تعريف "مغاربة العالم" بمصطلح "الجالية" يعكس اختزالاً غير دقيق لتجربة الهجرة المغربية ويؤدي إلى تبسيط معقد للواقع الاجتماعي والثقافي لهذه الفئة. فمصطلح "الجالية" في المخيال الجمعي غالباً ما يرتبط بفكرة الهروب أو اللجوء، أي أولئك الذين غادروا أوطانهم اضطراراً بسبب ظروف قاهرة أو اضطهاد سياسي أو اقتصادي. هذا التصور يحمل في طياته دلالات سلبية، ويُغفل حقيقة أن جزءاً كبيراً من مغاربة العالم اختاروا الهجرة لأسباب تتعلق بالدراسة أو العمل أو البحث عن فرص جديدة، في إطار قانوني ومنظم، وليس بدافع الهروب أو النجاة من واقع مرير.
هذا التعميم يظلم شريحة واسعة من المغاربة المقيمين بالخارج، الذين أصبحوا فاعلين أساسيين في مجتمعاتهم الجديدة، يساهمون في الاقتصاد الوطني عبر تحويلاتهم المالية، ويشاركون في نقل المعرفة والخبرات إلى بلدهم الأصلي. كما أن استخدام مصطلح "الجالية" يُخفي التنوع الكبير داخل مغاربة العالم، من حيث دوافع الهجرة، ومستوى الاندماج، والمساهمات في مختلف المجالات، ويجعلهم كتلة واحدة متجانسة، بينما هم في الواقع يحملون تجارب وهويات متعددة.
من هنا، يصبح من الضروري إعادة النظر في الخطاب الرسمي والإعلامي حول مغاربة العالم، والانتقال من توصيفهم بـ"الجالية" إلى الاعتراف بتعددهم وثرائهم، وتقدير أدوارهم المتنوعة في الداخل والخارج. فالتسمية ليست مجرد مسألة لغوية، بل تعكس رؤية المجتمع والدولة لهؤلاء المواطنين، وتؤثر في السياسات العمومية الموجهة إليهم وفي شعورهم بالانتماء والاعتراف.
إن اختزال مغاربة العالم في مصطلح "الجالية" لا ينصفهم، بل يختزلهم في صورة نمطية تتجاهل ديناميتهم وإسهاماتهم، ويجب تجاوز هذا التصور نحو فهم أكثر عمقاً وعدلاً لتجربتهم.
