Wednesday 27 August 2025
كتاب الرأي

بوشعيب حمراوي: العرش المغربي يؤشر على نهاية جريدة لوموند

 
بوشعيب حمراوي: العرش المغربي يؤشر على نهاية جريدة لوموند بوشعيب حمراوي

أعلنت جريدة لوموند الفرنسية على نهاية مسارها الإعلامي، بعودتها لاستهداف الملكية بالمغرب. في وقت تعددت فيه البصمات الملكية وتنوعت داخل المغرب وخارجه. وأصبحت حديث العدو قبل الصديق. وفي وقت يرى العالم كيف تحول المغرب إلى قبلة دولية للاستثمار والشراكات في كل المجالات. وفي وقت دقت فيه طبول نهاية أعداء الوحدة الترابية. نهاية الجريدة الفرنسية على يد العرش المغربي. وبتوقيع رسمي من ملك البلاد. الذي كشف هراءها بواقع يصعب تغييره. 

الكل يعلم أن (لوموند)، لم تعد تلك المنارة الإعلامية التي يتصورها روادها. ومن تسحرهم بماكياجها الإعلامي المزيف.  بسبب الفضائح والزلات التي أساءت لسمعتها ومصداقيتها. بعد أن تورطت في قضايا شهيرة.

أصدرت محكمة اسبانية حكما ضدها سنة 2006. بسبب مقالة نشرتها الجريدة، تتهم  ناديي ريال مدريد وبرشلونة بتعاطي المنشطات، دون أي دليل. وأُجبرت الجريدة على دفع تعويضات مالية معتبرة بعد ثبوت التشهير.

في قضية أخرى، أدرجت الممثل الأمريكي جون مالكوفيتش ضمن "قائمة ممولين مزعومين للإرهاب"، مما أثار فضيحة كبرى عن التسرع والاستهتار بالتحقق من المعلومات.

كما سبق وشهدت الجريدة أزمات وصراعات داخلية بين إدارتها وصحافييها. واتهامات بوجود علاقات مالية وسياسية مشبوهة تؤثر على خط تحريرها.

ولعل أكبر مثال على فضائحها، المشروع المثير ديكوديكس، الذي أطلقته سنة 2017. بهدف مكافحة الأخبار الزائفة. حيث نصبت الجريدة نفسها حارسا للحقيقة. وصنفت مئات المواقع الرقمية بألوان (أخضر، أصفر،أحمر، أزرق). كأنها سلطة فوقية أو مجلس وطني فرنسي للصحافة، تحدد من هو الإعلام الموثوق ومن هو الكاذب

 المشروع سرعان ما تحول إلى فضيحة مهنية، اتُّهم بعدم الحياد لأنه استهدف منصات إعلامية معارضة وصنّفها كـ "غير موثوقة"

ووجهت للجريدة تهمة "احتكار الحقيقة"، بينما هي نفسها متورطة في قضايا تشهير ونشر أخبار مغلوطة.

تراجع بريق المشروع مع الوقت، وفقد مصداقيته لدى القراء، حتى صار رمزًا لفشل الصحافة في التوفيق بين المهنية والانحياز السياسي.

 

كيف لجريدة أخفقت في التزام الموضوعية داخل مشروعها الرقمي، أن تدّعي اليوم القدرة على تحليل مستقبل النظام المغربي والتنبؤ بـ"نهاياته"؟ أليس الأجدر بها أن تُراجع بيتها الداخلي قبل أن تُعطي دروسًا للآخرين؟

في غياب تام للمهنية والتوازن الأخلاقي الإعلامي، اختارت هذه الجريدة أن تصنع الإثارة عبر صور بروتوكولية أو صحية للملك، وغياب الأميرة للا سلمى عن المشهد العام، وتقديمها كـ "أدلة" على نهاية عهد.توهمت أنها بخربشاتها ستضرب صورة المغرب في الخارج  و تزعزع الثقة داخل مملكة التماسك والتنمية.  

لم تفكر حتى في سمعة الجريدة التي أصبحت في الحضيض.  بسبب اختلالاتها المهنية. نصدر مقال بدون لم يتضمن رأيًا رسميًا مغربيًا، ولا شهادة أكاديمية محلية، ولا حتى صوتًا من المجتمع المدني. كل ما فيه سرد أحادي اللون: أسود، متشائم، مفتعل.

الصحافة الحقيقية تنقل الرأي والرأي الآخر، وتقدم معطيات

وأرقامًا ووقائع. تنشر رواية جاهزة مسبقا، وتبحث عن صور تدعمها، بلا عن حقائق تُغنيها.

تستعمل لغة (النهايات)، و(الانهيارات)، حيث تكتب عن المغرب، لكنها لا تكتب بنفس الجرأة عن أزمات فرنسا الداخلية، وموجة الانتحارات وسط رجال الشرطة الفرنسيين، و العنصرية المتفشية في الضواحي الباريسية، والاحتجاجات الاجتماعية المتكررة التي تهز الشارع الفرنسي ، وأزمات النظام السياسي، الذي يتوسل دعم المغرب، لبقاء سلطته وقوته داخل افريقيا.    

 

جريدة تكتب عن زعيم دولة بتاريخ متجذر وأصيل، لم يرضخ للمرض، ولا للخصوم والمأجورين. زعيم يبصم يوميا عن مكاسب ونجاحات مختلفة دولية ووطنية. وتغظ الطرف عن زعيم مستعمرة فرنسية وتركية،مختف، بات موضوع كل رواد مواقع التواصل الرقمية.  فهل تحاول الجريدة تحوير النقاش، والتغطية عما يجري ويدور في بلاد ألف بليد وبليد؟..

