تشكل بطولة أمم إفريقيا لكرة القدم، ( الكان ) التي تفتتح الأحد 21 دجنبر 2025 بالمركب الرياضي مولاي عبد الله بمدينة الرباط، وتتواصل منافساتها الى غاية 18 يناير 2026 بروفة أولية هامة، لاحتضان المغرب لمونديال الفيفا لكرة القدم سنة 2030 بمعية اسبانيا والبرتغال.
وإذا كانت بطولات الكان، تعد أكبر حدث رياضي بالقارة الافريقية، فإن تنظيم هذه البطولة في نسختها الحالية بالمغرب، ستكون أفضل دورة، حسب المختصين والمسؤولين الرياضيين الأفارقة ومنهم الكاتب العام للاتحاد الإفريقي لكرة القدم ، فيرون موسينغو أومبا الذي رجح الثلاثاء الماضي في ندوة صحفية بالرباط، أن تكون البطولة القارية لكأس إفريقيا 2025، " أفضل نسخة على الإطلاق، وستحطم كافة الأرقام القياسية ".
اختبار قبل المونديال
إن البطولة الإفريقية، يمكن أن تتحول الى بروفة أولى ليس فقط لاختبار قدرات المغرب على مستوى البنيات التحتية التي خصصت لها استثمارات مالية ضخمة، مكنت من توفير تجهيزات مهمة في ميادين متعددة، وأصبحت بفضلها المملكة تحتضن مركبات رياضية كبرى في عدة مدن، يضاهي بعضها، ما هو موجود حتى بقارة أوروبا. لكن بالمقابل ستكون كذلك على مستوى الصحافة والإعلام، فرصة للوقوف على مدى جاهزية الإعلام الرياضي الوطني على مواكبة التظاهرات والأحداث الرياضية الكبرى.
من هذا المنطلق، فإن بطولة أمم إفريقيا لكرة القدم 2025 بالمغرب، يمكن أن تتحول لفرصة ثمينة للوقوف على الإيجابيات لاستثمارها مستقبلا وتجاوز السلبيات والهفوات إن حصلت، ذلك عبر القيام استقراء موضوعي، هادئ من أجل تحديد نقط القوة وتطويرها ومكامن الضعف والخلل لتجاوزه مستقبلا. لكن هذا الأمر يتطلب تعبئة شاملة، وفق مقاربة تشاركية، التي لن تتحقق إلا من خلال تكاثف جهود كافة الفعاليات سواء المعنية بتدبير الشأن العام الرياضي والشركاء من الوسط الصحافي والإعلامي الرياضي والثقافي، مع الايمان بمركزية الإعلام المهني في إنجاح التظاهرات الرياضية الكبرى.
وإذا كان الاعلام الرياضي، أضحى يحتل مكانة رئيسة في الوقت الراهن، وهو ما يجعل الحكومات والهيئات الرياضية الدولية، تولى أولوية بالغة وسائل الاعلام، لمواكبة أدق تفاصيل التظاهرات الرياضية، فإن وسائل الاعلام الوطنية، مطالبة بأن تتحول الى مصدر رئيسي للأخبار، خاصة في التظاهرات التي يحتضنها المغرب، لتتمكن من منافسة كبريات وسائل الإعلام، في تقديم عمل مهني شامل مع الارتقاء بمستوى تكوين الإعلاميين في كافة الاجناس الصحافية كالحوارات وتحليل المباريات واستقصاء، والبحث ما وراء الخبر، مع اتقان اللغات الأجنبية الرئيسية، مع الاستفادة من التجارب الدولية والممارسات الفضلى في ميدان الرياضة.
الرياضة ثقافة
إن كرة القدم، ليس فعلا رياضيا فقط، بل كذلك تعبيرا ثقافيا، وهو ما يضع على كاهل وسائل الإعلام مهام إضافية أخرى، تخرج عن وظائفها التقليدية منها نقل النتائج المباريات، وهي العملية التي أصبحت متاحة لكل فئات الجمهور بفضل الثورة الرقمية. كما يرتبط دور وسائل الاعلام، بعمليات أخرى منها جعل كافة فئات الرأي العام، على اطلاع دقيق بمختلف التفاصيل كبيرة كانت أم صغيرة، وتيسير تداول المعلومات، من خلال تملك أسلوب تقديمها باحترافية ويسر، ليتمكن الجمهور من التفاعل معها .
وعلى الرغم من أن الاتحاد الافريقي أو الفيفا، عندما يسندان، تظاهرة رياضية كبرى قارية أو عالمية لبلد ما، فإن ذلك دليلا على الثقة في قدراته على التنظيم، فإن المغرب، وإن كان قد حقق خلال السنوات الأخيرة، إنجازات كبرى على المستوى العربي والإفريقي في عدة مجالات، يلاحظ على مستوى الاعلام، يظل سؤالا مؤجلا مقارنة مع ما يعتمل في بلدان أخرى، نجحت في بناء إعلام تعددي يقدم الخدمة العمومية، ويساهم في تعزيز الحوار والنقاش العمومي، ويكرس التلاقح مع حضارات وثقافات أخرى.
