الكتابة في موضوع تتويج أبطال نخبة فرسان التّْبَوْرِيدَةْ خلال الدورة 24 التي جرت أطوارها بدار السلام، على هامش البطولة الوطنية لكأس الراحل الملك الحسن الثاني التي امتدت من يوم 26 ماي إلى غاية 1 يونيو 2025، ـ الكتابة ـ تقودنا حتما للحديث عن الخيط الناظم الذي يترصّع به عنق "الشُّجْعَانْ" من فصيلة فرسان فن التّْبَوْرِيدَةْ، حيث تنتظم فيه جواهر نفسية من لآلئ مبادئ التدرّج والمثابرة والكفاح والصّبر والإصرار، والأخلاق الرّفيعة، وشيم التّسامح والقيم الإنسانية النّبيلة. هي خصال يتربى عليها كل "الْبَّارْدِيَّةْ" منذ نعومة أظافرهم، حيث التوشيح بالدرع الواقي للمحافظة على هذا الموروث التراثي المغربي الأصيل.
هي فعلا، مبادئ تختزل مؤشّرات دالة في سلم التميّز، الذي يساهم لا محالة في تكوين عجينة شخصية قائد "سَرْبَةْ" خيل وفرسان "لَقْبِيلَةْ" و "الدَّوَّارْ"، على اعتبار أن هذه الشّيم جميعها هي التي تبصم على صيّاغة اسم الْعَلَّامْ اليقظ وسط مضمار "السَّنَابِكِ" بمداد الفخر والاعتزاز، بحكم أن الْعَلَّامْ الممثل لمجاله الجغرافي بمختلف مناطق الوطن، يستلهم دائما صفات ومواصفات "مْقَدَّمْ" السْرُوتْ من ينبوع "مَشْيَخَةْ" لغة سنابك الخيل والبارود، واطلاعه على تفاصيل أبجديات مدرسة امتطاء صهوة الخيول التي ينتسب إليها، وتشبعه من رحيق عطاء روادها وشيوخها الأوائل، أكانت المدرسة سليلة الطريقة النَّاصِرِيَّةْ أو الشَّرْقَاوِيَّةْ أو الْخِيَّاطِيَّةْ أو الْكَتَّافِيَّةْ أو الْحِيَّانِيَّةْ.
في هذا السياق تأتي هذه الشهادات التي استقتها جريدة "أنفاس بريس" بخصوص صعود المقدم الشاب الطموح المهدي أنجار ممثل جهة مراكش أسفي، القادم من مدينة سبعة رجال عاصمة السياحة مراكش لـ "بوديوم التتويج"، حيث انتزع الميدالية الفضية عن جدارة واستحقاق. شهادات على لسان فعاليات مدنية وجمعوية تهتم بحقل تراثنا اللامادي، والتي جاءت مليئة بالرسائل والإشارات القوية نقدمها لعشاق فن التبوريدة.
ياسين عكاشة: سربة المهدي أنجار عكست الصورة الحقيقية للطريقة الناصرية
في تصريح لياسين عكاشة رئيس الجمعية الوطنية لفن التبوريدة، هنئ جميع الفائزين وجميع المشاركين في الدورة 24 للبطولة الوطنية لكأس الحسن الثاني بدار السلام، واعتبر أن هذه السنة "كانت استثنائية على مستوى التغييرات الكثيرة التي عرفتها عملية تنقيط الحكام". وأوضح بأن هذه التغييرات جاءت على ضوء "مطالب الْبَّارْدِيَّةْ وممثليهم وشيوخ التبوريدة والمولعين بالفروسية التقليدية، الذين ناشدوا الجهات المعنية بأن تعطى أهمية كبرى لطرق اللعب ومدارس التبوريدة، فضلا عن إبراز أهمية وقيمة الصناعة التقليدية على مستوى منتوج السَّرْجْ المغربي الأصيل، ومستلزمات الفارس والفرس". وأورد في تصريحه بأن عملية التنقيط "كانت ترجمة حقيقية للإرادة الجماعية من أجل المحافظة على أصالة فنون التبوريدة"
ووقف ياسين عكاشة عند النتائج النهائية للدرة 24، ليوضح بأن "السَّرْبَاتْ التي اشتغلت على المحافظة على طريقة اللعب الخاصة بمنطقتها، وحافظت على الزي ولباس الفرسان التقليدي الخاص بمجالها الجغرافي وخصوصيته، وأعادت لـ "تَسْرِيجَةْ" الخيل أناقتها وأصالتها، وردت الاعتبار لكل ما هو "بَلْدِي" سواء في الأداء أو من ناحية تدبير اللعب والحركات للفريق، كل هذه السُّرَبْ تفوقت في المنافسة.
