الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
فن وثقافة

الكاتب عبد الصمد الكباص يرصد فلسفيا الرغبة والمتعة في كتاب جديد

الكاتب عبد الصمد الكباص يرصد فلسفيا الرغبة والمتعة في كتاب جديد

"الرغبة والمتعة: رؤية فلسفية" هو عنوان العمل الفلسفي الجديد الذي صدر لعبد الصمد الكباص عن دار إفريقيا الشرق، في إطار سلسلة فيلوسوفيا. ويمثل هذا العمل استمرارا للبرنامج الفلسفي الذي أعلن عنه الوؤلف في كتاب "الجسد والكونية: مبادئ ثورة قادمة" الذي صدر سنة 2013، حيث حافظ فيه على ذات الإشكالية المتعلقة بسؤال الجسد.

ويقترح عبد الصمد الكباص في عمله الجديد، تناولا فلسفيا لعلاقة الرغبة والمتعة من جهة أولى، بمغامرة منح معنى إنساني للحياة من جهة ثانية. رابطا مفاهيم التاريخ والحياة واللغة بالرغبة، بل يثبت أن إمكانيتها منبثقة من حقل الرغبة ذاتها. فالجسد، كما يقول في الكتاب، هو المكان الوحيد الذي يمكن للإنسان أن يبدع فيه وجوده ويبني فرديته. ففيه يكون له اسم وعنوان هو الحرية. والإنسانية تبدأ عند انفصال نظام الرغبة عن نظام الحاجة. فالرغبة هي التي تمنح للإنسانية مستقبلا، لأن المستقبل ليس من نسيج الزمان وإنما يشتغل كحركة انفصال تتيحها الرغبة.

ويشير عبد الصمد الكباص في كتابه الجديد إلى أن الرغبة تفتح في صميم الكيان الإنساني انقساما ما بين نظامين اثنين، هما نظام الحاجة الذي نسميه بالجسم ونظام الرغبة الذي نسميه بالجسد. استحوذت التقنية على النظام الأول. فالحاجة أضحت قابلة للحساب، قابلة حتى للتسويق. والبناء العضوي للجسم الإنساني أضحى بدوره قابلا للتركيب وإعادة التركيب. لم تعد الحاجة مكان الالتباس الذي يصعب تطويقه لأنه ينطوي على سر تواشج جوانية الكيان الطبيعي للإنسان بالعالم. بل أصبح بالإمكان الإمساك بها وتوجيهها ليس بإملاء من إرادة إلهية وإنما بتحكم مادي في منطقها.

ويعتبر الكباص أن سؤال المتعة هو أكثر وجاهة، بل ونجاعة أيضا، من سؤال الحقيقة. لأن صلب وجودنا هو الذي يطرحه. إنها أجسادنا ورغباتنا التي تتحدث من خلاله. المتعة ليست سؤالا يبذل الفلاسفة مجهودا لخلقه وبنائه وإقناع الناس بأن هناك ضرورة ما تفرض طرحه، بل هو سؤال العين والأذن واللسان والأنف والرغبة.. مطالبة تتم في تلقائية الحواس وأسلوب إشباعها والعالم الجدير بتوفير هذا الإشباع.

بهجة الحياة متأتية من الحواس. ذلك ما نكتشفه من خلال فصول الكتاب، لأنها السبيل الوحيد للتخفيف من الثقل الأخلاقي للوجود. يتم ذلك عبر إشباعها. أية سعادة يمكن أن نلوذ بها من دون إشباع حواسنا؟ وأية متعة يمكن تلمس سبيلها؟ لذلك فإن مناهضة الحواس، أو خلق إحساس بأن لا قيمة لها، أو ازدرائها، هو مناهضة لحق الإنسان في حياة ممتعة، وفي أسلوب في العيش يقوي من إمكانيات الظفر بالسعادة.

يتوزع العمل حول مجموعة من الفصول تحمل العناوبن الآتية: السر والمتعة، العيش بخفة، قدر الجسد، العقلانية نفوذ كوني، متعة الحاضر، الرغبة، اللحظة، زمن الخفة، إشباع التاريخ وتجدد الزمان، جسدي حريتي...