الأحد 9 مارس 2025
مجتمع

حوار بين الدكتور أنور الشرقاوي والدكتور بونهير بومهدي .. نحو تحسين التواصل بين الأطباء الإكلينيكيين وأطباء الأشعة

حوار بين الدكتور أنور الشرقاوي والدكتور بونهير بومهدي .. نحو تحسين التواصل بين الأطباء الإكلينيكيين وأطباء الأشعة الدكتور أنور الشرقاوي والدكتور بونهير بومهدي(يسارا)
يسلط هذا الحوار الضوء على أهمية تعزيز التواصل بين الأطباء الإكلينيكيين وأطباء الأشعة، حيث يمكن لتواصل أكثر فعالية أن يقلل من الأخطاء الطبية، ويؤدي إلى ترشيد الفحوصات الطبية، والأهم من ذلك، تحسين رعاية المرضى.

الدكتور أنور الشرقاوي : دكتور بومهدي، أنتم كأطباء أشعة في صلب عملية التشخيص الطبي، لكن يبدو أن التعاون مع الأطباء الإكلينيكيين ليس دائمًا سلسًا. لماذا تظهر بعض الخلافات؟

الدكتور بونهير بومهدي: بالفعل، العلاقة بين الأطباء الإكلينيكيين وأطباء الأشعة قد تواجه بعض الإشكالات.
أحد أكبر التحديات هو الطلبات غير الدقيقة للفحوصات التصويرية. عندما يصف الطبيب فحصًا إشعاعيًا دون تحديد واضح لما يبحث عنه، نُترك أمام عملية تشخيص غامضة.

على سبيل المثال، عندما يكتب الطبيب فقط "ألم في الركبة" دون أي سياق إضافي، فالأمر أشبه بالبحث عن دليل في قضية غامضة. وهذا قد يؤدي إلى تقارير عامة جدًا، أو حتى غير مجدية لتحديد الخطوات العلاجية المناسبة.

الدكتور أنور الشرقاوي : هل تعتقد أن هذا الغموض في الطلبات الطبية يعود إلى نقص في تدريب الأطباء الإكلينيكيين على اختيار الفحوصات المناسبة، أم أن السبب هو ضعف التواصل بين التخصصات؟

الدكتور بونهير بومهدي : أعتقد أن كلا العاملين يلعبان دورًا.
بعض الأطباء الإكلينيكيين لا يجددون دائمًا التدريب الكافي لاختيار الفحص الإشعاعي الأنسب، بينما يفتقر آخرون إلى العادة أو الوقت لتقديم تفاصيل كافية في الوصفة الطبية.

المشكلة تكمن في أن ضغط العمل الكبير لا يسمح لنا دائمًا بالتواصل مع كل طبيب على حدة لتوضيح الطلبات.

الدكتور أنور الشرقاوي : هناك أيضًا عامل آخر يساهم في هذه الفجوة، وهو الضغط الذي يمارسه المرضى أنفسهم.
في عصر الإنترنت، أصبح العديد من المرضى يطالبون بإجراء فحوصات متقدمة مثل الأشعة المقطعية (السكانير) أو التصوير بالرنين المغناطيسي. كيف تتعاملون مع هذا الأمر؟

الدكتور بونهير بومهدي : هذه معضلة حقيقية. العديد من المرضى يأتون إلى العيادة وهم مقتنعون بأنهم بحاجة إلى فحص معين، بناءً على ما قرأوه على الإنترنت.
بعض الأطباء الإكلينيكيين، تحت ضغط المريض، يوافقون على طلبات الفحوصات حتى وإن لم تكن ضرورية من الناحية الطبية.

