Wednesday 30 July 2025
فن وثقافة

منعم وحتي: وداعا زياد الرحباني.. الطفل المبدع الكبير

منعم وحتي: وداعا زياد الرحباني.. الطفل المبدع الكبير زياد الرحباني
كيفك أنت؟  
هو الوجدان العميق الكامن في دواخلنا حين يتحوّل إلى ذكرى... تذكّرُ من نعزّ، تذكّرُ من نحبّ..
ذات ليلة ماطرة، والسماء ملبّدة بغيم داكن كثيف، ارتدى معطفه البنيّ، كأنّ له موعداً مع الزمن... ذاك الزمن الضارب في ذاكرتنا، ميعاد مع القدر، تلك الصدف المحفوظة في لوح من نحبّ..
 
لم يكن متوقعاً أن يتقابل الوجهان، ولو لعب بأوراق القدر أمهر المقامرين على ناعورة الحياة..
كان محيّا تلك المرأة هادئاً وقوياً، لم تهتزّ تقاسيم وجهها من هول المصادفة، رغم أنّ أعماقه اهتزّت، واضطرب الماضي بالحاضر في خلجان روحه..
 
كانت المرأة أمّه، وذو المعطف العريض المنكبين ابنها، فلذة كبدها الذي اختفى لسنين طويلة وراء البحار، باحثاً عن حلم بائد، ولاهثاً وراء حبّ هلامي، راكضاً خلف قصيدة مجهولة، ومنقّباً عن نوتة أبدية..
 
لم تصدّق الأم أن عُباب البحر قد رمى بسفينة ابنها على شاطئ البلدة..
ظننتُك ما زلت تائهاً في بحار العم سام.. أحقٌّ ما يُقال إن لك أولادًا هناك؟ هل تدري كم افتقدتك في قلبي المكسور من جهتك؟  

تناسلت أسئلة الأمومة وسط صمت مطبق من هذا الطفل الكبير في عيون أمٍّ كانت تنتظر عودة صغيرها منذ الأزل..
تحوّلت لحظة هذا اللقاء إلى أسطورة خرافية في عوالم الأدب، والشعر، والموسيقى، والحبّ الإنساني..
 
لم ينبس الطفل الكبير ببنت شفة.. حمل عواصف هذه اللحظة الصاخبة، بحث عن لوح صخري سومري، واستلّ إزميله الأنيق، ونحت منمنمة غرائبية.. بقيت خالدة بماء الذهب على ستائر الحب اللامتناهي، على سُدّة الأدب والموسيقى العالميّين.
وداعًا زياد الرحباني، الطفل المبدع الكبير..  
رأفةً بقلبك المقدّس، فيروز الأم.. أمّنا جميعًا..