قراءة في المزاج العام
1. تقديم: نبض الشعب والمزاج العام
في السياق المغربي الراهن، لا يمكن فهم المشهد الحزبي دون الإصغاء إلى نبض الناس، خاصة أولئك الذين لا ينتمون إلى أي تنظيم سياسي. فالمزاج العام، كما يتجلى في الأحاديث اليومية، والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، والتفاعلات في الفضاءات العامة، يعكس حالة من السخط الرمزي والانفصال الوجداني عن الأحزاب السياسية التقليدية.
المواطن المغربي لا يُعبّر عن رأيه من خلال لغة البرامج أو الخطابات الرسمية، بل من خلال تقييمه لتأثير السياسات على حياته اليومية، ولرمزية القيادات الحزبية في الذاكرة الجماعية. هذا المزاج الشعبي لا يُبنى على التحليل المؤسساتي، بل على التجربة الحية: الغلاء، التعليم، التوظيف، العدالة، والهوية. إنه مزاج يُعيد تشكيل العلاقة بين المواطن والسياسة، ويطرح سؤالًا جوهريًا حول من لا يزال يُقنع الناس بأنه يُمثلهم فعلًا، ومن فقد شرعيته الرمزية.
2. الأحزاب تحت مجهر المواطن: بين الاتهام والتوجس
عند الحديث مع المواطنين، تتكرر أنماط من السخط تجاه الأحزاب الكبرى:
* التجمع الوطني للأحرار يُتهم بالمسؤولية عن الغلاء، ويُنتقد بسبب توجهاته الليبرالية، وتُروج حوله اتهامات بالفساد.
* الاتحاد الاشتراكي يُواجه انتقادات حادة بسبب مواقف قيادته الحالية، خاصة إدريس لشكر، الذي يُنظر إليه كمن قاد الحزب نحو فقدان هويته التاريخية.
* حزب الاستقلال تراجع حضوره الرمزي، ولم يعد يُنظر إليه كفاعل مركزي في المشهد السياسي.
* العدالة والتنمية لا تزال تُحاسب شعبيًا على قراراتها السابقة، خصوصًا ما يتعلق بالتعاقد في التعليم، وقوانين يعتبرها البعض مجحفة.
* الأصالة والمعاصرة يُواجه موجة من الاتهامات، ويُنظر إليه أحيانًا كرمز لانفصال الخطاب السياسي عن الواقع الاجتماعي.
* الاتحاد الاشتراكي يُواجه انتقادات حادة بسبب مواقف قيادته الحالية، خاصة إدريس لشكر، الذي يُنظر إليه كمن قاد الحزب نحو فقدان هويته التاريخية.
* حزب الاستقلال تراجع حضوره الرمزي، ولم يعد يُنظر إليه كفاعل مركزي في المشهد السياسي.
* العدالة والتنمية لا تزال تُحاسب شعبيًا على قراراتها السابقة، خصوصًا ما يتعلق بالتعاقد في التعليم، وقوانين يعتبرها البعض مجحفة.
* الأصالة والمعاصرة يُواجه موجة من الاتهامات، ويُنظر إليه أحيانًا كرمز لانفصال الخطاب السياسي عن الواقع الاجتماعي.
3. استثناءات رمزية وتحولات محتملة
وسط هذا المشهد، يبرز حزب التقدم والاشتراكية كاستثناء نسبي، إذ يُشهد له من طرف بعض رموز اليسار بأنه لا يزال يحتفظ بنظافة رمزية، ولم يتورط في ما يُعتبر “الانحرافات الكبرى” التي طالت أحزابًا أخرى.
في المقابل، هناك من يتوقع عودة قوية لحزب العدالة والتنمية في الاستحقاقات القادمة، ليس فقط بسبب حضوره التنظيمي، بل أيضًا بفضل نشاط نسائه في الميدان، من خلال حلقات تحفيظ القرآن، تعليم اللغة العربية، ونشر تعاليم الدين الإسلامي في الأوساط الشعبية. هذه الدينامية تمنح الحزب امتدادًا اجتماعيًا يصعب تجاهله، وتُعيد له جزءًا من شرعيته الميدانية.
ويُتداول احتمال تحالف بين العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية، في محاولة لإعادة تشكيل قطب سياسي جديد، يجمع بين الشرعية الشعبية، والنظافة الرمزية، والامتداد الميداني. كما يُطرح اسم الحزب الاشتراكي الموحد بقيادة نبيلة منيب كفاعل محتمل في هذا التحالف، خاصة في ظل نزوح عدد من المناضلين من الاتحاد الاشتراكي، هربًا من ما يُوصف بـ”مصائب لشكر”.
4. خاتمة: بين السخط وإمكانات التجاوز
إن المزاج الشعبي المغربي لا يُعبّر فقط عن رفض، بل عن رغبة في إعادة تشكيل العلاقة مع السياسة. فالسخط ليس نهاية، بل بداية مساءلة جديدة. الأحزاب التي تكتفي بإدارة الماضي، وتُعيد إنتاج نفسها دون مساءلة، تُخاطر بفقدان كل شرعية رمزية. أما تلك التي تُغامر بالخروج من منطقة الراحة، وتُعيد بناء خطابها من الواقع، فقد تجد في هذا السخط فرصة لإعادة التأسيس.
المستقبل السياسي في المغرب لن يُصنع فقط في المقرات الحزبية، بل في الأحياء، في المساجد، في المدارس، وفي الفضاءات الرقمية. هناك، حيث يُعاد تشكيل المعنى، وتُولد الثقة من جديد.
