Friday 19 September 2025
كتاب الرأي

زكية لعروسي: غزة اليوم.. الصرخة الكبرى للعالم الصامت

زكية لعروسي: غزة اليوم.. الصرخة الكبرى للعالم الصامت زكية لعروسي
بأي لغة يمكن أن نخاطب المحتل وقد فقد كل لغة؟ بأي خطاب يمكن أن نستجدي ضميرا لا يعرف سوى الحديد والنار؟ ما يجري اليوم في غزة ليس حربا عابرة، بل مجزرة مفتوحة على الهواء مباشرة، جرح في قلب الإنسانية، إمتحان أخلاقي يسقط فيه العالم كل يوم.

اليوم، دخل الصراع مرحلة جديدة من التصعيد: عمليات برية للمحتل واسعة، قصف جوّي مكثف، دمار للمنازل، نزوح جماعي، وآلاف المدنيين عالقون بين خطوط النار. الأطفال، النساء، الشيوخ، جميعهم يدفعون الثمن الأكبر، والمستشفيات عاجزة عن استيعاب الجرحى، والمواد الأساسية من ماء ودواء تُحاصر أو تنقطع، والجوع يزداد تفشيا.

الأمم المتحدة تحذر من أن ما يحدث قد يشكل جرائم حرب، بل وحتى جريمة إبادة، لكن الرد الدولي يبدو عاجزا عن وقف آلة القتل والدمار. إلى متى يترك المدنيون رهائن؟ إلى متى يظل المجتمع الدولي شاهدا صامتا على مذبحة ترتكب أمام أعين العالم؟ إلى أين يسير الصراع؟
 
التصعيد اليوم ليس عشوائيا، بل جزء من استراتيجية لإضعاف المقاومة ماديا ومعنويا وفرض واقع جديد على الأرض قبل أي اتفاق سياسي. الهدف المعلن هو البنية العسكرية لحماس، لكن المدنيين هم الهدف غير المباشر الأول.
 
تقارير حقوقية دولية تجمع أدلة على إنتهاكات قد تصل إلى جرائم حرب. هذا يضع إسرائيل أمام تحدي قانوني وأخلاقي، لكن الضغوط السياسية الدولية غالبا ما تجعل العقوبات أو القرارات فعالة جزئيا فقط.
 
التنديد والبيانات لا تكفي. العجز الدولي والازدواجية في التعامل مع الاحتلال يظهران يوميا. بعض الدول تتحرك وفق مصالحها، والبقية تتفرج، تاركة غزة ضحية للصمت العالمي. غزة ليست مجرد جغرافيا محاصرة، بل صرخة إنسانية: مدارس مدمرة، مستشفيات عاجزة، سكان محرومون من أبسط مقومات الحياة. ومع ذلك، يواصل أهل غزة الصمود، مقاومة للآلة العسكرية وقوة الحصار، مثبتين أن الكرامة الإنسانية لا تقهر بسهولة.

حماية المدنيين ضرورة ملحة، وعودة مفاوضات شفافة تشرف عليها جهات دولية محايدة.
- فتح ممرات إنسانية آمنة: لتوفير الغذاء، والماء، والدواء، والوقود.
- تحقيق مستقل في الجرائم: مع مساءلة قانونية لكل من يثبت تورطه في انتهاكات القوانين الدولية.
- ضغط دبلوماسي واقتصادي: على الدول التي تدعم لوجستيات الاحتلال، لوقف الإمدادات التي تستخدم في القصف ضد المدنيين.
- تمكين الصوت المدني: دعم الإعلام المستقل، ومنظمات حقوق الإنسان، وكل صوت يفضح المجازر.
 
غزة اليوم ليست مجرد مشهد مأساوي يتابع على الشاشات، بل إختبار عالمي للضمير الإنساني والسياسي. الصمت ليس خيارا، والتجاهل ليس براءة. غزة تعلمنا أن الكرامة لا تقصف، وأن الحق لا يموت، وأن أي قوة عسكرية مهما بلغت، لن تستطيع أن تمحو إرادة شعب صامد.

إلى متى؟ سؤال موجع، صرخة يتردد صداها في كل قلب حي: إلى متى سيظل المدنيون رهائن للسياسة الدولية، إلى متى يظل العجز الدولي شاهدا صامتا على الجرائم؟

إن غزة ليست قضية فلسطينية فقط، بل جرح إنساني، إختبار أخلاقي، ومقياس لمدى التزام العالم بالعدالة والقيم الإنسانية. ومن يفشل في غزة، يفشل في الإنسانية كلها.