Wednesday 30 July 2025
كتاب الرأي

يوسف غريب: أكادير المدينة التي بناها المغاربة وأغلبية دول العالم .. وليس طائر "أبو منجل" !!

يوسف غريب: أكادير المدينة التي بناها المغاربة وأغلبية دول العالم .. وليس طائر "أبو منجل" !! يوسف غريب
الكثير منّا ينسى أو يتناسى أنّ أكادير هي المدينة المغربية الوحيدة التي تشكّل مفخرة لجميع مغاربة اليوم ورمزاً لتضامن وتآزر أمّة لرفع تحدّي انبعاث مدينة من رماد بعد القدر الإلهي لزلزال 1960 الذي حرّك نفس المشاعر الإنسانية لدى أغلبية دول العالم وشعوبها عبر مختلف منظماتها واذرعها الجمعوية والمدنية
وبمنظور زمن الستينات.. وقبيل الحصول على الإستقلال.. فليس سهلا ولا ممكناً حسب إمكانيات وقدرات الدولة آنذاك لولا هذه التعبئة المجتمعية والعالمية تحت قيادة المغفور له محمد الخامس ووليّ عهده آنذاك المغفور له الحسن الثاني المشرف المباشر والميداني على إعطاء انطلاقة إعمار المدينة مباشرة بعد أربعة أشهر فقط من الدمار الشامل للمدينة بوضع الحجر الأوّل لميلادها يوم 30 يونيو 1960
الحجر الأول الذي ساهم فيه جميع المغاربة عبر( ضريبة أكادير حسب التداول الشعبي ) والمؤطرة بظهير ظهير رقم 1.60.123 بإحداث ضريبة التضامن الوطني بعدها ظهير تأسيسي للمندوبية السامية لإعادة بناء أكادير التي فتحت الورش المعماري المهندسين مغاربة وأجانب تركوا لنا اليوم تحفاً معمارية منفردة على المستوى الوطني والدولي خاصة وسط المدينة وساحة ولى العهد وغيرها..
المدينة بهذه الخلفية التاريخية والإجتماعية الإنسانية يجعلها ترتقى إلى مستوى الإرث المشترك الإنساني وثراث لا مادي لمغاربة اليوم عن موروث لمغاربة ستينات القرن الماضي ومن عرق جبينهم وقوت يومهم وبحس تضامني عال..
هي أيضا ملك مشترك لكل الدول المساهمة في عملية البناء والإنقاذ والإستشفاء
هي مدينة الملكين المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني الذي عاد إلى إحدى قاعاتها بعد البناء ليعطي انطلاق مسيرة تحرير اقاليمنا الجنوبية
بل عاد مرة أخرى ليذكّر الجميع بأهمية هذه المدينة كما جاء في خطاب 21 مارس 1985 كمركز حضاري ومنصة انطلاق لدينامية ثقافية وروحية وعمرانية إعمار صحرائنا
هي اليوم وسط المملكة في عهد الملك محمد السادس بإطلاق مشروع إعادة تأهليها وبهذا الافق الإنساني كمدينة تنفرد عالميا بمقبرة واحدة تجاورت فيها جثامين من الديانات الثلاث..
وقبل هذا وذاك هي مدينة أكادير أوفلاّ القلعة الشاهدة على بدايات تأسيس إمبراطورية السعديين نحو أفريقيا ودول الساحل..
كم يتداخل الزمن التاريخي حتّى تشابه عند بعض ذوي القرار اليوم بالمدينة وبمختلف مواقع مسؤولياتهم في جهل وتجاهل كل هذا العمق الحضاري للمدينة دون أن نجد له أي أثر فني تشكيلي على مستوى جداريات المدينة التي استباح عرضها اليوم برسومات لا صلة لها بهويتها بشكل عام.. حتّى ان الامر حائر في علاقة طائر ابو منجل بأكادير.. وهو سكين منطقة واد تامري.. أو ماسة سيدي بولفضايل
ولنفرض جدلاً ان الامر قائم ما قيمة هذا الطائر المهاجر أمام استحضار لوحات للذاكرة العمرانية.. والقيادية المولوية.. ورمزية تضامن المغاربة والعالم..
هي رسائل للأجيال وتكريم للآخرين
غير ذلك..
فلاحق لاحد ان يلوث صورتنا البصرية وذوقنا العام بانطباعاته الفنية وهولساته العشوائية
إن ما تعرفه المدينة مما يمسى - قسرا- بفن الجداريات هو تعسف على الذوق العام
هو قلة احترام لتاريخ المدينة
مدينة جميع المغاربة والعالم
مدينة الملوك الثلاث
مدينة المسيرة الخضراء..
وفي الخلفية العميقة مدينة إمبراطورية السعديين
وكما وقع في فرض شعار للمدينة بواسطة الوالي السابق بعيداً عن هوية المدينة..
هاهي الجدران تلتحق به بقيادة طائر ابو منجل…! ؟
وفي انتظار إنقاذ بقية جدران المدينة أدعوا الجميع إلى التأمّل في هذه الواقعة خاصة ذوي القرار بالمدينة

( يحكى ان جزاراً بعد أن قام باختيار لون طلاء محلّه بالداخل.. طلب من جار قبّالته ان يختار لونا مناسبا للواجهة الخارجية لمحله
فرد عليه جاره
( هذاك شغلك.. ماشي شغلي)
كان رد الجزار بليغا
( اسمع ياسيدي.. لقد اخترت اللون المناسب لي بالداخل.. اما الواجهة الخارجية فهي قبالتك ولن افرض عليك اي لون لا يعجبك..)
فلاتفرضوا علينا اذواقكم
فالمدينة ملك مشترك دائم.. وللجميع
غيرها شخصاً اومقعداً فالدوام لله..


يوسف غريب، كاتب صحفي