ونوه في هذا السياق بالفائزين قائلا: "الحمد لله أن الْعَلَّامْ رشيد سيكاس توج الطريقة الخياطية بالميدالية الذهبية ممثلا لجهة الدار البيضاء سطات، والْعَلَّامْ المهدي أنجار توج الطريقة الناصرية بالميدالية الفضية ممثلا لجهة مراكش أسفي، ثم الْعَلَّامْ دحمان حسناوي توج بالميدالية النحاسية ممثلا للطريقة الكتافية عن جهة وجدة أنكاد"
وعن تتويج العلام المهدي أنجار قال ضيف الجريدة بأنه يهنئ المهدي أنجار ومن خلاله الطريقة الناصرية التي مثلها أحسن تمثيل، مستحضرا بأن فريقه ترجم حقيقة في المباريات الجهوية الإرادة الجماعية في التغيير سواء على مستوى التنقيط أو على مستوى قيمة منتوجات الصناعة التقليدية ذات الصلة، منذ مباراة مراكش الجهوية، بلباسهم التقليدي و "لَحْرَافَاتْ"، و "السُّرُوجْ" الْبلْدِيَةْ وطريقة الرّكوب، وكذلك على مستوى "شْقَاهُمْ" على صهوة الخيول.
وقال في هذا الصدد "لم يكن ذلك مفاجئة لي، لأن هذه السربة برئاسة المهدي أنجار، آمنت بمشروع الإرادة الجماعية في التغيير والمحافظة على الهوية والتراث الأصيل" مؤكدا على أن هذا العمل هو الذي "سنحارب به كل مظاهر وأشكال التحريف والإساءة للتبوريدة".
عبد الكريم المني: فخورين بتتويج الطريقة الناصرية عن فئة الكبار والشبان
في شهادة الفاعل الجمعوي عبد الكريم المني رئيس الاتحاد الإقليمي لجمعيات الفروسية بإقليم اليوسفية، والكاتب العام للجمعية الوطنية لفن التبوريدة، قال في تصريحه: "أولا، هنيئا لكل المشاركين في نهائيات كأس الحسن الثاني لفن التبوريدة بدار السلام بمدينة الرباط التي تعتبر محفلا تراثيا عريقا على المستوى الوطني في دورتها الرابعة والعشرين".
وبخصوص تألق لَمْقَدَّمْ المهدي أنجار ممثل جهة مراكش أسفي وعمالة مراكش، أكد نفس المتحدث على أنه لا بد أن يستغل هذه الفرصة لِـ "أقدم له أطيب التهاني الموسومة بالفرح، من خلال منبركم الإعلامي الذي يواكب ويتابع فعاليات كل ما يتصل بتراث فن التبوريدة". مشددا على أن الْعَلَّامْ المهدي أنجار "شابّ طموح، رغم الحادثة الرهيبة التي وقعت له في ميدان التبوريدة ذات موسم، وإصابته بسُمِّ البارود، حيث تسببت له ذبك في بتر أجزاء من يده اليسرى". ومع ذلك بقي عَلَّامْ الْخَيْلْ المهدي أنجار "وفيا، وظل لعدة سنوات صامدا ومصرا على تحقيق حلمه، والصعود لمنصة التتويج في أكبر محفل وطني بدار السلام ضمن نخبة فرسان الخيل والبارود، واحتلاله للرتبة الثانية وانتزاعه الميدالية الفضية".
وقال عبد الكريم المني في هذا الصدد "أنا فخور جدا كون أن لَمْقَدَّمْ المهدي أنجار ممثل عمالة مراكش عن فئة الكبار، فضلا عن المقدم الشاب بدر الدين الخادي عن فئة الشبان ممثلا لعمالة إقليم اليوسفية الذي أتمنى له مسار موفق، وهما معا مثلا الطريقة الناصرية ومدرستها العريقة التي أعاد الْعَلَّامْ شرف البحراوي ممثل عمالة إقليم أسفي الاعتبار لها في السنة الماضية بعد تتويجه على منصة دار السلام".
واعتبر نفس المتحدث "أن اللعب بالطريقة الناصرية هو مفخرة لهذه المدرسة التاريخية، بعد أن قدم هؤلاء الفرسان النموذج والمثال الحي عن أصالتها وعراقتها على مستوى حَرَكَاتِهَا وتقاليدها الأصيلة في اللباس والزي التقليدي، واستعمال السَّرْجْ الْبَلْدِي بـ "لَعْظَمْ" المراكشي و "التّْمَاكْ" وكل مستلزمات الفارس ذات الصلة بالصناعة التقليدية...فلا يمكن إلا أن نقول هنيئا لهذا الشاب وهنيئا للطريقة الناصرية بأبنائها الفرسان الذين رفعوا من شأنها خلال هذا المحفل العظيم"
ووجه في ختام تصريحه رسالة إلى جميع عَلَّامَةْ سَرْبَاتْ الطريقة الناصرية بقوله: "علينا أن نقتفي أثر الطريقة الناصرية العريقة، بأسلوب كل من الْعَلَّامْ المهدي أنجار والْعَلَّامْ شرف البحراوي من أجل الإطمئنان على هذه المدرسة والطريقة في اللعب بالخيل والبارود" على اعتبار أنها "اليوم في أياد آمنة وما علينا نحن كمسؤولين عن القطاع إقليميا وجهويا سوى المساندة والدعم، وسنكون رهن إشارة فرساننا في كل كبيرة وصغيرة".
