لقد بدأت ملامح المرحلة السياسية ، لما بعد الانتخابات المقبلة، تتشكل. ويبدو أن زعيم حزب العدالة والتنمية، ، قد بدأ يصيبه بعض القلق والخوف من المستقبل وعلى المستقبل، خصوصا في ظل الغليان الاجتماعي بفعل انحدار أسهم مؤشرات النمو وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع حجم المديونية الخارجية بشكل بات يهدد الاستقلال المالي للبلاد وكذلك غلاء المعيشة ، كلها مؤشرات تنذر بدخول البلاد مرحلة دقيقة قد تؤدي إلى انفجار للوضع ، يصعب التكهن بتطوراته ونتائجه.
إن الاعتقاد بأن ورقة السلم الاجتماعي والاستقرار الأمني لازالت ورقة رابحة في الضغط على النظام وابتزازه يفسر إلى حد كبير سلوكات وممارسات السيد بنكيران وخطاباته المثيرة للاستغراب وللدهشة ، سواء تلك الموجهة إلى عامة الناس ، بمناسبة وبدون مناسبة ، أو تلك الموجهة إلى المهتمين بشكل عام وإلى أركان الدولة.
إن السيد بنكيران وفي الوقت الذي يتهم فيه خصومه بإعطاء صورة قاتمة عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، يعمل هو وبكل ما أوتي من مكر ودهاء ، على إعطاء صورة أكثر قتامة عن الوضع الأمني للبلاد ويعمل على تسويق مغلوط لنظرية المؤامرة التي تستهدف ثوابت الأمة عقائديا و المؤسسة الملكية نظاما سياسيا. وهو لا يتورع ،في هذا الإطار، على محاولة الإيقاع ببعض الأشخاص و الهيآت السياسية المتحررة التي تقف في وجه مشروعه المحافظ الرافض للحداثة وكونية حقوق الإنسان.
إن السيد بنكيران وبعد تمكنه من الحصول على ضمانات الاستمرار في المنصب وفي الحكومة وبعد وضع كل الإمكانيات رهن إشارته وعلى الخصوص العنصر البشري وعناصر التبديل والغيار المتوفرة في كاراجات الأحزاب وكاراجات الدولة ، وبعد تمكنه من عقد صفقات الهدنة مع عرابي النظام، الذين حولوا لياليه إلى كوابيس من العفاريت والتماسيح، اعتقد ، بل انتهى إلى أن الضعف البين لمختلف الفاعلين السياسيين وكل أطراف المجتمع المدني بشكل عام وكذلك الخطر الإرهابي وحساسية الوضع الأمني المرتبط بدرجة أولى بالانخراط في جل بؤر التوتر عبر العالم ، وعلى وجه الخصوص ما تعلق بالصراعات في الشرق الأوسط ، في شبه الجزيرة العربية ، وهو الإنخراط الذي يأتي تتويجا وترجمة للعلاقات المتميزة بين المغرب وبعض دول الخليج وعلى رأس القائمة تأتي دولة الإمارات العربية المتحدة و المملكة العربية السعودية ، هذه الأخيرة لا يخفى تعاطفها ودعمها للهيآت والجماعات السياسية الدينية في مختلف دول العالم.
هذه المعطيات تجعل السيد عبد الإله بنكيران يعتقد بامتلاكه مفاتيح أبواب مصير البلاد وقدرته على التحكم فيها وفق أهواءه ونظرته والمصالح الضيقة لجماعته بما يجعلنا رهينة لديه، لكنه في الواقع ليس أكثر من صاحب نويبة بلغة دار زنقة البريهي و ( مولى نوبة) بمفهوم عامة الشعب.