الاثنين 17 مارس 2025
كتاب الرأي

الجيلالي بنحليمة: كأي نظام عسكري.. يراهن النظام الجزائري على تدجين مواقف الجزائريين اتجاه المغرب

الجيلالي بنحليمة: كأي نظام عسكري.. يراهن النظام الجزائري على تدجين مواقف الجزائريين اتجاه المغرب الجيلالي بنحليمة
أتابع منذ مدة حرب التيك توك بين عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مغاربة وجزائريين، ويبدو أن هذه المواقع فتحت منذ مدة خيارات الجبهات الافتراضية، التي يساهم فيها ربما "جنود مدنيون" يعتبرون أنفسهم حاملين لقضية وطنية، وعموما أبانت هذه الشبكات أن رقعة العداء للمغرب توسعت دون مبرر، وسط تجييش غير مسبوق للنظام الجزائري. 

والملاحظة الأساسية أن نشاطات المغاربة والجزائريين على طرفي نقيض، ويبدو نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي المغاربة مستمتعين أكثر في تناول ما يهم البلدين، وتتحكم عمليات البحث والتنقيب في الروايات والمراجع في الكثير مما ينشرون، فضلا عن ظهورهم ملمين بثقافات العديد من المجتمعات وقوانينها ولغاتها، وهذا طبعا منحهم تفوقا في عدد المتابعات والمشاهدات، التي تُعد عملة مواقع التواصل الإجتماعي الأساسية . 

على الجانب الآخر، تظهر علامات الصرامة والعداء المستلهم طبعا من الشحنات التي تلقاها الجمهور من نظام الحكم في الجارة الشرقية للمملكة، والتي يعتبرها حاليا معركة وجود يجب أن يساند فيها النظام بقوة. 

ساحة المواجهات الافتراضية بين المغاربة والجزائريين، لا يطغى عليها موضوع واحد، وعلى الرغم من أن ملف الوحدة الترابية، يظل هو منبع كل هذه المواجهات لكنه يتوارى كثيرا لصالح مواجهات تهم التراث، تهم المجالات الرياضية، تهم موقع كل بلد في الساحة الدولية، الخلاصة أن كل شيء صالح للمواجهة بين الطرفين.

وحتى مع ملاحظة أن رواد هذه المواقع من الطرف الجزائري، يعلنون أنهم يميزون بين النظام في المغرب "المخزن" وبين الشعب المغربي، لكن متابعي الشبكات الاجتماعية يعلمون أن الواقع أمر آخر، وأن الجزائري المساند لنظام بلده، لا يميز بين المغربي أي كان موقعه، لأنه يعتبره عدو في المقام الأول، فبالنسبة للجزائري الذي يتبنى أطروحة نظام بلده، فالمغربي يشكل مصدر للعقد، على مستويات مختلفة، الرياضية الثقافية، البنية التحتية، الثرات، مستويات العلاقات الدبلوماسية، في الغالب الأعم، كل ما يمت بصلة لما يقوم به المغربي من أي موقع هو مصدر إزعاج، فيما تصنف الأصوات الوسط، في زمرة التخوين والعمالة لصالح المغرب. 

لعل أقرب مقارنة يمكن أن تفسر كمية الضغينة، التي استقاها رواد الفضاءات الرقمية، من النظام الجزائري هي لجارين يعرفان بعضهما البعض، بشكل جيد، الأول ثري، وربما تمكن من ثراءه عن طريق بيع إرث، والثاني ثراءه وإمكانياته محدودة، الجار الأول تقريبا لا يخشى الفقر، الثاني دائما يحسب أين يضع الفلس وأين يضع الخطوة، مع مر السنين تعلم الجار الأول الإنفاق دون حسيب، الجار الثاني استغل امكانياته البسيطة في تنويع مصادر دخله، دائما يبدو أنيقا، مسكنه يليق بإنسان محترم نظيف الثياب حسن المنظر، معارفه من طرازه، والمحيطون به قوم ذوو هبة.

الثراء لم يُمكِن الجار الأول من الذي يمتلك الثاني، لا هو نَوّع دخله، لا هو خَيرُ أقرانه، قبيح المظهر، جلِف الطباع، يجمع حوله من هم في شاكلته.

الخلاصة أن الثراء، لم ينفع في تحسين الوضع، ولم يسعف تقريبا في أي شيء لصالح هذا الجار.
ماذا بقي له، استعداء الجار الثاني، يذمه بالفقر، يتهمه بالدسيسة، يحرض ضده، الخلاصة يفعل كل شيء ليستعديه ويصبح عدوا لا مناص منه.

هذا بالضبط ما تفعل الجزائر، بلد بترولي بإمكانيات طبيعية هائلة، وشعب بخصاص كبير لأبسط متطلبات الحياة اليومية، حتى أن الحصول على علبة حليب يلزمه التنقل بين المداشر والانتظار في طوابير لساعات، وطبعا لن يصدق هذا الذي يعتبر علبة حليب معاناة يومية أن هناك شعب جار يمكنه ان يحصل على ما يشاء من هذه المادة وغيرها دون عناء.

كأي نظام عسكري، يراهن النظام الجزائري على تدجين مواقف الجزائريين اتجاه المغرب، واعتباره مصدرا للأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية داخل الجزائر، وعموما لقد أبدت هذه العملية نجاحها من خلال كمية الاستعداء لكل ما هو مغربي داخل أوساط شعبية جزائرية، وطبعا لا يُعلم بالضبط إن كانت العملية مربحة من الناحية المادية لصالح رواد هذه الشبكات، لكن الظاهر أنها كذلك، ما دام أن بعضهم يقضي ساعات يومه في كيل الشتائم المغرب والمغاربة.