السبت 15 مارس 2025
كتاب الرأي

الصديق معنينو: أيها الناس استيقظوا

الصديق معنينو: أيها الناس استيقظوا الصديق معنينو
منذ خمسين سنة اجتاز مئات الآلاف من المتطوعين والمتطوعات الحدود الوهمية الفاصلة بين المغرب وصحرائه... كان ذلك يوم الخميس 6 نونبر 1975 حين رفعت الأعلام والمصاحف وتقدمت الجموع، في أول تجربة يعرفها تاريخ التحرير.

جاءت المسيرة بعد أن رفضت إسبانيا الانسحاب أو التفاوض مما دفع بالمغرب إلى الإستنجاد بمحكمة العدل الدولية ... طرح المغرب مجموعة أسئلة حول مزاعم إسبانيا بأنها وجدت أرض الصحراء خلاء وانعدام أية علاقة بينها وبين المملكة المغربية.

يوم الإعلان
يوم الخميس 16 أكتوبر 1975 صدر الرأي الاستشاري للمحكمة مما دفع بالحسن الثاني إلى إلقاء خطاب تاريخي حلل فيه الأبعاد القانونية لرأي المحكمة... أبرز بالمناسبة مدلول وأبعاد كلمة «البيعة» وبالتالي أعلن عن تنظيم مسيرة شعبية كوسيلة للضغط على حكومة مدريد للتفاوض مع المغرب.
قال الملك بأن المسيرة ستضم ثلاثمائة وخمسين ألف متطوعا عشرة في المائة . منهم من النساء... وأكد أن المسيرة سلمية لكن إمكانية إطلاق النار من طرف الإسبان واردة اهتز المغرب تلك الليلة وأعرب الكثيرون عن رغبتهم في التطوع والذهاب إلى الصحراء.... وليلة الجمعة كانت سجلات التطوع قد ضمت حوالي مليون من النساء والرجال المستجيبين للنداء الملكي.

 
معركة الإعلام
اهتمت وسائل الإعلام الدولية بهذه المبادرة الفريدة وتقاطر الصحافيون على مراكش حيث كان يقيم جلالة الملك... خصصت الإذاعات والتلفزات وأمهات الصحف افتتاحياتها للتعليق على هذا الحدث الفريد.... شككت بعضها بجدية هذه المبادرة واستحالة إنجازها... وأبرزت أخرى الطابع الصدامي لهذه المسيرة والأخطار التي تمثلها.... لكن المسيرة فرضت نفسها إعلاميا مما جعل الرأي العام الدولي يتابعها بكثير من الدهشة والاهتمام.
أذكر التحاقي بمراكش بدعوة من جلالة الملك حيث كلفني بإنجاز برنامج تلفزي لفائدة المتطوعين والرد عن أسئلتهم واستفساراتهم.... وأذكر ذلك النشاط السياسي والدبلوماسي الهائل الذي عاشه قصر الدار البيضاء بجوار القصر الملكي بمراكش.

 
الانطلاقة
يوم الأربعاء 5 نونبر من مدينة أكادير أعلن الحسن الثاني عن انطلاق المسيرة الخضراء واضعا حدا لكل التكهنات... قال الملك... غدا ستنطلق المسيرة....
أذكر صباح سادس نوفمبر حيث كان علي أن أنجز ربورتاجا لفائدة التلفزة المغربية... كنت مع فريق التصوير فوق أول سيارة جيب» تخترق الحدود.... كنت أصيح وأبكي في فترة وفاء للمشاهدين بعد ذلك مشينا عدة كيلومترات وسط الحرارة والترقب حتى وقفنا أمام حاجز عسكري إسباني....
مساء الأحد 9 نونبر سيلقي الحسن الثاني أخطر خطبه حين طلب من المتطوعين العودة إلى المنطلق ومغادرة تراب الصحراء، شاهدت الكثيرين يبكون ويحتجون بعد أن فوجئوا بالقرار الملكي.....
يوم 11 نونبر التحقت بمدريد المتابعة المفاوضات المغربية الإسبانية وأعلنت في مراسلة للتلفزة المغربية عن توقيع اتفاقية يوم 14 نونبر والتي تقضي بانسحاب إسبانيا من الصحراء.... كان الشعور العام هو أن كل شيء قد انتهى....

 
ماذا بعد نصف قرن
كيف سنحتفل بمرور نصف قرن على هذه الملحمة الوطنية؟ كيف سنخلد حدثا صنع مغربا جديدا ليس على مستوى مساحته و جغرافيته ولكن على مستوى تاريخية واستعادة وحدته....؟ هل سنظل أوفياء للمتطوعين الذين كانوا على استعداد للاستشهاد لتحقيق الوحدة وإبعاد المستعمر ؟ هل سنتذكر جنودنا البواسل الذين دافعوا بشجاعة عن الأرض والكرامة وانتصروا في معارك ومواجهات دامت خمس عشرة سنة دفعوا خلالها الثمن غاليا؟ أيها الناس أرجوكم استيقظوا واستعدوا للاحتفال بيوم 6 نونبر 1975... تحية لانتصار عظيم....
يتبع .....