Sunday 8 June 2025
كتاب الرأي

نادية واكرار: مرايا الوعي... وتجليات الرحيل

نادية واكرار: مرايا الوعي... وتجليات الرحيل نادية واكرار
و يأتيك أناس فجأة...وبلا سابق إنذار، كما لو كانوا سطرا أضيف في قصة حياتك دون تمهيد... ثم يرحل آخرون بصمت مؤلم، فراقا أو هجرا أو موتا...

لكن الحياة، على غير ما نظن، لا تتوقف... لا تنكسر، لا تهجرنا، لا تذهب إلى أي مكان! بل تبقى هنا... شاهدة على رحيلهم وماضية في دورتها، كما كانت من قبل...وكأن شيئا لم يكن....!

الحياة ليست أكثر من انعكاس لوعينا... ذلك الوعي الأزلي المطلق، البعيد كل البعد عما اعتقدناه دوما.

قد تكون الحياة صورة لتجسدات عابرة أو مرآة لتأملاتنا الداخلية، أو حتى تجليات لرغباتٍ دفينة، تتكشف أمامنا كلما كبرنا، وكلما اشتدّ فينا عطش الفهم والبحث عن الحقيقة... خصوصا حين نستند على رؤى الفلسفة ونظريات الكم والتمكين، التي تكشف لنا أن الواقع ليس ما نراه فقط، بل ما ندركه ونتحد به...

فالكون ليس إلا ساحة إدراك... وحقيقتنا تكمن في مدى عمق رؤيتنا للأشياء، وفي مدى صدقنا مع ذواتنا.

وكل ما نلمسه ونراه، كل صورة، كل لحظة، كل تجل...
قد لا تكون سوى وعاءٍ للطاقة، قالبٍ للجمال الإلهي، محطة مؤقتة لتجسيد أرواح تسعى للتكمل والعودة إلى أصلها الأول.

كل إحساسٍ وشعور....كل ما يلامس أرواحنا دون تفسير...
كل ما نعجز عن قوله ولكن نحسه هو الحقيقة الوحيدة التي لا تنكر...

تلك اللمسة الخفية التي تسري في النفوس، تسكننا وتوقظنا، هي التي تعلن: هنا تسكن الحقيقة.

ثم تقول الحكمة كلمتها الأخيرة:
"... لكم نحن مغفلون وغافلون... ثم عن حقيقتنا غائبون!"

فما نحن سوى مسافرين في دروب الوعي، نبحث عن أنفسنا في مرايا الآخرين، ونصغي لنداء عميق لا يصدر إلا من دواخلنا...