لكن مع الفحوصات بالأشعة، يجب أن نكون حذرين. الإفراط في الفحوصات غير الضرورية يعرض المرضى للأشعة دون داعٍ، أو قد يؤدي إلى نتائج زائفة تتطلب فحوصات إضافية، مما يسبب القلق للمريض دون مبرر.
الدكتور أنور الشرقاوي : هل تعتقد أن هناك حوارًا كافيًا بين الأطباء الإكلينيكيين وأطباء الأشعة حول هذه القضايا؟

الدكتور بونهير بومهدي : للأسف، الحوار غير كافٍ .
في فرنسا، تشير التقديرات إلى أن أكثر من 50٪ من الأطباء العامين ليس لديهم أي تواصل مباشر مع طبيب أشعة محدد.
أما في المغرب، فلا توجد إحصائيات دقيقة، لكن من الواضح أن نسبة كبيرة من الوصفات الطبية تُكتب دون أي تواصل مسبق مع طبيب الأشعة.

هذا نقص واضح، لأن نقاشًا بسيطًا قبل الفحص يمكن أن يجنب العديد من الفحوصات غير الضرورية ويحسن دقة التشخيص.


الدكتور انور الشرقاوي : الأطباء الإكلينيكيون يسعون إلى سرعة التشخيص، كيف تتعاملون مع هذا الضغط؟

الدكتور بونهير بومهدي : نحاول دائمًا تحسين استخدام التصوير الطبي بحيث يوفر قيمة مضافة حقيقية.
على سبيل المثال، لا معنى لإجراء فحص بالأشعة المقطعية لكل مريض يعاني من آلام الظهر دون علامات إنذارية واضحة.

الدكتور أنور الشرقاوي : وماذا عن علاقتكم مع الجراحين؟ هل هي أكثر سلاسة؟

الدكتور بونهير بومهدي : الجراحون لديهم منظور خاص عند قراءة الصور الطبية، إذ يركزون على ما قد يكون له تأثير جراحي.
في بعض الأحيان، يفسرون بعض النتائج على أنها خطيرة بينما نراها نحن غير ذات أهمية طبية كبيرة. من الصعب أحيانًا تحديد من هو على حق، فالأمر يعتمد على السياق. لكن مجددًا، الحوار المستمر بين التخصصات يمكن أن يساعد في اتخاذ القرارات الصائبة.

الدكتور انور الشرقاوي : ما الحلول التي تقترحها لتحسين هذه العلاقة بين الأطباء الإكلينيكيين وأطباء الأشعة؟

الدكتور بونهير بومهدي : هناك عدة حلول ممكنة: تقديم طلبات فحوصات إشعاعية أكثر دقة، مع معلومات سريرية واضحة. تعزيز التواصل المباشر، سواء عبر الهاتف أو من خلال منصات إلكترونية آمنة. توعية المرضى بشكل أفضل لتقليل الطلبات غير الضرورية. عقد اجتماعات دورية بين التخصصات لمناقشة الحالات الطبية المعقدة.

الدكتور أنور الشرقاوي : في ظل تطور الذكاء الاصطناعي، هل تعتقد أنه يمكن أن يساعد في تحسين هذا التواصل؟

الدكتور بونهير بومهدي : يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد في تصنيف الفحوصات، وتوجيه طلبات التصوير، وحتى اقتراح بروتوكولات تشخيصية مناسبة.
ولكن في النهاية، يبقى التحدي الأساسي بشريًا.
فحتى مع التطور التكنولوجي، يظل التواصل الفعّال بين الأطباء هو المفتاح لتحسين الرعاية الصحية.

الدكتور أنور الشرقاوي : كلمة أخيرة؟

الدكتور بونهير بومهدي : الأطباء الإكلينيكيون وأطباء الأشعة يعملون معًا لنفس الهدف: خدمة المريض. سرّ الرعاية الطبية الناجحة يكمن في تعزيز التعاون مع زيادة الحوار والتنسيق المشترك.


يؤكد هذا الحوار على أن تعزيز التواصل بين الأطباء الإكلينيكيين وأطباء الأشعة ليس رفاهية، بل ضرورة لتقليل الأخطاء الطبية، وترشيد الفحوصات، وتحقيق أفضل رعاية للمرضى.

تحسين هذا التواصل يتطلب جهدًا مشتركًا من جميع الأطراف، من خلال الحوار المستمر، وتوضيح الطلبات الطبية، والاستفادة من التكنولوجيا بطريقة مدروسة، لأن في النهاية، مصلحة المريض هي الهدف الأسمى.