الأحد 21 ديسمبر 2025
فن وثقافة

"أمگاوس".. حكاية برنامج أمازيغي يصعد إلى الجبال ليحمل صوت المعاناة

"أمگاوس".. حكاية برنامج أمازيغي يصعد إلى الجبال ليحمل صوت المعاناة الإعلامي عبد الله بوشطارت في لقطة من برنامج "امكَاوس"
على مدى ثلاثة عشر عامًا، ظل برنامج "أمگاوس"، الذي تبثه قناة تامزيغت، نافذة إنسانية فريدة على معاناة سكان الجبال والمناطق النائية بالمغرب، قبل أن يتوقف سنة 2023، تاركا خلفه ذاكرة زاخرة بالقصص والمغامرات الإنسانية التي عاشها طاقمه في قلب الطبيعة الوعرة.
الإعلامي عبد الله بوشطارت، معد ومقدم البرنامج، استعاد في حديثه بعض التفاصيل الميدانية التي رافقت تجربة "أمگاوس" منذ انطلاقه سنة 2010، مؤكدا أن البرنامج “كان يصعد إلى الجبال مع كل فصل شتاء، ليستقصي أوضاع السكان خلال موجات البرد والعواصف، وينقل أنينهم تحت الثلوج داخل بيوت طينية معزولة”.
 
يحكي بوشطارت أن طاقم "مبعوث خاص/أمگاوس" كان يجد نفسه أحيانا محاصرا لأيام عدة داخل الدواوير الجبلية جراء تساقط الثلوج، كما حدث في مناطق تاغزيرت بإقليم الحوز، وأيت بخير بشيشاوة، وإميال وزاوية أحنصال بأقاليم ميدلت وتارودانت وأزيلال.
“عشنا لحظات امتزجت فيها المغامرة بالخطر، والخوف بالحماس الصحفي”، يقول بوشطارت، مشيرا إلى أن بعض سكان تلك المناطق “ما زالوا يتذكرون حضورنا وكاميراتنا التي وثقت معاناتهم”.
 
ومن أبرز المحطات التي لا تُنسى، كما يروي بوشطارت، حادثة كادت تتحول إلى مأساة، حين فقدت سيارة الطاقم توازنها فوق منحدر ثلجي بمرتفعات “أدرار ن درن” قرب “إمينتانوت”.
“تراجعت السيارة إلى الخلف في لحظة، وكادت تهوي في وادٍ سحيق لولا لطف الله وتراكم الثلوج والأتربة التي أوقفتها”، يقول الإعلامي. “لم ندرك عمق الخطر إلا بعد أيام، عندما عدنا نهارًا وشاهدنا الهاوية التي نجونا منها”.
 
ورغم توقف البرنامج سنة 2023، يصر بوشطارت على أن التجربة لم تنتهِ. “الصحافة ليست مهنة فحسب، بل شغف يسكنك إلى الأبد”، يقول، مؤكدا أن ما دفعه للاستمرار هو “الإيمان بدور الإعلام الأمازيغي في التنمية وتوعية المواطنين”.
ويختم قائلا: “قد يتوقف البرنامج، لكن لا أحد يستطيع قتل الشغف بداخلي، فشعاري الدائم كان وسيبقى: إتقان العمل خير من إنجازه".