السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد اللطيف برادة: من يقف وراء حروب الشرق الأوسط ؟

عبد اللطيف برادة: من يقف وراء حروب الشرق الأوسط ؟

مما لاشك فيه أن الأحداث التي هوت بالشرق الأوسط في آتون الحروب بالوكالة والصراعات الطائفية والقتال ضد الإرهاب ساهمت بقدر كبير في رفع حجم الإنفاق العسكري لدول منطقة الخليج، وهكذا وفقا للأرقام الصادرة من قبل معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم  أصبحت السعودية رابع أكبر سوق للسلاح في العالم ، حيث أنفقت الرياض أكثر من ٨٠ مليار دولار على الأسلحة في العام الماضي، وهو أكثر من أي وقت مضى، وأنفقت الإمارات نحو ٢٣ مليار دولار العام الماضي، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما تم إنفاقه في عام ٢٠٠٦، كما وقعت قطر صفقة بقيمة ١١ مليار دولار أمريكي مع وزارة الدفاع الأمريكية ، فضلاً عن العديد من الدول الأخرى في المنطقة، والتنظيمات التي تشتري أسلحتها من "السوق السوداء".  و وسط هذا السباق المحموم وراء التسليح  حقّقت شركات السلاح الأمريكية أرباحاً طائلة مما دفع بأمريكا بلعب دور استراتيجي في صناعة وبيع الأسلحة للمنطقة،حيث يمكن  من خلال اطلاع بسيط  على أرقام هذه الصفقات لتقييم  الدور الأمريكي في تأجيج الصراعات، متبنيه في ذلك لمبدأين أساسيين في تجارة السلاح، الأول هو أن السلاح خلق ليستعمل؛ فكلما زادت الحروب زاد الربح وراجت الصناعة، ولهذا كان لا بد وفقا للمبدأ الأول أن يحتوي عالمنا على بؤر معينة مشتعلة باستمرار  لضمان استمرار الأرباح المليارية. أما الثاني فلا بد من تجربة السلاح، وهنا تأتي ضرورة وجود بؤر يستخدم السلاح من خلالها لمعرفة خصائصه وسبل تطويره، فتبعا لذلك وجدت أمريكا في منطقة الشرق الأوسط مرتعاً مناسبة لبيع واستخدام الأسلحة التي ستعود بأرباح طائلة على الداخل الأمريكي، وهكذا "باتت الصراعات والحروب في مختلف أنحاء المنطقة "نعمة" اقتصادية لأولئك الذين يمسحون دموع التماسيح بيد واحدة ويوقعون عقود التسليح باليد الأخرى"، كما يوضح أحد المحللين لموقع "جلوبال ريسيرش" البحثي. وتأكيدا لذلك  اصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام نهاية العام الماضي تقريراً تطرق فيه إلى أفضل شركات صناعة الأسلحة في العالم حيث تصدّرت الشركات الأمريكية قائمة التقرير. تأتي لوكهيد مارتن Lockheed Martin الأمريكية على رأس قائمة الشركات العالمية بمبيعات سنوية تتجاوز الـ ٣٦ مليار دولار، تتبعها عملاق صناعة الطائرات Boeing بـ ٣٢ مليار دولار تقريباً وهي أمريكية أيضاً، ثم الشركة البريطانية للصناعات الدفاعية والطيرانBAE Systèmes  وهي المنافس الأوروبي الأقوى للولايات المتحدة بما يزيد عن ٢٩ ملياراً، ثم جنرال داينامكس General Dynamics بـ 24 ملياراً تقريباً فـرايثيون  Raytheon  بـ 225 مليار دولار .

وهكذا قد تعتبر تجارة السلاح من أقوى التجارات عالمياً، وتشير أغلب التقديرات إلى إنفاق سنوي يتأرجح ما بين التريليون ونصف والاثنين تريليون دولار، ما يساوي تقريباً 3% من كامل الناتج المحلي العالمي  تحتل أمريكا المركز الأول عالميا بفارق شاسع عن أقرب منافسيها( الصين وروسيا والهند)، مما يجعل شركات صناعة الأسلحة الامريكية  تتربّع على رأس قائمة الشركات العالمية المنتجة والمصدّرة للسلاح.

ونظرا لمتانة العلاقة التي تربط ما بين تجارة السلاح والسياسة تسعى شركات السلاح بكل ما في وسعها إلى انتهاز "الفرصة للوصول إلى السلطة عبر تمويل الحملات الانتخابية للمرشحين لرئاسة البيت الأبيض، أو عضوية الكونغرس ومجلس الشيوخ " مهما بلغت التكلفة  الشيء الذي يمكنها من فرض  شروطها على أي مرشح، الذي يجد نفسه مرغما فلى تلبية أوامرها حتى لو تطلب الأمر تحريك الجيش الأمريكي إلى بلدان أخرى، لأن أي تخلّف يقرر منحى حياته 

السياسية في الانتخابات ونهاية مساره بفضيحة تبصم صورته في ذاكرة الأمريكيين. و لاسيما انه كما صرحت بذلك صحيفة" كريستيان ساينس مونتير" أن "المال يجري في سياسات البيت الأبيض كما يجري الدم في الجسم ، المال وحده يحدد هوية الرئيس القادم للبيت الأبيض، والمال يحدد من يدخل مجلس الشيوخ والكونغرس الأمريكيين.

ولهذا، يُحسب لشركات السلاح الأمريكية ألف حساب على الساحة السياسية، بسبب القدرة الاقتصادية الضخمة التي تملكها على حساب دماء وشعوب العالم وزد على ذلك ان  دورها لا يقتصر على دعم كافة الأحزاب السياسية المتنافسة على قيادة البيت الأبيض فحسب، بل هي تسعى  بكل ما لها من نفوذ  لمحاربة مفردة "السلام" ومنع استصدار أي قوانين تفرض قيود على صناعة وبيع السلاح لفتح الأسواق أمامها وتسهيل تصريف منتجاتها العسكرية. فهكذا تصبح دائرة قرار السلطة  محكمة لديها فلا احد يجرا على ان يعارض مصالحها

و عندما سئل جوش شوغرمان المدير التنفيذي لمركز سياسات العنف، عن مدى تحكّم "لوبي السلاح" في صنع القرارات الأمريكية، أجاب قائلاً: إن قادة لوبي السلاح ينجحون دائما في تمرير ما يريدونه من قرارات وقوانين، وعندما يريد لوبي السلاح تمرير تشريعات لمصلحته يبدأ بإرسال الرسائل وإجراء المكالمات الهاتفية مع النواب في الكونغرس أو في مجلس الشيوخ. وبما أن النواب ينتابهم الخوف من أن يخسروا مقاعدهم فهم لا يترددون ابدا  على إبداء موافقتهم على التشريعات بتصويتهم عليها بنعم أو لا، حسب رغبة قادة اللوبي.