نور الدين الزوزي: حلم الْعَلَّامْ المهدي أنجار تحقق بالصبر والمثابرة
نور الدين الزوزي
أكد "الرَّامِي" الدكتور نور الدين الزوزي في تصريحه للجريدة، على أن تراث فن التبوريدة يفتخر جدّا بمثل نموذج الْعَلَّامْ الشّاب المهدي أنجار، موضحا بقوله: "أن التبوريدة فخورة بهذا النوع من الرجال، ويحصل الشرف لهذا الجنس من التراث المغربي الأصيل بانتماء المهدي أنجار لدائرة عَلَّامَةْ الْخَيْلْ المولوعين والممارسين لفن التبوريدة الراقية"
وعبر ضيف الجريدة عن سعادته لتألق الْعَلَّامْ المهدي أنجار، ممثل مدينة مراكش لاعتبارين أساسيين، أولهما: "أن الْعَلَّامْ المهدي أنجار رسّخ بحضوره بـ مَحْرَكْ دار السّلام بالرباط، مبادئ وحَرَكَاتْ الطّريقة النّاصرية، وأبان عن علوّ كعبه بين مختلف حاملي مشعل مختلف طرق التبوريدة الأصيلة، وحقّق بأسلوبه أهداف اللعب بهذه الطريقة المبهرة في فرجتها، والتي كان يتفاداها البعض ممن يتنافسون بدار السلام أو بصالون المعرض".
ثاني اعتبار، يقول الزوزي، أن الْعَلَّامْ المهدي أنجار "يستحق هذا التتويج وسط هذا المحفل التراثي الوطني...بعد تتبعي لمشواره من خلال تألقه وحضوره القوي في عدة مهرجانات ومواسم ذات الصلة بالفروسية التقليدية". وشدد في تصريحه بالقول على أن: "المهدي بَّارْدِي متمكن بمعنى الكلمة. رجل عاشق حقيقي للخيل والبارود، يتمتع بشخصيته قوية، ويتميز بالأخلاق والإنضباط، ثم أن صوت نداء ندهته الجميلة ينفد كالسّهم إلى أعماق الجمهور عامة وفرسان كتيبته خاصة".
وأنهى نور الدين الزوزي تصريحه بالتأكيد على أنه "حين تجتمع هذه المعايير في شخصية العلام، فلا يمكن إلا أن يحصد النتائج والتتويج وسط مَحَارِكْ التّْبَوْرِيدَةْ"
الْعَلَّامْ إبراهيم إد سالم: أذرف الدموع فرحا لتألق زميله في تراث فن التبوريدة
الْعَلَّامْ إبراهيم إد سالم
حين اتصلت بـ الَعَلَّامْ إبراهيم إد سالم ممثل فرسان إقليم تحناوت بجهة مراكش أسفي، للإدلاء بشهادته، لم يتمالك الرجل نفسه فأجهش بالبكاء فرحا، وقال متأثرا "أسرة أنجار من العائلات الكريمة ـ الله يعمرها دار ـ التي دعمتني منذ بدايتي في مشواري المرتبط بتراث فن التبوريدة" وأوضح بأن "التعبير يخونه للحديث عن صداقته بـ الْعَلَّامْ الشاب المهدي أنجار"
وأوضح الْبَّارْدِي إبراهيم إد سالم أنه منذ أن بدأ مشواره في فن التبوريدة كان الفضل للشاب الفارس المهدي حيث قال: "لم أجد سوى الفارس/الشاب المهدي أنجار الذي لم يبخل عليّ بأي شيء، حيث مدني بكل ما احتجته في مجال الفروسية التقليدية. المهدي حفظه الله كان محفزا، ومشجعا أساسيا لي في هذا الميدان" وأضاف موضحا: "المهدي يحب الخير للناس جميعا" مستشهدا بقوله تعالى: "إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتيكم خيرا"
وأكد ضيف الجريدة في نفس السياق بأن "العلام المهدي أنجار أدخل الفرحة والسعادة على قلوبنا جميعا نحن الباردية والفرسان المنتسبين للمدرسة الناصرية، بعد حصوله على الميدالية الفضية بدار السلام، وسط نخبة عَلَّامَةْ سَرْبَاتْ الخيل والفرسان على المستوى الوطني، وهذا هو السهل الممتنع" حسب تعبيره
وختم إبراهيم إد سالم تصريحه عن الْعَلَّامْ المهدي أنجار قائلا: "المهدي شاب طموح، ينتمي لأسرة عاشقة للخيل والبارود، لن أفيه حقه بالكلام"، لكن يمكن أن أؤكد على أنه "بَّارْدِي مكافح ومثابر، يمتاز بعزيمة قوية رغم إصابته بالبارود على مستوى يده، حيث ظل متمسكا بعشقه للخيل ووفيا لبارود الفرح، دون انهزام أو استسلام". وأنهى تصريحه بالقول: "الحمد لله تحقق حلمه، وحلمنا جميعا".