال القوات الى العراق من اجل محاربة الدولة الاسلامية ومد يد المحبة والإخاء الى فلاديمير بوتين ، وإيقاف المحادثات حول التبادل الحر بين أمريكا وأوروبا ، وخصوصا ماعزم عليه من التشدد المرهب في مواجهة الهجرة اذ وعد بطرد 11 مليون مهاجر سري مع اعتماد أولوية طرد من لهم سوابق عدلية ومن ولجوا التراب الامريكي حديثاً ، ام ان الامر يتعلق بعقلية ذكورية متجدرة في لا شعور الناخب الرافض ان تسجل امرأة للتاريخ انها ترأست الولايات المتحدة الامريكية . وعلى اي سواء تعلق الامر بالفرضية الاولى او الثانية فان الأيام ستبدي لنا ما نحن نجهله . مع العلم ان الجمهوريين سيتمكنون من تعيين قاضي المحكمة العليا الذي لم يعين منذ وفاة القاضي المحافظ Antonin Scalia..
كتاب الرأي