في تحوّل لافت يعكس دينامية دبلوماسية متسارعة لصالح السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، أقدمت الجمهورية العربية السورية على إغلاق جميع مقرات جبهة "البوليساريو" فوق أراضيها، في خطوة تترجم تقارباً جديداً بين الرباط ودمشق، وتؤكد دعم سوريا لمغربية الصحراء.
القرار السوري، تجسد عندما انتقلت بعثة مشتركة، تضم مسؤولين مغاربة ومسؤولين سوريين كبار، إلى عين المكان لمعاينة الإغلاق الفعلي لمكتب انفصاليي البوليساريو في العاصمة السورية. في إطار زيارة البعثة التقنية المغربية المكلفة بالتحضير لإعادة فتح سفارة المملكة المغربية بسورية، إلى دمشق.
وقد جددت السلطات السورية، من خلال هذه الخطوة، تأكيد التزامها باحترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة، رافضة أي شكل من أشكال الدعم للكيانات الانفصالية.
وكان الملك محمد السادس قد أعلن أن "المملكة المغربية قررت إعادة فتح سفارتها بدمشق، التي تم إغلاقها سنة 2012، مما سيساهم في فتح آفاق أوسع للعلاقات الثنائية التاريخية بين بلدينا وشعبينا الشقيقين."وجاء هذا الموقف في خطاب للملك، تلاه نيابة عنه وزير الشؤون الخارجية ناصر بوريطة، خلال القمة العربية المنعقدة اليوم السبت 17 ماي 2025 في العراق. وأكد الملك أن القرار يأتي "تجسيدا لموقف المملكة الثابت والداعم للشعب السوري في سعيه نحو تحقيق تطلعاته في الحرية والأمن والاستقرار، مع الحفاظ على وحدة سوريا الترابية وسيادتها الوطنية".

بعد دمشق، جاء الدور على نيروبي. ففي 26 ماي 2025، أعلنت كينيا دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب، ووصفتها بـ"الحل الجاد والواقعي والدائم" لنزاع الصحراء. الإعلان جاء ضمن بيان مشترك صدر عقب مباحثات جمعت وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بنظيره الكيني موسى كوريا، بمناسبة زيارة رسمية للوزير الأول الكيني موساليا مودافادي إلى الرباط.
وشكلت هذه المناسبة فرصة لتدشين السفارة الكينية بالمغرب، ما يعكس انتقال العلاقات بين البلدين إلى مستوى أكثر قوة وتنسيقاً، ليس فقط على المستوى السياسي، بل كذلك في قضايا الأمن الإقليمي والتعاون الاقتصادي.
وفي السياق ذاته، أكدت جمهورية السلفادور نيتها افتتاح قنصلية عامة لها في مدينة العيون، وهو الإعلان الذي يأتي ليعزز الزخم الذي يعرفه ملف الصحراء على المستوى الدبلوماسي بأمريكا اللاتينية، حيث سبقتها بلدان مثل غواتيمالا وهندوراس والدومينيكان في اتخاذ نفس الخطوة.
ويشكل هذا التوجه تأكيدًا إضافيًا على تزايد الدعم الدولي للموقف المغربي، وانخراط شركاء جدد في دعم مقترح الحكم الذاتي الذي يعتبره المغرب الإطار الوحيد الواقعي لإنهاء النزاع.
على الجانب الأوروبي، افتتحت فرنسا يوم 10 ماي 2025، مركزًا لمعالجة التأشيرات بمدينة العيون، في خطوة رمزية لكنها ثقيلة الدلالة. ويتيح المركز الجديد، التابع لشركة "TLS Contact"، لسكان الأقاليم الجنوبية إيداع ملفات طلباتهم دون الحاجة إلى التنقل نحو مدن أخرى، كما يشكل أول تمثيلية قنصلية فرنسية دائمة في الصحراء.
وفي ظل هذا الزخم، تترسخ قناعة راسخة لدى عدد من المراقبين مفادها أن مبادرة الحكم الذاتي لم تعد فقط إطاراً تفاوضياً مطروحاً، بل باتت المرجعية الواقعية الوحيدة للحل، في وقت تتآكل فيه مواقف الأطراف الداعمة للطرح الانفصالي.