 الجواب بسيط: لأن الأمر يتعلق بالمغرب، حيث تفضل بعض الأقلام الفرنسية إحياء أسلوب استشراقي قديم تلاشى، حيث كانت الصحفيين والحقوقيين الفرنسيين،  يحشرون أنوفهم في كل صغيرة وكبيرة بالمغرب. وكأنهم أوصياء علينا.

في الوقت الذي يكتب التاريخ بأقلام دولية مختلفة، مراحل التجديد المؤسساتي المتواصل داخل المملكة الشريفة، إصلاحات اجتماعية غير مسبوقة ، تعميم الحماية الاجتماعية، نجاحات دبلوماسية في ملف الصحراء المغربية، استعدادات لاستضافة كأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، استقرار سياسي ومؤسساتي في منطقة إقليمية ملتهبة... ،تزعم الجريدة أن هناك "أجواء نهاية حكم"

تجاهلت كل ذلك، واختارت أن تبني قصتها على عصا يحملها الملك أو على غياب بروتوكولي لعضو من العائلة الملكية. هكذا تُصنع الإثارة الفرنسية البليدة، بعيدة عن الحقيقة التي يراها العدو قبل الصديق. 

  كيف يمكن لنظام ملكي "ماضٍ نحو الزوال" أن يفرض رؤاه ومنطقه على دول عظمى كفرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة؟

فرنسا كم، التي عُرفت بتذبذب موقفها، اضطرت في النهاية إلى

استعمال (منظار) الملك محمد السادس، والانصياع لمطالب جلالته، والاعتراف بمغربية الصحراء، رغم كل الضغوط الجزائرية .

إسبانيا، القوة الاستعمارية السابقة في الصحراء، رضخت بدورها للمنطق المغربي، وأعلنت دعمها لمبادرة الحكم الذاتي، في تحول استراتيجي جعل مدريد تُدير ظهرها لشريكها الغازي الجزائري. 

الولايات المتحدة الأمريكية، القوة الأعظم في العالم، لم تكتفِ بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، بل دعمت هذا الخيار دبلوماسيًا واقتصاديًا وعسكريًا. وبعدها المملكة المتحدة والبرتغال و...

إذا كان النظام الملكي المغربي في أواخر أيامه  (كما تزعم الأقلام الفرنسية )،  فكيف نفسر هذا الدعم الدولي المتزايد؟

بل كيف نفسر أن الصحراء المغربية تحولت اليوم إلى ورش صناعي ومالي ضخم، تتنافس كبريات الشركات العالمية من مختلف القارات على الاستثمار فيه؟

هذه الحقائق وحدها كافية لتكشف زيف السردية التي تروجها تلك الجريدة المأجورة.

     فالمغرب ليس في مرحلة "انهيار"، بل في مرحلة توسع نفوذه الدبلوماسي وجاذبيته الاستثمارية.  مسار بناء وتجديد متواصل، تقوده مؤسسة ملكية ضامنة لوحدة الدولة واستقرارها، في زمن فقدت فيه دول كثيرة بوصلتها.

من حق أي إعلام أن ينتقد المغرب، لكن من حق المغرب أيضًا أن يرد بالوقائع لا بالأوهام، بالإنجازات لا بالشائعات. وبالتاريخ الذي أثبت أن العرش المغربي لم يكن يومًا نهاية، بل كان دائمًا بداية لاستمرارية الدولة ووحدة الشعب.

 

 على من يقدم نفسه باسم (العالم)، أن يدرك أن العالم الحقيقي تطور   وضمنه المملكة السعيدة التي لم تخضع يوما لأي استعمار. وأن المغاربة الذي تمكنوا من رفع الحماية الفرنسية. تركوا أبناء واحفادا أشداء. يحملون مشعل (ثورة الملك والشعب) الأبدي. وعلى من يتخيل نسفه هو (العالم). أن يعود لتاريخ المقاومة والكفاح المخبأ ضمن الأرشيف الفرنسي. ليقف على المحطات البارزة للملك والشعب. ولعل تاريخ 16 ماي 1930، كفيلا بتلقين الجريدة دروسا ومواعض. أنه تاريخ محاولة النظام الفرنسي إصدار الظهير البربري لتشتيت المغاربة. والذي تم إجهاضه. وتاريخ 14 يناير 1943 حيث انعقد مؤتمر أنفا الدولي والمغرب تحت الحماية. حيث كان الملك المغفور له محمد الخامس جنبا إلى جنب زعماء الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وفرنسا. ومعه ولي العهد أنذاك المغفور اله الحسن الثاني. كما نظم العاهل المغربي حينها مأدبة عشاء مع الرئيس الامريكي (روزفلت). هي قطرات فقد من (خابية) مملوءة بتاريخ حافل. تبرز أن الملكية كانت قوية حتى في فترات الأزمة. وأن التماسك الملكي والحب والنضال كان دوما شعار المغاربة. وسيبقى ... لكن للأسف جريدة العالم الفرنسية وغيرها من المنابر الاعلامية المعادية للمملكة،  بدأت تؤشر على نهايتها... بخرجاتها المفضوحة والمأجورة.. وخير ما أختتم به هاذين البيتين الشعريين نظمتهما في صباي.

سيمة العقل الشرف .. إن غاب عنه انحرف

ذبل الحق وانجرف .. وعاش الباطل في ترف

بوشعيب حمراوي، كاتب وصحفي