Thursday 12 June 2025
كتاب الرأي

محمد دليل: لمن يهمهم الأمر.. أنقذوا جماعة عين حرودة

 
محمد دليل: لمن يهمهم الأمر.. أنقذوا جماعة عين حرودة محمد دليل
لطالما استبشرت ساكنة جماعة عين حرودة التابعة لعمالة المحمدية خيرا بمشروع مدينة زناتة البيئي في عام 2016، والذي يعد الأول من نوعه على صعيد أفريقيا.
 
لقد بات الكل يتبجح بما يعرف بالتخطيط المستدام والذي من شأنه إنشاء مدينة بيئية بمفهوم جديد و متجدد  من شأنه الاستجابة لمعايير الكرامة والعيش الكريم للمواطن.
 
لكن الواقع الحالي يضع كل هذا محل تساؤل ودهشة وصدمة. فبذل أن تتعزز الإنجازات  وتظهر على أرض الواقع، تشهد هذه المنطقة تراجعًا مهولا على عدة مستويات.
 
من بنية تحتية متهالكة إلى مشهد بيئي متدهور:
تعاني الجماعة منذ سنوات من تدهور مستمر في بنيتها التحتية، وهو ما يُلقي بظلاله على الحياة اليومية للسكان ويُبطئ وتيرة التنمية. فالطرقات في حالة  مهترئة مليئة بالحفر، مما يتسبب في أعطال متكررة للسيارات ويُعرض المارة وراكبي الدراجات للخطر. وعند تساقط الأمطار، تتحول بعض الشوارع إلى برك مائية تُعيق حركة المرور وتُبرز بوضوح ضعف شبكة تصريف المياه وغياب الصيانة المنتظمة.
 
الخدمات الصحية المتاحة لساكنةالجماعة تقدم في مركز صحي على جداره ساعة متوقفة مند زمن وكأنها شاهدة بصمت على الإهمال والجمود الذي يعيشه هذا المرفق. لا شيء يتحرك، لا تطوير يُذكر، ولا تجهيزات تواكب الحد الأدنى من الكرامة الصحية. الزمن هنا لا يسير للأمام، بل توقف كما توقفت عقارب تلك الساعة، في إشارة صارخة إلى واقع لا يليق بمواطنين في القرن الواحد والعشرين.
 
تحولت بعض أحياء الجماعة إلى مسارح مفتوحة للفوضى البيئية، حيث تنتشر النفايات المنزلية في كل مكان، لتصنع مطارح عشوائية نبتت من رحم حسابات سياسوية ضيقة، عمرت طويلا وشوهت ملامح الأزقة والشوارع.
 
لم تقف الكارثة عند هذا الحد، بل غَرِقت أحياءٌ بأكملها في مياه عادمة وراكدة لأشهر، ناشرة حولها روائح خانقة وأخطارًا صحية كامنة تهدد ساكنة أرهقها الصبر. وبين النفايات والمياه الراكدة، ضاعت معالم النظافة وتلاشت ملامح الكرامة.
 
والخطير في الأمر، أن هذا الواقع البئيس لم يعد يُثير الدهشة، بل أصبح جزءً من مشهد يومي اعتاده المواطن وتكيّف معه حتى بات يرى القبح أمرًا عاديًا. وساد  بذلك الإحباط، وذابت المسؤولية في صمتٍ رهيب.
 
انتشار الكلاب والطيور.. تنوع بيولوجي غير مراقب  
ما يبعث على القلق حقًا، هو تحوّل بعض شوارع المدينة إلى ساحات احتلتها جحافل من الكلاب الضالة، تُهدّد أمن الأطفال وطمأنينة الساكنة، في ظل صمت الجهات المعنية وغياب أي تدخل منظم أو مستدام.

وفي مشهد آخر لا يقل عبثًا، تتكاثر الطيور على أكوام النفايات، تحلّق فوق رؤوس السكان وتترك فضلاتها علامةً على اختلالٍ بيئي بات يعلو السطح ويستفز كرامة المواطن.
 
دعوة صادقة للتدارك 
إنّ عين حرودة، بما تحمله من موقع استراتيجي يربط نبض الدار البيضاء بهدوء مدينة بن سليمان، لا يليق بها أن تظل نقطةً منسية في خارطة التنمية. فالمدينة تقف على عتبة فرصة تاريخية، مع اقتراب موعد كأس العالم 2030، الذي سيُسلّط الضوء على كل زاوية من زوايا الوطن، القوية منها والمهملة.

فهل نسمح بأن تظل الصورة باهتة؟ أم نُسارع لإصلاحها؟
الوقت لم ينتهِ بعد، وما تزال هناك فسحةٌ لتدارك الخلل، وجعل عين حرودة حلقة مضيئة في سلسلة الاستعدادات الكبرى، لا ثغرة تُحرجنا أمام العالم. 

إنها لحظة تستدعي صحوة حقيقية، يكون فيها الإصلاح أكثر من مجرد خطاب، بل مسارًا فعليًا نحو بيئة نظيفة، آمنة، تليق بمدينة على مشارف العالم.