تسويق الصورة
كما أن التظاهرات الرياضية القارية والعالمية، تظل مناسبة للبلدان المحتضنة لها، لتسويق صورتها والتعريف بحضارتها وثقافتها وفنونها ورموزها، من خلال تحويل هذه المحطة الرياضية إلى حدث ثقافي يمكن المغاربة مثلا من خلال كأس افريقيا للأمم احتضان الثقافات الأخرى. وإذا كانت مباريات كأس أمم افريقيا 2025، تحتضنها ست مدن هي الرباط، والدار البيضاء، وفاس، ومراكش، وطنجة، وأكادير، وهي ذات المدن المرشحة لاحتضان مباريات مونديال 2030، فإنها ستكون مناسبة لوسائل الاعلام لتقديم الصورة الحقيقة عن الثراء الثقافي والتنوع الطبيعي الذي تمثله مختلف جهات المملكة، وإبراز خصوصياتها.
ومن جهة أخرى، يلاحظ أنه قليلا ما يجرى الانتباه الى التحولات التي تشهدها رياضة كرة القدم، منها، ظهور جماعات " الألتراس"، التي أصبحت تؤثر على مجريات المباريات داخل الملعب وخارجه، وساهمت في تغيير طبيعة العلاقة القائمة ما بين لعبة كرة القدم والجمهور الذي لم يعد، متفرج سلبي، بل أصبح شريكا فاعلا في الحدث الرياضي، من خلال اسهامه الكبير في خلق أجواء حماسية وتفاعلية، تعطى شحنات إضافية للفرق واللاعبين من أ جل تحفيزهم على بذل مجهودات أكبر لتحقيق الفوز.
وهذا على ما يبدو ما دفع الناخب الوطني المغربي وليد الركراكي الى التأكيد خلال الندوة الصحفية التي تسبق المباراة الافتتاحية لكأس أمم افريقيا، أمام منتخب جزر القمر على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله، بالرباط على أن دعم الجماهير وتوفر عناصر التحفيز والوحدة يمنح المنتخب كل المقومات لخوض مباريات قوية، قد تشهد بعض المعاناة، لكنها تظل ضرورية، لتحقيق الانتصارات.
إن هذا التنوع في طرق المتابعة والاحتفال الجماهيري، يعكس في حقيقة الأمر تطورا جديدا في تفاعل جمهور كرة القدم مع اللعبة، مما جعلهم قادرين على التعبير عن مشاعرهم وآرائهم، بشكل أوسع وأكثر فاعلية، مثلا من خلال " التيفوات " التي يرفعونها أثناء المقابلات.
تعبيرات الجمهور
وبالرغم من هذا التطور في تعبيرات جمهور ملاعب كرة القدم، يلاحظ بأنه، لاتزال هناك ازدواجية المعايير في التعامل مع سلوك الجماهير بالملاعب التي غالبا ما ينظر اليه كحالات شغب . إذ في الوقت الذي يتم قبول التفاعل الحماسي للجمهور في الفضاءات العمومية كالمسارح وقاعات الحفلات، وبالتجمعات السياسية والنقابية والثقافية، فإنه في الغالب الأعم ما يتم التعامل مع سلوك جمهور كرة القدم، وفق نظرة نمطية سلبية، حتى لو كان ذلك لبث الحماس في اللاعبين، فيوصف بأن ذلك" عنف أو شغب"، وهو" يعكس هذا التفاوت في المعايير، تحيزات عميقة في المجتمع تجاه الرياضة والرياضيين".
و إذا كانت البنيات التحتية، ترقى إلى المستوى الدولي، وهو ما جعل المملكة المغربية جاهزة لاحتضان البطولة، فإن " جودة هذه البنيات ذات المستوى العالمي، سيضمن نجاح البطولة الأهم في القارة ، إذ لم يسبق لأي كأس إفريقيا للأمم، أن شهدت هذا القدر الكبير من الإقبال، الذي تجسد في بيع أزيد من مليون تذكرة إلى غاية الآن، لحضور منافسات بطولة افريقيا للأمم 2025،حسب الكاتب العام للكاف.
وعلى مستوى التغطية الصحافة للبطولة، فإن 3800 وسيلة إعلام، حصلت على الاعتماد للتغطية الصحافية، كما تم تسجيل 18 بلدا أوروبيا إضافيا للقيام ببث مباريات البطولة القارية، وهو ما يرفع المجموع إلى 30 بلدا من القارة الأوربية، تضاف الى 54 بلدا إفريقيا، حسب ما أفاد به في ندوته الصحافية بالرباط، الكاتب العام للاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
