إشراف وتقديم: أحمد فردوس
تحيي جريدة “أنفاس بريس” من خلال سلسلة حلقات “ذاكرة رمضان” ذكرى أحداث فارقة وشخصيات عظيمة وُلدت وأخرى رحلت في هذا الشهر المبارك. سنتناول ملوكًا تركوا بصماتهم في تاريخ الحكم، وعلماءً أثروا الفكر والمعرفة، وفقهاء أسسوا مدارس اجتهادية، ومقاومون كان لهم دور كبير في مقاومة الإستعمار وقدموا تضحيات في سبيل حرية الوطن واستقلاله، وأدباء وشعراء رسموا بالكلمات ملامح عصرهم، ورياضيين وفنانين حملوا اسم المغرب والأندلس إلى آفاق جديدة.
من قرطبة إلى فاس، ومن مراكش إلى غرناطة، شهـدت هذه الأرض ولادة عباقـرة ورحيل كبار، وكأن الزمان يختار هذا الشهر الكريم ليكرم فيه عباده، فيجعل لحظات قدومهم إلى الدنيا أو وداعهم لها تتـزامن مع أيـام الرحمة والمغفرة. إن رمضان ليس شهر النسيان، بل هو شهر الوفاء، ومن واجبنا أن نُحيي ذكراهم، وننفض الغبار عن صفحات مشرقة من تاريخنا، وأن نربط الحاضر بالماضي لنستفيد من تجارب الذين عاشوا ورحلوا تحت نور هذا الشهر المبارك.
“ذاكرة رمضان” ليست فقط رحلة عبر التاريخ، بل هي دعوة للتأمل في عمق التجربة المغربية والأندلسية، ولإعادة الإعتبار لمن أسهموا في تشكيل هذا الإرث الثقافي العظيم حتى لا نقع في فخ النسيان، الذي يُقال إننا لا نملك سواه. وهي أيضا سلسلة حلقات توثق لشخصيات مغربية حديثة ولدت وأخرى توفيت في هذا الشهر العظيم خلال هذا القرن، منهم الأحياء والأموات، شخصيات فاعلة ناجحة ومتألقة في مجالها.
ـ إليكم الحلقة 11 من سلسلة حلقات ”ذاكرة رمضان”
1 ـ يوم وفاة المقاوم الشيخ سيدي بوعمامة
كانت وفاة الشيخ سيدي بوعمامة أكبر المقاومين في المنطقة الشرقية ودفن بمدينة العيون الشرقية في يوم 11 رمضان من العام 1326 هجرية الموافق لـ 07 أكتوبر 1908 ميلادية.
هو محمد بن العربي بن الشيخ بن الحرمة بن إبراهيم والملقب بالشيخ بوعمامة ولد في العام 1838 هجرية بفجيج وتوفي في عام 1908 بالعيون الشرقية الواقعة بين تاوريرت ووجدة. ومما لا شك فيه أن الشيخ بوعمامة ينحدر من قبيلة أولاد الشيخ، وأنه ولد وتوفي بالمنطقة الشرقية للمغرب، وكان رحمه الله في العديد من مراسلاته للسلطان المغربي يعلن طاعته وولاءه للسلطان حيث عاش وحارب الإحتلال الفرنسي.
هو محمد بن العربي بن الشيخ بن الحرمة بن إبراهيم، مغربي بالمولد والمنشأ وبالمقاومة ضد المستعمر، ويصفه الجزائريون بالشخصية التاريخية، المقاومة والصوفية، وقد قاد بنفوذه القبلي والديني وشخصيته الذكية ثورة كبيرة ضد المستعمر دامت 23 سنة، ـ العدو الذي كان يعتبره المغاربة والجزائريون سواء عدوا مشتركا ـ
2 ـ يوم وفاة قاضي طنجة أبن أحمد الكردودي الفاسي
توفي قاضي طنجة أبو عبد الله محمد بن عبد القادر ابن أحمد الكردودي الفاسي في يوم 11 رمضان من العام 1268 هجرية، ودفن بالقباب. وكانت ولادته رحمة الله عليه في شهر رمضان من العام 1217 هجرية.
هو صاحب الشرح على اصطلاح القاموس، وخطبة ألفية ابن مالك، له عدد من المؤلفات نذكر منها: كشف الغمة ببيان أن حرب النظام حق على هذه الأمة، وشرح على خطبة الألفية لابن مالك، وحلية العروس - في اللغة - والدر المنضد الفاخر (في التاريخ) – مخطوط للكردودي "الدر المنضد الفاخر بما لا، لاد مولانا علي الشريف من المحاسن والمفاخر.
3 ـ الشيخ سيدي عبد الرحمن المجذوب
ولد الشيخ سيدي عبد الرحمن المجذوب في شهر رمضان عام 909 هجرية الموافق للعام 1506 ميلادية، برباط تيط قريبا من بلدة أزمور، وتوفي في العام 1568 ميلادية.
رحل وهو صبي مع والده في العام 914 هجرية الموافق للعام 1508 ميلادية إلى نواحي مدينة مكناس وبها تلقى تعليمه.
لقد احتك سيدي عبد الرحمن المجذوب برجال التصوف وهو طفل صغير، بحكم أن والده كان صوفيا. ولسيدي عبد الرحمن المجذوب كلام ملحون لا يخلو من فوائد وحكم، وقد جمعه بعضهم وشرحه وطبعه رباعياته الشعرية الزجلية الشهيرة التي تداولتها الألسن في المغرب العربي ومصر.
عاش سيدي عبد الرحمن المجذوب مدة في غرب المغرب، ولما أحس بقرب الأجل طلب أن يذهب به إلى مكناس، فتوفي في الطريق بجبل عوف، ودفنوه خارج مدينة مكناس بجوار باب عيسى وضريح مولاي إسماعيل وذلك سنة 976 هجرية، ومازال قبره موجودا إلى الآن، وبقيت أقواله سائرة على ألسن الناس في جميع أقطار إفريقيا الشمالية.