السبت 20 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: بوانو ودولة الخم والقانون

عبد الحميد جماهري: بوانو ودولة الخم والقانون

المعجبون بأفلام التشويق والعنف، لا بد أنهم تذكروا شريط ترانسبورطر 3 «السائق»، بطولة ج جيزون ستاتام، وهم يقرأون أو يتابعون عبد الله بوانو وهو يكيل التهم لزعماء المعارضة بتلقيهم رشاوى 2 مليار .

لا أدري لماذا يتفق عبد الله بوانو وأنس الصفريوي على المليارين، واحد يطلبها من الصحافي عبد الرحيم أريري، والآخر يتهم بها الزعماء في المعارضة..

في فيلم ترانسبورتر ثري، البريطاني الأمريكي الفرنسي، الذي أخرجه أوليفيي ميغاتون في 2008، قصة الرئيس الأوكراني ليونيد فاسيليف- من تمثيل جيرويين كرابي، الذي اختطفت ابنته فالانتينا، من تمثيل ناتاليا روداكوفا، ومن تخطيط من مافيا النفايات الملوثة، المجبر على توقيع اتفاقية مع الخاطفين لإطلاق سراح ابنته.

طبعا، لا وجود لأحد يشبه عبد الله بوانو، ولا دوره في القضية المتعلقة بالرشوة والاختطاف. ما يجمع بين الأمرين هو وجود الرشوة، ثم وجود عملية تلويث مقصودة، النفايات النووية في الفيلم، والسجائر في البرلمان.

المخرج والممثلون والمتهمون في الفيلم معروفون، في قضية الرشوة البرلمانية، يلعب عبد الله بوانو دور البطل والشخصيات والمخرج والموزع وصاحب الموسيقى التصويرية،.. ومكان عبد الإله بنكيران نتخيل أنه يتمسح على قطة، كما في فيلم ««فامنطوماس» الشهير.

في بلاد تحترم نفسها لا يمكن أن تتهم أحدا بالرشوة، بدون أن تتقدم إلى النيابة العامة،
وفي بلاد تحترم مواطنيها وتعطي للكلام السياسي معنى، لا يمكن أن تقدم شيئا من هذا القبيل ولا تجد نفسك في الصباح الباكر أمام الشرطة القضائية..

لكننا بلاد لا تحترم مواطنيها ولا تحترم دستورها ولا تحترم كرامتها، لهذا «جيب يا فم واكول».
ولهذا يكون هناك شيء لا أخلاقي تماما في هذا الدفاع الأخلاقي عن الطهارة والأخلاق.

شيء لا يمكن أن يستساغ سوى، في المغرب.. وفي جزر الواقواق.

وعندما يصبح النفاق السياسي نشيدا وطنيا، فلا بأس بأن تتهم سياسيين كبار بالفساد، وتجدهم في البرلمان وليس في السجن، وأن تجد نفسك بطلا، تسوق سيدة مختطفة اسمها البلاد، وتكون أنت أيضا الرئيس.

فريق البرلماني، الذي يفاوضه المختطفون على بلاد مختطفة ويعطيهم.. «الهضرة وسيد الهضري».
لنتصور أن المعطي اتهم الجيلالي، لدى الدرك بأن امرأة الجيلالي سرقت بيضة من دجاجة فخيتة امرأته، ماذا كان سيقع؟

سيتحرك رجال الدرك بواسطة السيارة، ويتنقلون من المخفر إلى الدوار، الذي يبعد بعشرة كلم، وسيحتاجون إلى الغازوال، وسيحتاجون لمصاريف التنقل ، ثم سيجدون أنفسهم يبحثون عن امرأة الجيلالي، الذي يكون هذا الأخير قد طلب منها أن تتنقل إلى دوار أبيها الميلودي، ثم سينطلق رجال الدرك إلى دوار الميلودي، وبعدها يجدون أن ابنة الميلودي توجهت عند أخيها الساكن في دوار لاحونا، ويتنقلون مضطرين إلى الزيادة في الغزوال، ومصاريف التنقل، ثم يضطرون إلى مصاريف الأكل والتغذية، وبعدها يعودون إلى المقر لكي يرحلوا في يوم الغد، ولهم في ذلك أوراق ومكالمات وقيامة كحلة.. وهلم نفقات إلى أن يقبضوا على زوجة الجيلالي.
ثم يكتبون محضرا، ثم ينقلونها إلى وكيل الملك، الذي سيعاين القضية وله في ذك مصاريف ثم القاضي، ثم تنقيلها من جديد إلى السجن..

ثم مصاريف أخرى، ثم هناك الشعور بأداء الواجب والقبض على لصة خطيرة سرقت بيضة من دجاجة فخيتة..

ثم ماذا.. من بعد؟

الدرس الأساسي في الدول التي لا تحترم نفسها.. الدولة والقضاء والنيابة العامة والوزراء والأحكام والسيارات والنفقات والغازوال.. موجودون لكي لا تسرق امرأة الجيلالي، لعيشة بنت الميلودي بيضة..

أما أن تصرف 2 مليار في البرلمان، فتلك قضية لا تراها الدولة، لا يراها حزب الإسلام هو الحق، ولا يراها السيد وزير العدل ولا تراها الدولة، التي أصبحت بقدرة قادر عمياء مثل العدالة لا تحل عينيها إلا إذا صرحت فخيتة بأن عيشة بنت الميلودي سرقت بيضة من خم دجاجتها.
وعوض الحق، سيبيض المغرب.. في الخم لا في المحاكم، وعوض الدولة الحق والقانون سيكون لنا بحول الله دولة الخم.. والقانون على عيشة امرأة الجيلالي بنت الميلودي.

 ومع ذلك يسألوننا لماذا نحن بلاد الدجاجات..