Wednesday 27 August 2025
كتاب الرأي

محمود التكني: أوجلان والبوليساريو       

 
محمود التكني: أوجلان والبوليساريو        محمود التكني
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، التي أفرزت خريطة جيوسياسية منحت لخمس دول حق النقض في المؤسسة الأممية وفرضت اتفاقيات على الدول المنهزمة، خصوصاً ألمانيا واليابان. بعدها تشكل توازن بين معسكرين: المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا آنذاك، ومجموعة من الدول التي تبنت النظرية الماركسية والفكر اللينيني، والمعسكر الغربي "الإمبريالي" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. هذا الوضع العالمي ظهرت خلاله الحرب الباردة بين المعسكرين، وبدأت الحركات التحررية تتصاعد ضد الاستعمار، مما أخرج "قانون الأقليات" الذي من أهم بنوده: إذا كان تكتل سكاني تجمعه عدة أواصر كالمعتقد والثقافة والهوية والمعتقد يعيش على رقعة جغرافية، فإن من حقه أن يطالب بحكم ذاتي أو الانفصال عن الدولة التي كان خاضعاً لحكمها.
بهذا ظهرت حركات مثل إيتا في كاتالونيا بإسبانيا، وكذا تأسس حزب العمال الكردستاني بقيادة عبد الله أوجلان سنة 1978. بدأ الحزب العمل المسلح ضد نظام أنقرة سنة 1984. وفي سنة 1999، اعتقل زعيم الحزب في نيروبي بكينيا في أكبر صفقة عسكرية بين أنقرة وواشنطن، وذلك بتجديد عقد القاعدة العسكرية إنجرليك بتركيا من طرف الولايات المتحدة وحلفائها لتشديد الخناق على نظام صدام حسين.
 
واليوم، بعد مراجعة حركة الأكراد لفكرها بكل مكوناتها وبأمر من رئيسها أوجلان، أحرق الحزب المعارض أسلحته أمام الملأ في أكبر دلالة على التراجع عن فكر الانقسام. وقد قررت الحركة الانخراط في العمل السياسي بدل حرب مع نظام معروف نتيجتها مسبقاً.
 
أولاً، نحيي جميع الضمائر الحية التي تغلب المصالحة الوطنية على الشخصية والفردانية. وفي هذه الخطوة عبرة للبوليساريو للحفاظ على ماء وجهها بالتخلي عن الفكر الانفصالي، خصوصاً في ظل تسارع الأحداث العالمية عامة وملف الصحراء خاصة. وقد تكون هذه السنة محطة مفصلية لطي هذا الملف الذي يصادف نصف قرن من عمره، خصوصاً بعد تصدع "الثالوث المقدس" لهذا النزاع: جنوب أفريقيا، زيمبابوي، الجزائر.
 
فإذا فضلت الفئة الضالة أن تجنح إلى السلم، فعليها أن  تتخلى عن العمل المسلح الذي لم ولن يجدي شيئاً مع قواتنا المسلحة الملكية، وأن تحدو حدو حزب العمال الكردستاني بزعامة عبد الله أوجلان.
محمود التكني ، أستاذ جامعي