الأربعاء 24 إبريل 2024
سياسة

الحقوقي الغلوسي يفكك هشاشة مجلس إدريس جطو

الحقوقي الغلوسي يفكك هشاشة مجلس إدريس جطو المحامي محمد الغلوسي (يمينا)، وإدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات

 

انتقد المحامي محمد الغلوسي، رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب - فرع مراكش - طبيعة تركيبة المجلس الأعلى للحسابات في المدينة الحمراء وأدائه عموما، مشيرا بالأرقام إلى دلالة الأخيرة على ضعف النتائج. وأضاف في حصيلة تقييمه الموالي بأنه وفي ظل الظروف الراهنة، لا زال المجلس بعيدا عن تحقيق الشفافية والنزاهة، أو حتى الحديث عن استقلاليته، طالما أنه يفتقر الإمداد بالإمكانيات والوسائل الضرورية للعمل والإشتغال، الأمر الذي يحول دون ممارسته لكل المهام المنوطة به. ومنها على سبيل المثال فقط عدم إحالة التقارير التي ينجزها على القضاء، وما يمليه ذلك من فرص الإفلات من العقاب، التي لا تتماشى بدورها مع مبدأ "ربط المسؤولية بالمحاسبة". وفيما يلي النص الكامل لكلمة محمد الغلوسي:

"المجلس الأعلى للحسابات غارق في مراقبة  التسيير، لكن لابد من استحضار بعض المعطيات الأساسية، وأقصد عدد الموظفين الذي يشتغلون بالمجلس الأعلى للحسابات وبالمجالس الجهوية للحسابات، تصور معي أن عدد الموظفين بالمجلس الجهوي للحسابات بمراكش هو 9، علما أن جهة مراكش تضم 8 من العمالات و الأقاليم و 256 جماعة ترابية، فهل تعتقد أن مجلس بهذه الوضعية بإمكانه أن يقوم بمهامه على الوجه المنوط، فرغم أن الدستور رقى المجلس الأعلى للحسابات إلى مؤسسة دستورية وأسس المجالس الجهوية للحسابات إلا أنه لم يمد هذه المجالس بالإمكانيات الضرورية من أجل الإشتغال، بحيث ظل عملها ضعيفا ومحدودا، ففيما يتعلق بالتصريح بالممتلكات يوجد بجهة مراكش العديد من الأشخاص الذي يفترض أن يقوموا بالتصريح بممتلكاتهم لكنهم لم يصرحوا بهذه الممتلكات، فمثلا عدد المنتخبين الملزمين بالتصريح بجهة مراكش- آسفي لسنة 2016 هو 106 بينما عدد المصرحين هو 18 فقط ورغم ذلك فالمجلس الجهوي للحسابات لم يتخذ الإجراءات المناسبة والضرورية في مثل هذه الحالات، بحيث أن هناك جزاءات على المستوى القانوني لم يلجأ الى تطبيقها، رغم أن التصريح بالممتلكات هو آلية من آليات تخليق الحياة العامة، وهي من بين الإجراءات الضرورية لكي يمارس المجلس الجهوي للحسابات دوره في تفعيل قيم الحكامة والشفافية والنزاهة.

ثانيا، إمكانيات اشتغال المجالس الجهوية للحسابات، وهذا هو مشكلنا في المغرب، إذ لايتم إمداد كل المؤسسات بالإمكانيات والوسائل الضرورية للعمل والإشتغال، نتحدث عن الإستقلالية ولكن نجرد هذه الإستقلالية من أي مضمون، إذ تمنح الإستقلالية للمؤسسات بمقتضى الدستور لكن يتم تجريدها من كل الإمكانيات والوسائل الضرورية للعمل بمقتضى القوانين الصادرة وهو ما يحول دون ممارستها لكل المهام المنوطة بها، وأعتقد أن المجلس الأعلى للحسابات مازال بعيدا عن تحقيق الشفافية والنزاهة، صحيح أن بعض التقارير التي أنجزها وخصوصا التوصيات التي يصدرها الى بعض الجماعات الترابية والتي مكنت هذه الجماعات من تدقيق حساباتها والإنسجام مع المساطير والقوانين المنظمة لعملها، لكن اذا استثنينا هذا الجانب المسطري الذي تأخذ بعض الجماعات ولا تأخذ به جماعات أخرى، بل إن هناك جماعات تحتج بكون المجلس الأعلى للحسابات لايراعي الواقع، فهناك جماعات في بعض المدن الصغيرة تشتكي من عدم قدرتها على التجاوب مع بعض القوانين والمساطير وتعتبر توصيات المجلس الأعلى للحسابات " مثالية "، وأعتقد أنه لتقييم عمل المجلس الأعلى للحسابات ينبغي أن يتم من خلال المهام المسندة إليه بمقتضى الفصلين 147 و 148 من الدستور، وأعتقد أن تدعيم قيم الحكامة والشفافية والنزاهة مازال بعيد المنال ويحتاج إلى عمل ومجهود مضاعف وأكبر على ما يقوم به المجلس الأعلى للحسابات .

وأعتقد أن الإشكال الحقيقي الذي يعانيه المجلس الأعلى للحسابات هو عدم إحالة التقارير التي ينجزها على القضاء وهذا يعود في نظري إلى كون البلاد مازالت مترددة في الحسم مع الإفلات من العقاب، لأن استمرار الإفلات من العقاب واستمرار مناخ عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة واستمرار التردد في القطع مع ممارسات الماضي يجعل هذه التقارير غير ذات أهمية بالنسبة للمجتمع وحتى بالنسبة لمسيري الشأن العام.".