ما يحدث اليوم في الدار البيضاء لا يمكن وصفه بسوء التدبير فقط.. ولا حتى بالاختلال في التسيير... ما يحدث هو تفكيك ممنهج لمعالم هذه المدينة، تجريدها من روحها، وبيعها في المزاد العلني لمن يدفع أكثر، تحت غطاء الاستثمار وتحديث البنية التحتية...
في الدارالبيضاء.. لم تعد الحدائق فضاءات للراحة العامة.. بل تحولت إلى فضاءات مغلقة تُكترى للشركات والمصالح الخاصة. الشواطئ التي من المفترض أن تبقى ملكا عاما للمواطنين أُحيطت بالأسوار و"السيكيوريتي" لمنع الفقراء من الاستجمام فيها.. وتُركت مفتوحة فقط أمام أصحاب المال والنفوذ. الساحات العمومية تحول إلى مشاريع مغلقة مربحة.. لا علاقة لها بحاجيات السكان ولا بحقهم في الفضاء العمومي الحر..
حتى المعالم التاريخية التي تعتبر ذاكرة المدينة.. أصبحت تكرى أو تخصخص، وتمحى معالمها لصالح مشاريع ربحية باردة.. لا تحمل أي انتماء للمكان ولا للناس. كل شيء صار مطروحاً للبيع: الأرصفة، الحدائق، الشواطئ، المآثر.. بل حتى هوية المدينة نفسها صارت معروضة في المزاد..
والمشتري معروف، كبار ممولي “المخطط الأزرق 2026” ومن يدور في فلكهم من المنعَّمين الجدد في قطاع العقار والسياحة والأنشطة التجارية. هؤلاء وحدهم من يربحون، بينما الساكنة تُقصى وتُهمّش وتُدفع إلى الهامش، بلا صوت ولا حق في القرار...
المدينة لم تعد تدار بمنطق المصلحة العامة، بل بمنطق الغنيمة وتوزيع الكعكة بين المحظوظين من شبكة المصالح السياسية والمالية. كل متر مربع صار قابلاً للتفويت، كل فضاء قابل للكراء، كل مساحة خضراء مشروع مُحتمل للبناء والربح.. ولا أحد يلتفت لحاجات الناس..
أين هو المجلس الجماعي المنتخب؟ أين صوت المعارضة التي وعدت بالدفاع عن حقوق السكان؟ أين وزارة الداخلية التي يفترض أن تحمي المرفق العمومي من التلاعب والتفويت المشبوه؟
الجواب واضح: الصمت….
صمت مريب، مفضوح، لا يمكن تفسيره إلا بكون الجميع شريك بطريقة أو بأخرى في هذا المسلسل البشع لتجريد البيضاء من روحها….
الجواب واضح: الصمت….
صمت مريب، مفضوح، لا يمكن تفسيره إلا بكون الجميع شريك بطريقة أو بأخرى في هذا المسلسل البشع لتجريد البيضاء من روحها….
الدار_البيضاء لا تحتاج إلى مهرجانات سخيفة ولا إلى واجهات سياحية مصطنعة تُعرض في نشرات الأخبار الرسمية. الدار البيضاء تحتاج إلى فضاءات عمومية حرة، نظيفة، مفتوحة لكل أبنائها وبناتها.. تحتاج إلى سياسة حضرية تُبنى مع السكان، لصالحهم، من أجل كرامتهم المعيشية قبل كل شيء.
لا أحد يعارض الاستثمار الحقيقي الذي يخلق مناصب الشغل ويُنعش الاقتصاد المحلي، لكننا ضد تحويل المدينة إلى مزرعة خاصة يتحكم فيها قلة من المحظوظين باسم "التأهيل الحضري" و"التنمية".
نحن ضد "تنمية" تُفصّل حسب مقاس المستثمرين وتُبنى على أنقاض الفقراء وسكان الأحياء المهمشة. ضد "تأهيل" يحوّل المواطن إلى غريب في مدينته،
وإلى متفرج أمام مشاريع لا تخدمه في شيء...
لا أحد يعارض الاستثمار الحقيقي الذي يخلق مناصب الشغل ويُنعش الاقتصاد المحلي، لكننا ضد تحويل المدينة إلى مزرعة خاصة يتحكم فيها قلة من المحظوظين باسم "التأهيل الحضري" و"التنمية".
نحن ضد "تنمية" تُفصّل حسب مقاس المستثمرين وتُبنى على أنقاض الفقراء وسكان الأحياء المهمشة. ضد "تأهيل" يحوّل المواطن إلى غريب في مدينته،
وإلى متفرج أمام مشاريع لا تخدمه في شيء...
الدارالبيضاء تُغتصب ببطء، على مرأى ومسمع الجميع… الساكنة تُقصى بشكل ممنهج، ويدفع بها خارج القرار، خارج النقاش خارج الحضور في مستقبل المدينة. والصمت الرسمي لم يعد حيادا.. بل صار تواطؤاً مكشوفا...
ما يقع في البيضاء ليس عشوائية في التدبير، ولا مجرد فساد إداري.. إنه قرار سياسي واقتصادي مكتمل الأركان، قرار ببيع المدينة ومن فيها لمن يدفع، وتهميش سكانها حتى إشعار آخر..
والتاريخ لن يرحم….
ما يقع في البيضاء ليس عشوائية في التدبير، ولا مجرد فساد إداري.. إنه قرار سياسي واقتصادي مكتمل الأركان، قرار ببيع المدينة ومن فيها لمن يدفع، وتهميش سكانها حتى إشعار آخر..
والتاريخ لن يرحم….