لنقلها بكل صراحة، لو كانت هناك إرادة قوية لتجفيف منابع الفساد بالمغرب، لتم الحرص أولا على نزع القداسة عن مبدأ «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، بعدم تعميم هذا المبدأ على المسؤولين العموميين المتورطين والمدانين ابتدائيا في جرائم الفساد ونهب المال العام. فهذا المبدأ الكوني تم تقعيده لحماية المواطن العادي من كل تسلط أو شطط ولتمكينه من كل ضمانات المحاكمة العادلة واستنفاذ طرق التقاضي والطعن.
وبالتالي «فمبدأ البراءة هو الأصل»، هو مبدأ تم تنزيله لخلق مواطن صالح في المجتمع ولحمايته ولضمان أمنه القانوني. لكن في حالة الشخصيات العمومية والمسؤولين الذين اختاروا "العمل العمومي العلني"، فإن هذا المبدأ الكوني لم يوضع لتحصينهم وتمكينهم من «شراء الطريق» لنهب المال العام، أو استغلال مناصبهم العمومية للإثراء غير المشروع، أو المتاجرة في المخدرات أو نهب الصفقات العمومية بدون استحقاق وبدون تقيد بمواصفات كناش التحملات.
كيف يمكن تغيير القانون لحماية سمعة المغرب وتطويق الفاسدين وإرجاع الثقة للمؤسسات؟
الجواب بسيط، فالمسؤول العمومي (وزير، برلماني، رئيس جماعة، رئيس جهة، والي، مدير مؤسسة عمومية، مدير شركر للتنمية المحلية، إلخ...)، حين تتم إدانته ابتدائيا بسبب الجرم المرتكب المتعلق بالفساد، يجب توقيف المسؤول مباشرة عن مزاولة مهامه، وأن لا يسمح له بالترشح ثانية أو تمثيل الوزارة أو المؤسسة والإدارة المعنية، إلى حين أن تبت المحكمة الأعلى درجة في الملف بشكل نهائي ، إما بالإدانة أو البراءة.
الجواب بسيط، فالمسؤول العمومي (وزير، برلماني، رئيس جماعة، رئيس جهة، والي، مدير مؤسسة عمومية، مدير شركر للتنمية المحلية، إلخ...)، حين تتم إدانته ابتدائيا بسبب الجرم المرتكب المتعلق بالفساد، يجب توقيف المسؤول مباشرة عن مزاولة مهامه، وأن لا يسمح له بالترشح ثانية أو تمثيل الوزارة أو المؤسسة والإدارة المعنية، إلى حين أن تبت المحكمة الأعلى درجة في الملف بشكل نهائي ، إما بالإدانة أو البراءة.
اليوم، لم يعد مسموحا، أن نستفز المغاربة بأحكام ابتدائية تصدر فيها قرارات بإدانة ضد مسؤول عمومي (منتخبا أو معينا) بالجرائم المالية والمخدرات، ومع ذلك يتم تركه يترشح في اللجان بالبرلمان أو الترشح للانتخابات المحلية والجهوية ويترأس الاجتماعات والحضور في الأنشطة الرسمية والبروتكولات المخزنية، بدعوى أن «المتهم برئ حتى تثبت إدانته»، وبأن الحكم النهائي لم يصدر بعد عن محكمة النقض، بالنظر لأن مساطر التقاضي بهذه الأخيرة، مساطر سلحفاتية لا تحقق الإنصاف للمجتمع. وبالتالي لما يكون الحكم النهائي قد نزل بعد سنوات، تكون «الفأس قد هوت على رأس المغاربة»، وتكون خزائن المغرب قد استنزفت سرقة وتلاعبا. ثم، وهذا هو الأهم، تكون بكارة الثقة في القضاء وفي باقي المؤسسات، قد تم افتضاضها ويصعب رتقها.
في الدول المتمدنة، تتم عملية إبعاد المسؤول المتهم أوتوماتيكيا (أي السياسي أو المسؤول المعني بالفضيحة)، بإقدامه على تقديم استقالته، إلى حين أن تنتهي أطوار المحاكمة. لكن في المغرب، حيث لا توجد هذه الثقافة ولا هذه الأخلاق السياسية، على الدولة أن تتدخل للتمييز بين المواطن العادي الذي يجب تمتيعه بالمبدأ الكوني «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، وبين المسؤول العمومي، الذي اختار العلن والأضواء، والذي يجب إخضاعه لقواعد خاصة وقوانين خاصة.
في الدول المتمدنة، تتم عملية إبعاد المسؤول المتهم أوتوماتيكيا (أي السياسي أو المسؤول المعني بالفضيحة)، بإقدامه على تقديم استقالته، إلى حين أن تنتهي أطوار المحاكمة. لكن في المغرب، حيث لا توجد هذه الثقافة ولا هذه الأخلاق السياسية، على الدولة أن تتدخل للتمييز بين المواطن العادي الذي يجب تمتيعه بالمبدأ الكوني «المتهم بريء حتى تثبت إدانته»، وبين المسؤول العمومي، الذي اختار العلن والأضواء، والذي يجب إخضاعه لقواعد خاصة وقوانين خاصة.
وحين ينهي المسؤول العمومي المدان ابتدائيا، مساطر التقاضي، ويحصل على الحكم الحائز لقوة الشئ المقضي به، فإن المعني بالأمر يساق إلى السجن لإنهاء عقوبته ومصادرة ممتلكاته، إن كان القرار بالإدانة. وإن حصل على البراءة، وأبطلت محكمة النقض القرار النهائي الابتدائي ونسفت حكم القاضي بالمحكمة الابتدائية، على المسؤول المتهم أن يرفع دعوى ضد الدولة بسبب تقصير قضاتها ابتدائيا الذين لم «يطرزوا» الأحكام واستهزئوا بالمسؤولية، وتلاعبوا، كقضاة، بمصير مستقبل المسؤول المتهم وتهاونوا في دراسة الملف دراسة قانونية متينة، حتى نقوي مستوى أجهزتنا الرقابية والقضائية والإدارية. ويصبح شعار «للي فرط يكرط» هو تذكرة الولوج للترشح لأي مسؤولية انتدابية أو لتقلد أي منصب سامي أو مسؤولية عمومية: مدنية أو قضائية.
بدون ذلك، سنبقى نتفرج في هذه «السوليما» (أي السينما باللغة الدارجة)، التي جعلت المغرب في أرذل ترتيب الأمم عالميا في الفساد، وجعلت المغرب يغلي بأكثر من 13 ألف احتجاج سنوي، تم وهذا هو الأفظع، جعلت خصوم المغرب يقتاتون من أوحال الفساد ما يلطخون به صورة البلاد في ماكينة إعلام دول لا تريد خيرا بالمغرب والمغاربة.