jeudi 24 avril 2025
سياسة

الملك ليس شيخ قبيلة حتى يغضب

الملك ليس شيخ قبيلة حتى يغضب

عرف المغرب أخيرا تحركات ديبلوماسية مهمة ومتسارعة، لكن على رأسها جاء القرار القاضي بتقليص بعثة المينورسو، وخصوصا في شقها المدني والسياسي، وإيقاف المساهمة المالية في تسييرها، احتجاجا على تصريحات بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، التي وصف فيها المغرب بالمحتل، كما قام بتحركات مماثلة شرقا وغربا. هذا الحراك الديبلوماسي وصفه كثيرون بأنه "ديبلوماسية الملك الغاضبة".

الذين يتحدثون عن الديبلوماسية الغاضبة هم أنفسهم الذين يتحدثون عن غضبة الملك، التي أوقفت المسؤول الفلاني أو المسؤول العلاني. وعندما قلنا إن "الملك لا يغضب" لا نقصد الملك الشخص والإنسان، فهو يعتريه ما يعتري البشر من عوارض الآدمية ومنها الفرح والغضب، ولكن نحن نقصد المؤسسة الملكية.

وفيما يتعلق بالمؤسسة الملكية هناك محاولة لتصويرها بشكل كلاسيكي تاريخي، فهم يعرفون ولكن يريدون تسويق صورة أخرى، صورة يسعى كثيرون ومنهم المرتبطون بصاحب ثورة الكمون إلى الترويج للملك الذي يشبه شيخ القبيلة، يعطي الأوامر صباحا بعد أن يستيقظ ويأخذ فطوره.

غير أن الواقع عكس ما يروجون له فالمؤسسة الملكية، مؤسسة بكامل المعنى لها أركان وضوابط وخلايا نحل تشتغل على ملفات متخصصة، وروابط وقنوات تواصل مع مختلف مكونات الدولة ومع مختلف مكونات المجتمع، ولها معطيات ودراسة وتحليل للمعطيات.

ما كنا لندخل في هذه التفاصيل سوى لنعلم المتطاولين على المعرفة درسا، وهو أن الملك لما يتخذ قرارا فهو قرار لا يرتبط بالغضب، لأن هذا العمل جماعي تؤطره حكمة جلالة الملك، ولا يتم ذلك في لحظة واحدة ولكن بعد دراسة دقيقة تمر من مسالك كثيرة.

الملك ليس شيخ قبيلة يا قبيلة الفتنة. الملك رئيس الدولة ورئاسة الدولة مؤسسة كاملة متكاملة تشتغل وفق القواعد الحديثة، في حين ما زال رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لا يتعامل مع الرئاسة كمؤسسة وهو دائم الحديث عن نفسه بدل الحديث عن حكومته، إذ أوصل مقام رئاسة الحكومة إلى الحضيض.

فليس المغرب من نوع الدول التي تتخذ القرارات تحت سورة الغضب، ولكن من الدول التي تتميز بالصبر الديبلوماسي، حتى نتحدث لغة هؤلاء. صبر الديبلوماسية المغربية لا ينفد. ومن يعتقد أن دور الديبلوماسية هو إشعال الحرائق فهو مخطئ. فالقرار الذي يتم اتخاذه يتم تهيئته بوقت طويل، لأن أي قرار له تداعيات إيجابية وأخرى سلبية ولابد من حساب الربح والخسارة.

لقد صبر المغرب كثيرا على تحرشات الأمين العام للأمم المتحدة وتحرشات مبعوثه الخاص كريستوفر روس، وهما موظفان يتقاضيان راتبا من المنظمة الدولية، وبالتالي لا حق لهما في اتخاذ مواقف سياسية، وأقصى ما يمكن أن يقوما به هو دعوة أطراف النزاع للجلوس لطاولة المفاوضات، وهو ما يوافق عليه المغرب وترفضه الجهات الأخرى لأنه ليس لديها ما تقدمه في هذا الملف، وبالتالي فإن القرار المغربي بميزان "الغضب" هو متأخر جدا.

(العنوان من اختيار هيأة التحرير)