Monday 24 November 2025
في الصميم

أريري: الرياضة المدرسية..الطفل اليتيم للسياسة العمومية بالمغرب

أريري: الرياضة المدرسية..الطفل اليتيم للسياسة العمومية بالمغرب عبد الرحيم أريري
رغم أنهم يمثلون 22% من مجموع سكان المغرب، ورغم أنهم يشكلون جيل الغد، فإن الدولة لا تعترف بحقوق أزيد من 8 مليون تلميذ بالتعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي.
 
لا أقصد بحق التلميذ في تعليم جيد وحقه في قسم يضم أعدادا معقولة من التلاميذ وحقه في الترفيه وفي التكوين الموسيقي وفي الخرجات المدرسية، فالمقام لايسمح باستعراض هذا المشكل.
 
بل أقصد حرمان 8 مليون تلميذ مغربي من الحق في الرياضة المدرسية، التي تعد ركنا من أركان الحياة المدرسية في الدول المتمدنة، بل ومشتلا تغرف منه الأندية والفرق الأوربية والأمريكية أبطالا في مختلف الرياضات.
 
صحيح أن مكانة التعليم عرفت تقهقرا فظيعا في أجندة الدولة منذ ثمانينيات القرن 20 واستمر التردي إلى اليوم. إلا أن الرياضة المدرسية عرفت تغييبا من أجندة المسؤولين وطنيا وجهويا، بحيث يمكن الجزم أن الرياضة المدرسية هي الطفل اليتيم للسياسة التعليمية بالمغرب.
 
والمثير أن المغرب، وهو يقوي بنياته وتجهيزاته الرياضية، ويتألق في منتديات قارية وعالمية في عدد من التخصصات الرياضية، لم يحرص على بناء جسور بين الرياضة المدنية والرياضة المدرسية، ليس فقط لتوسيع وعاء التنقيب على المواهب في صفوف الناشئة، بل وكذلك لتأمين أبسط حق من حقوق الإنسان، ألا وهو تمكين التلميذ من تفجير طاقته السلبية في هذه الرياضة أو تلك، وتهذيب ذوقه وسلوكه، فضلا عن توازنه الصحي.
 
نعم هناك بنيات مؤسساتية في الهندسة الحكومية موكول لها النهوض بالرياضة المدرسية والحرص على تغذية الجامعات الملكية في مختلف الفروع الرياضية ب"النقيلات" و"بالزريعة الزوينة" من بين التلاميذ الموهوبين، لكنها هذه البنيات تبقى مجرد هندسة مؤسساتية شكلية وعلى "الكاغيط"، بدون روح وبدون طعم وبدون بصمة. لدرجة أن الإعلام العمومي بنفسه، لا يعترف بقطاع اسمه "الرياضة المدرسية" بامتناعه عن احتضان بعض التظاهرات المدرسية( على قلتها) وتغطيتها وتسليط الضوء عليها.
 
أما الطامة الكبرى فتتمثل في أن الرأي العام لم يستأنس أبدا بأي وزير( من كل العائلات السياسية)، أو بحزب أو بفريق برلماني أوبنقابة تعليمية، ترافعوا بقوة لفائدة الرياضة المدرسية، عبر الاصطفاف المستميث من أجل توظيف أساتذة التربية البدنية والرياضة بالعدد اللازم لتغطية جميع المؤسسات التعليمية بما في ذلك التعليم الأولي والابتدائي.
 
وحتى "تكتمل الباهية" نجد الولاة والعمال ومدراء الأكاديميات ورؤساء الجماعات ومدراء الوكالات الحضرية يتواطؤون على الترخيص لمدارس خاصة بدون أن تتوفر حتى على عمود لممارسة "التسلق بالحبل"، فأحرى التوفر على ساحة ومستودعات لممارسة الرياضة. كما نجدهم يتواطؤون أثناء تقسيم الكثير من الإعداديات والثانويات العمومية بالمدن وتحويل ملاعبها إلى قاعات وأجنحة لتلقي الدروس، بدل الضغط لبناء مؤسسات جديدة فوق وعاء عقاري آخر لاستيعاب تزايد التلاميذ بفعل الفورة الديمغرافية.
 
وطبيعي، أن تقود هذه الإرادة المعاكسة لتطلعات 8 مليون تلميذ،( بالإضافة إلى تظافر عوامل أخرى)، إلى خلق بيئة داخل المجتمع المغربي تسمح بتسريع الانحراف وتسهيل انزلاق الآلاف من الناشئة في متاهة الإجرام أو السلوكات اللامدنية، إن لم نقل العدوانية.
 
فاللهم ارزق أبنائنا وبناتنا مسؤولين لديهم الكبدة على البلاد وعلى العباد !