Monday 17 November 2025
Advertisement
كتاب الرأي

أسلامة أشطوط: المهرجان الجهوي 13 للكتاب بالطنطان.. تنظيم محكم ورؤية ثقافية متجددة

أسلامة أشطوط: المهرجان الجهوي 13 للكتاب بالطنطان.. تنظيم محكم ورؤية ثقافية متجددة أسلامة أشطوط
بمناسبة الذكرى 50 لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، وفي سياق التحولات الثقافية التي يعرفها الجنوب المغربي، يشكل المهرجان الجهوي للكتاب في نسخته الثالثة عشرة بالطنطان محطة فارقة، ليس فقط لرمزيته الفنية والعلمية، بل لقدرته على إبراز مكانة المدينة كفضاء معرفي حي يستقطب الفاعلين والباحثين والمبدعين من مختلف الجهات.
 
لقد جاء هذا الحدث ليؤكد أن العمل الثقافي الجدي لا يولد من فراغ، بل من إرادة مؤسساتية محكمة تجسدها قيادة إدارية واعية بحجم الرسالة. ويبرز هنا الدور المحوري لعامل الإقليم، وما أبداه من إشراف تتجلى فيه روح المسؤولية ورؤية واضحة تدرك أهمية الثقافة في التنمية المحلية. كما برزت المندوبة الجهوية للثقافة كأحد الأعمدة الأساسية في نجاح هذا الحدث، بفضل قدرتها على التواصل الفعال، ومهارتها في بناء جسور التعاون، وحرصها على صدق القول وفاعلية الفعل، إضافة إلى حضورها الميداني الذي أعطى للمهرجان نفسا عمليا وتنسيقيا عالي المستوى.
 
هذا النجاح لم يكن ليتحقق لولا الدور الفاعل للأطر المحلية بالمديرية الإقليمية للثقافة بالطنطان، التي أبانت عن كفاءة مهنية عالية، سواء في الإعداد اللوجستيكي أو في تنسيق الفقرات العلمية والفنية أو في مواكبة الضيوف. لقد شكلت هذه الأطر العمود الفقري للحدث، وأسهمت في تجسيد صورة تنظيمية مشرفة تبرهن على أن الاستثمار في الكفاءات المحلية هو الضامن الأول لاستدامة الفعل الثقافي.
 
تجلت قوة المهرجان في تنظيم محكم رسم ملامح حدث استثنائي، اتسم بـجلسات علمية رصينة ومتنوعة، وحضور لافت للنخبة الثقافية من مفكرين وباحثين وروائيين وشعراء وفنانين، إضافة إلى مشاركة دور نشر وطنية ومكتبات محلية أسهمت في تقديم فسيفساء فكرية وبصرية أغنت المعرض ووسعت من دائرة المتلقين.
 
أما الأجمل في هذا السياق، فهو الإجماع الثقافي الذي يسجل اليوم حول الطنطان بوصفها عاصمة الثقافة بالجنوب، وهو اختيار لم يأت من باب المجاملة، بل نتيجة لمسار تراكمي بدأ يخط معالمه بثقة ووضوح. سقف النقاش الذي ارتفع داخل هذا المهرجان دليل على أن المدينة أصبحت فضاء تتجاذبه رؤى رصينة وطموحات كبرى، وأن النخبة المحلية والوطنية باتت تمنح للطنطان موقعها المستحق داخل الخريطة الثقافية للمغرب.
 
إن النسخة الثالثة عشرة لم تكن مجرد مناسبة احتفالية، بل لحظة تأسيسية تعيد رسم حدود الفعل الثقافي في المنطقة، وتفتح الباب أمام أفق جديد تصبح فيه الثقافة عنصرا من عناصر التنمية، ورافعة لبناء وعي جماعي متجدد، يعترف بالذاكرة، ويؤمن بالمستقبل، ويرفع سقف الطموح كما يليق بمدينة التراث والضيافة والتاريخ.