الخميس 18 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: المغريب في بلاد التعذيب

عبد الحميد جماهري: المغريب في بلاد التعذيب

لا يمكن أن تقنع "أمنستي" الرأي العام الوطني، وهي …تضع بلدهم في مستوى فرد واحد اسمه المومني زكريا، أو حتى أن تضعهم على قدم المساواة مع منظمة مهما كبر شأنها. 

لهذا من حقهم أن يشكوا في تقريرها، ويرتبونه، في سلم المصداقية حسب ما يرونه معقولا.
ولن يغفروا للجهات الرسمية أن تكون أقل من مستوى الغضب من وعلى صورتهم في تقريرها.

المعقول المغربي، يطالب الجهات الرسمية نفسها بأن تقدم جوابا على ما كان متاحا للبلاد لكي تدافع به عن نفسها ولم يتم استعماله الاستعمال الجيد.

ولا يمكن أن يمنع الرأي العام نفسه، بنفس الدرجة التي تدفع إلى الحرص على صورة البلاد من أسئلة غاية في التدقيق:

ما الذي كان يمنع البلاد من تقديم الحجة طوال 4 سنوات استغرقها التحقيق من 2010 إلى 2014، والجواب على كل حالة حالة بالوثائق والشهادات والحوار الدولي العلني؟ خاصة وأن البلاد لم تعد تنظر بحساسية إلى مجيء الحقوقيين ومفوضي الأمم المتحدة في السجون والتعذيب والعدالة الانتقالية والقضاء، وما إلى ذلك من خانات الحق الدولي؟

وكان على الدولة، في هذا الباب، أن تتصرف مع المنظمات الحقوقية وغير الحقوقية، كما كان دوغول يفعل مع الصحافيين، أي أن تعتبر أن استقبال عدد كبير منها هو منتهى سعادة واستقبال عدد ضعيف مضجر وممل، واستقبال واحدة منها.. عذاب!

ما الذي كان يمنعها، أيضا، من أن تقدم كل الذين حامت حولهم الشبهة إلى العدالة، بناء على قوانينها الخاصة، وتأكيدا لقوة آلياتها الوطنية في محاربه التعذيب، باعتبارها آلية دولية، تسير على سكتها دول كثيرة؟
ما الذي كان يمنع/تسليم الأسماء إلى القضاء وليس إلى المنظمة الدولية وتقديم الإعفاءات أو الجزاءات التي تمت في حقهم؟

ما الذي كان يمنعنا من أن نفعل آلياتنا الوطنية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان ذاته، في جرد حالات الادعاء بالتعذيب، والتدقيق في التحقيقات العميقة حول الموضوع، وتفعيل مضامين ما هنأنا العالم عليه، عندما اعتنقنا عقيدته الحقوقية ووقعنا اتفاقيات مناهضة التعذيب، والتزام ملكنا أمام ممثل العالم الحقوقي الهندية بيلاري؟

المغرب دخل منطق الإفلات من العقاب، منذ أن عرف كيف يخرج من نفق الانتهاكات الصارخة في الماضي، وعندما ركب بنجاح قطار المصالحة، وعندما وضع الحكامة الأمنية على بساط التنصيص والتشريع، وعندما اتجه نحو إعادة النظر في ترسانته الجنائية.. 

ولم يكن التعذيب ليخيفه لو أنه فتح فيها بابا جديدا.

من المحقق أن «رزمة» السنين التي اختارتها المنظمة يمكن أن تسمح بجمع ما لا نتصوره من حالات في أربع سنوات، ولكن، ونحن نمعن النظر في طريقة اشتغال المنظمات الحقوقية، وهي منظمات سابقة عن التحولات المغربية كبرى وباقية بعدها، لا يمكن أن نغفل بأننا بلد يطمح إلى إقرار عدم الإفلات من العقاب في حالات التعذيب بشكل نهائي واستراتيجي،. والأهم من ذلك نحن ندرك أننا نفعل ذلك، لا من أجل عيون منظمات «يعذبها» أحيانا اسم المغرب، بل لعيون البلاد، ولأننا ندرك أن الفخ الذي يريدونه أن يطبق علينا هو تحويل المغرب إلى نقطة ألم سوداء في سجل الحقوق مع ربط ذلك مع قضية وحدته الوطنية. ولهذا نستطيع أن نضيف إلى تضحياتنا من أجل بلادنا.. لائحة إضافية لمن عارض توجه البلاد، وعارض توجيهات العاهل المغربي قبل أن يعارض منظمات عليها هي بدورها أن تثبت حسن نيتها وعلاقتها مع بلاد المغرب!